العراق
02 حزيران 2020, 09:30

ماذا يقول البطريرك ساكو للرّابطة الكلدانيّة في عيدها الخامس؟

تيلي لوميار/ نورسات
هنّأ بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو الرّابطة الكلدانيّة لمناسبة مرور 5 سنوات على انطلاقتها، وثمّن جهودها في إرساء التّضامن والوحدة والحوار بين الكلدانيّين في مختلف بقاع الأرض، وذلك في رسالة كتب فيها بحسب موقع البطريركيّة الرّسميّ:

"يسرّني أن أتقدّم بالتّهنئة القلبيّة إلى رئاسة "الرّابطة الكلدانيّة"، وجميع أعضائها، لمناسبة مرور خمس سنوات على انطلاقتها (3 تمّوز 2015)، متمنيًّا لهم الخير والتّقدّم والازدهار في تحقيق أهدافها النّبيلة، ومعربًا لهم عن دعمنا.

لا بدّ أن أعبّر عن تقديري لما حقّقته الرّابطة خلال هذه الفترة من عمرها، وخصوصًا في مجال التّوعية بالوجدان والهويّة الكلدانيّة، والحضور في السّاحة المسيحيّة والوطنيّة، بالرّغم من المعوّقات المختلفة والظّروف القاسية الّتي واجهتها. المعوّقات كثيرة، أذكر منها على سبيل المثال، نقص الدّعم الماليّ، النّقد غير المسؤول من داخل البيت الكلدانيّ، انخراط أشخاص انتهازيّين إلى عضويّتها لطموحات شخصيّة وأنانيّة (يجب غربلتهم)، هجرة النّخبة الفاعلة إلى بلدان الاغتراب، ظروف تهجير المسيحيّين من الموصل وبلدات سهل نينوى، عدم استقرار الوضع السّياسيّ والأمنيّ في العراق، وتفشّي جائحة كورونا. وبالرّغم من كلّ هذه التّحدّيات ظلّت رئاسة الرّابطة متماسكة بحكمة ووضوح. لذا أشدّد بهذه المناسبة، على أهمّيّة بقاء رئاسة الرّابطة في العراق بحماسة وحزم، لغرض التّواصل وتعزيز حضورنا على السّاحة الوطنيّة.

في هذه الظّروف القاسية، وعلى أثر تبعات جائحة كورونا الفتَّاك، لن يكون العالم مثلما كان، ولن نخرج منها كما كنّا سابقًا. إمّا نخرج منها أفضل، أو أسوأ! لذا من الضّروريّ أن نتحلّى بالشّجاعة، لمراجعة وضع الرّابطة وتقييمه وتصويبه، وتغيير التّفكير والأسلوب في سبيل إعداد مرحلة ما بعد أزمة الوباء، لتتمكّن من بناء مستقبل أكثر إيجابيّة مع المؤسّسات الكلدانيّة الأخرى.

هذا التّحوّل يتطلّب التّخلّي عن المماحكات والمهاترات الّتي لا تجدي نفعًا، لانصباب الاهتمام على فعل شيء ملموس بالتّعاون مع السّريان والآشوريّين والأرمن والآخرين لدعم من تبقّى من المسيحيّين على أرض الآباء والأجداد، وتشكيل "خليّة أزمة" لمواجهة التّحدّيات المختلفة، والانقسامات المؤلمة، والتّصدّي لأيّ ضغوطات تعمل على تهجيرهم، وإفراغ مناطقهم والاستحواذ عليها.

لنتضامن ونتكاتف ولا نبعثر جهودنا. ولنتخلَّ عن الطّموحات الشّخصيّة الأنانيّة والمصالح الفئويّة، ولنعزّز الحوار والإصغاء بتواضع وانفتاح وتسامح، من أجل الحفاظ على بقائنا، وتراثنا المشترك وتطويره، والخروج من حلقة "حماة التّراث" الإلكترونيّة، وتكرار كتاباتهم المثيرة، والّتي تتضمّن مغالطات وجهلاً عن التّراث والأصالة. فالأصالة ليست الإبقاء على القديم كما هو، بل العمل على تطويره ليتماشى مع الحاضر الرّاهن، من خلال معرفة أصوله وهدفه.

عمليًّا: لنحافظ على لغتنا "السّورث" في مناطق أربيل وسهل نينوى، وقرى دهوك وزاخو. لندعم التّكلّم بها وتطويرها (وقد طبعنا ولأوّل مرّة كتاب رتب القدّاس الجديد بالسّورث)، وفتح مراكز ثقافيّة فيها، وجلب الاستثمارات للمنطقة لتشغيل أبنائها، وإتاحة فرص العيش الكريم لهم. من يُحبّ أهله وأرضه الأمّ، وتاريخه، ليُسرع في دعمهم معنويًّا ومادّيًّا.

نحن ككنيسة نبارك هذه الجهود وندعمها، لكنّنا نوضح بكلّ صراحة أنّنا لن نتفرّغ لهذا المشروع، لأنّ تفرّغنا هو لرسالتنا في التّنشئة الإيمانيّة والرّوحيّة والأخلاقيّة، وليس للنّشاط القوميّ وتعليم اللّغة. لا توجد كنيسة اللّغةـ بل هناك لغات الكنيسة، وكلّ كنيسة محلّيّة هي في جوهرها كنيسة جامعة لكلّ النّاس، مهما انتقد المتطرّفون المعاندون.

أتمنّى أن يعود رؤساء الكنائس في شرقنا، والعراق بشكل خاصّ إلى قضيّة الوحدة. لدى كنائسنا ما يوحِّدها ويدفعها على المضيّ معًا لتحقيق هذا الهدف النّبيل والوجدانيّ الّذي من أجله صلّى يسوع ليكون تلاميذه واحدًا (يوحنّا 17/ 11). هذه الوحدة ستمكّننا أن نقدّم للعالم صورة حقيقيّة لإيماننا ومحبّتنا وانفتاحنا وتضامننا وشهادتنا الإنجيليّة.

قبل أيّام احتفلنا بعيد حلول الرّوح القدس، ليكن نوره ومواهبه قوّة لنا، في سبيل إيجاد حلول صحيحة وحكيمة، للتّحدّيات الّتي نواجهها، ولمشاكلنا وتبعثرنا.

حفظكم الرّبّ الكريم وحفظ العالم أجمع من وباء كورونا ومن كلّ شرّ وسوء".