دينيّة
04 آب 2019, 07:00

ما هو برنامج الرّسول؟

غلوريا بو خليل
في الأحد التّاسع من زمن العنصرة يُشرِع يسوع في التّبشير مختارًا منطقة الجليل للإنطلاق برسالته، وما هو أفضل من نبوءة أشعيا لتكون المدخل لأولى خطواته. وللإضاءة على إنجيل هذا الأحد (لوقا 4 : 14 – 21)، كان لموقع "نورنيوز" الإخباريّ حديث مع نائب رئيس رعيتي مار أليشاع وسيدة بزعون في بشرّي الرّاهب المارونيّ المريميّ الأب دومينيك نصر، طرح خلاله الأسئلة التي تخطر على بال كلّ مؤمن متعمّقًا بالإجابة لشرح النّقاط الأساسيّة.

 

إستهلّ الأب نصر حديثه بطرح السّؤال الأوّل: "ما هي الجليل بالنّسبة للمسيحيّين الأوّلين واليهود؟" ليشرحه قائلًا: "الجليل ليست منطقة واحدة فهي بالحقيقة تشمل كلّ من: كفرناحوم، قانا، نايين، كورزين، بيت صيدا والنّاصرة التي هي قرية يسوع ومكان نشأته. والجليل هو مكان بدء دعوة التّلاميذ كما وأنّه مكان آخر لقاء ليسوع مع تلاميذه."

ومن الجليل، انتقل الرّاهب المارونيّ المريميّ للسّؤال الثّاني: "لماذا قرأ يسوع سفر النّبيّ أشعيا؟ من كان يحقّ له أن يقرأ الأسفار؟" ليستطرد مجيبًا: "كانت العادة أنّه يحقّ لأيّ شخص يهوديّ أن يقرأ إحدى أسفار موسى الخمسة (التّوراة) أو بعض كتب الأنبياء، ومن العادة أيضًا أن يسلّم خادم الهيكل الكتاب لمن يرغب بالقراءة وعليه بالتّالي أن يفسّر ما قرأ. وهذا الاختيار ليس صدفة، بل أراد الرّبّ أن يبدأ خدمته، مُعلنًا عن نفسه بأنّه هو المسيح المنتظر الذي تكلّمت عنه النّبوءات. وأراد أن يلخّص لهم خطّة عمله "روح الرّبّ عليّ لأنّه مسحني لأبشّر الفقراء وأرسلني لأُعلن للمأسورين تخلية سبيلهم وللعميان عودة البصر إليهم وأُفرج عن المظلومين". نعم، لقد جاء ليبشّر بالفرح للمساكين بالرّوح، الذين ينتظرونه باشتياق، فالمسكين هو البسيط غير القويّ. جاء ليمنح الحرّيّة للمأسورين والمثقلين بالخطيئة، ولا يستطيعون مقاومتها، فالمأسور ليس بحرّيّته في السّجن، ومحكوم عليه ومجبور بدفع الثّمن أكان بالفدية المادّيّة أو بمدّة السّجن ونحن نعرف أنّ الله هو من دفع لنا ثمن خطايانا بدمه القدّوس. جاء ليمنح البصيرة وتغيير الذّهن للذين أظلمت قلوبهم وأفكارهم بخبرات الإثم."

وللتّعمّق أكثر سأل الأب المريميّ "أيّهما أصعب بناء بيت جديد أو تصليح بيت قديم؟ ليجيب بالطّبع تصليح بيت قديم؛ وهذه هي المشكلة التي يعاني منها يسوع مع المتحجّرين بتقاليد وأفكار ومبادئ خاطئة. جاء يُعلن بداية سنة الرّبّ المقبولة التي يحرّرنا فيها من كلّ ضعف عندما بذل ذاته على الصّليب لأجلنا، كما كان يتحرّر كلّ يهوديّ من كلّ دين في سنة اليوبيل التي تتكرّر كلّ خمسين عامًا. وفي "كلمة بداية سنة الرّبّ" يعلن يسوع أنّه عندما تجسّد على الأرض تبدّلت الأمور ولم تعد كالسّابق، فمعه بدأت سنة جديدة أبديّة."

وأكمل الأب نصر مرتكزًا على آية "اليوم تمّت هذه الآية بمسمع منكم"، ليؤكّد لنا أنّ يسوع يخاطبنا دائمًا في صيغة الحاضر "اليوم" وأردف مفسّرًا: "هو لا يعلن فقط أنّه المسيح المنتظر، بل يطمئن أيضًا من هو بانتظار مجيئه بألّا يخاف، وصدم الحاضرين بتعليقه على ما قرأه لأنّهم رأوا فيه ابنًا ليوسف فقط."

وتابع الرّاهب المارونيّ المريميّ "الكنيسة المارونيّة تضع لنا منهجيّة المؤمن على مثال يسوع المسيح، فبعد أحد الثّالوث تقترح علينا الكنيسة المارونيّة التّأمل بهذه العناوين: الرّوح يعلّم، يسوع يبتهج بالرّوح، دعوة الرّسل، إرسال الرّسل، إرسال الرّسل الـ72، روحانيّة الرّسول، واليوم برنامج الرّسول".

وإختتم الأب نصر حديثه طارحًا السّؤال الأخير: "على مثال يسوع ما هو برنامج الرّسول؟، سؤال أجاب عليه قائلًا: "بالرّغم من الرّفض، على الرّسول أن يبدأ رسالته عند بيت أهله؛ عليه أن ينقاد بحسب ما يقول الله له في الكتاب المقدّس ويمشي بحسب الرّوح؛ عليه أن يصبح ممسوحًا، يقود المؤمنين إلى الخلاص؛ من برنامجه الخلاصيّ عليه أن يحرّر المأسورين بالخطايا وجروحات الحياة بيسوع المسيح وأسرار الكنيسة؛ عليه أن يعلن أنّ يسوع هو نور الحياة وبه وحده يمكننا أن نرى حقيقتنا ومعنى وجودنا؛ عليه أن يكون مثالًا يُحتذى به لعيش حياة مليئة بالمحبّة والسّعادة والسّلام."