دينيّة
18 نيسان 2023, 07:00

مسيحيّون في كلّ الأوقات

ريتا كرم
من قال إنّ المسيحيّة هي فقط بالصّلاة والصّوم والممارسات التّقويّة؟ من قال إنّ في المؤسّسات الدّينيّة فقط يتعاطى الأفراد مع بعضهم البعض وفقًا للمبادئ المسيحيّة؟

 

في الواقع، إنّ كلّ ثانية نتنفّس بها على هذه الأرض يجب أن تعبّد درب السّماء لنا ولكلّ من نلتقي بهم من أيّ جنس أو عرق أو دين أو طبقة اجتماعيّة كانوا.

فكم جميل أن نستيقظ صباحًا ونرسم إشارة الصّليب على جباهنا، فنبتسم ونسلّم نهارنا لله ونسير في وجهتنا المعتادة ولكن بقلب جديد وفكر ناضج ويد ممدودة دائمًا نحو الآخر.

كم جميل أن نعير اهتمامًا لأفراد أسرتنا، فنصبّح على كلّ منهم مع عناق أو قبلة أو حتّى نبادلهم ابتسامة رقيقة تعبّر عن محبّتنا وتقديرنا لهم؛ أن نردّد "الشّكر" على كلّ لفتة منهم تجاهنا، وأن نقدّم يد العون من دون أن يطلبونها منّا ونشعر بأوجاع بعضنا البعض ونتقاسم أفراحنا وأتراحنا.

كم هو راقٍ تصرّفنا، عندما ننطلق إلى مراكز الدّراسة أو العمل ونحن نرى أنّنا لسنا وحدنا سائرين على الطّرقات، فإن صادفنا جارًا أو قريبًا أو بعيدًا أو زميلاً لنلتفت إليه مومئين له برأسنا، وإن تعثّر في مكان ما نسعفه وننتشله من سقطته.

وعندما نصل إلى وجهتنا وتحديدًا إلى العمل، وقبل أن نفكّر بتعب النّهار ومشاكله، هلّا ننفض عنّا غبار الأمس ونتصالح مع أخصامنا ونفتح صفحة جديدة معهم فلا أحد يعرف ما يخبّئه لنا الغد "فإنّه إن غفرتم للنّاس زلّاتهم، يغفر لكم أيضًا أبوكم السّماويّ" (متّى 6/14).

لنعش ببرّ وقداسة وتقوى وتعاون وأخوّة كما لو كان آخر يوم في حياتنا، لنحبّ بعضنا البعض حتّى من يعادينا فنسامحهم، لنسعَ للخير ونساعد الآخرين ونرحمهم "فليُرضِ كلّ واحد منّا قريبه للخير لأجل البنيان" (رومية 15/ 2). ليكن عملنا صلاة "لأنّ الله لم يدعُنا إلى النّجاسة بل إلى القداسة" (1 تس 4/7). لنكن كما تقول الآية في رسالة بطرس الأولى 1/ 22: "طّهروا نفوسكم في طاعة الحقّ بالرّوح للمحبّة الأخويّة العديمة الرّياء، فأحبّوا بعضكم بعضًا من قلب طاهر بشدّة".

لنكن مسيحيّين ليس فقط في الأعياد وفي القدّاسات وداخل الكنيسة، بل في كلّ مكان تدوسه أرجلنا، في كلّ كلمة ينطق به لساننا، في كلّ عمل ننتجه، وفي كلّ مناسبة نشارك بها. لنكن مسيحيّين في كلّ الأوقات!