الفاتيكان
22 أيار 2025, 12:30

من دعا البابا لاون الرّابع عشر إلى حمل الوعد بالسّلام الحقيقيّ والدّائم إلى العالم؟

تيلي لوميار/ نورسات
هذا ما دعا إليه البابا لاون الرّابع عشر المشاركين في الجمعيّة العامّة للأعمال الرّسوليّة البابويّة، الّذين استقبلهم صباحًا، حاثًّا إيّاهم على يواصلوا التزامهم بأن يكونوا مرسلي رجاء في وسط الشّعوب.

وفي تفاصيل كلمته لهم، قال البابا بحسب "فانيكان نيوز": "إنّ الأعمال الرّسوليّة البابويّة تُعدّ فعلًا "الوسيلة الأساسيّة" لإيقاظ حسّ المسؤوليّة الرّسوليّة في قلوب جميع المعمَّدين، ولدعم الجماعات الكنسيّة في المناطق الّتي ما تزال الكنيسة فيها فتيّة. نلمس هذا بوضوح في جمعيّة نشر الإيمان، الّتي تقدّم العون لبرامج التّعليم الدّينيّ والعمل الرّاعويّ، ولإنشاء الكنائس الجديدة، ولتلبية الاحتياجات الصّحّيّة والتّربويّة في الأراضي الإرساليّة. وكذلك جمعيّة الطّفولة المقدّسة الّتي تواكب برامج التّنشئة المسيحيّة للأطفال، وتُعنى باحتياجاتهم الأساسيّة وحمايتهم. وعلى النّهج نفسه، تكرّس جمعيّة القدّيس بطرس الرّسول جهدها لدعم الدّعوات الرّسوليّة، الكهنوتيّة والرّهبانيّة، فيما يُعنى اتّحاد المرسلين بتنشئة الكهنة والرّهبان والرّاهبات، وسائر شعب الله، للالتزام في نشاط الكنيسة الرّسوليّ.

إنّ تعزيز الغَيرة الرّسوليّة في قلب شعب الله يبقى جانبًا جوهريًّا في مسيرة تجديد الكنيسة، كما تَصوَّرَه المجمع الفاتيكانيّ الثّاني، والّذي يُعتبر اليوم أكثر إلحاحًا من أيّ وقت مضى. إنّ عالمنا الّذي تجرحه الحروب والعنف والظّلم بحاجة إلى أن يسمع بشرى محبّة الله، ويختبر قوّة نعمة المسيح الّتي تُصالح. وفي هذا السّياق، تُدعى الكنيسة، بجميع أعضائها، على نحو متزايد لأن تكون "كنيسة مرسلة، تفتح ذراعيها للعالم، وتُعلن الكلمة… وتصبح خميرة انسجام في قلب البشريّة". وبالتّالي نحن مدعوّون لأن نحمل لجميع الشّعوب، بل لجميع الخلائق، بشرى السّلام الحقيقيّ والدّائم الّذي صار ممكنًا لأنّ الرّبّ، بحسب تعبير البابا فرنسيس، "قد غلب العالم وصراعاته المتكرّرة إذ حقّق السّلام بدم صليبه.

من هنا تتّضح أهمّيّة أن نغرس روح التّتلمذ الإرساليّ في نفوس جميع المعمّدين، والشّعور الملحِّ بالحاجة إلى حمل المسيح إلى كلّ إنسان. وفي هذا الإطار، أودّ أن أعبّر عن امتناني لكم ولجميع المتعاونين معكم، على ما تبذلونه من جهد سنويّ في التّرويج لليوم الإرساليّ العالميّ الّذي يُحتفل به في الأحد ما قبل الأخير من شهر تشرين الأوّل أكتوبر، والّذي يشكّل عونًا كبيرًا لي في اهتمامي الرّعويّ بالكنائس الّتي تقع ضمن صلاحيّة دائرة البشارة.

اليوم، كما في الأيّام الّتي تلت العنصرة، تواصل الكنيسة، بقيادة الرّوح القدس، مسيرتها عبر التّاريخ بثقة وفرح وشجاعة، وهي تعلن اسم يسوع والخلاص الّذي يولد من الإيمان بالحقيقة المُخلِّصة لإنجيل المسيح. وتُعدّ الأعمال الرّسوليّة البابويّة جزءًا أساسيًّا من هذا الجهد العظيم. وفي إطار تنسيقها للتّنشئة الرّسوليّة وإيقاظ الرّوح الرّسوليّة على المستوى المحلّيّ، أودّ أن أطلب من المدراء الوطنيّين أن يعطوا الأولويّة لزيارة الأبرشيّات والرّعايا والجماعات الكنسيّة، لكي يُسهموا بهذه الطّريقة في مساعدة المؤمنين على إدراك الأهمّيّة الجوهريّة للرّسالات ولدعم إخوتنا وأخواتنا في تلك الأقاليم من العالم حيث ما تزال الكنيسة فتيّة وتنمو بخطى واثقة.

وقبل أن نختم كلمتنا هذا الصّباح، أرغب في التّأمّل معكم في عنصرين مميّزين لهويّتكم كأعمال رسوليّة بابويّة، وهما: الشّركة والبعد الجامعيّ للكنيسة. وكجمعيّات تلتزم في مشاركة الوصيّة الإرساليّة الّتي أوكلها الرّبّ إلى البابا ومجمع الأساقفة، أنتم مدعوّون إلى أن تعزّزوا في قلوب أعضائكم رؤية الكنيسة كشركة مؤمنين، يحيّيهم الرّوح القدس، ويدخلنا في شركة كاملة وانسجام تامّ في سرّ الثّالوث الأقدس. ففي الثّالوث يجد كلّ شيء وحدته. إنّ هذا البُعد من حياتنا المسيحيّة ورسالتنا يلامس قلبي بعمق، وينعكس في كلمات القدّيس أوغسطينوس الّتي اخترتها شعارًا لأسقفيّتي وخدمتي البطرسيّة: نحن واحد في المسيح الواحد – "In Illo uno unum " فالمسيح هو مخلّصنا، وفيه نصبح واحدًا، عائلة واحدة لله، تتجاوز تنوّع لغاتنا وثقافاتنا وخبراتنا.

إنّ التّقدير العميق لشركتنا كأعضاء في جسد المسيح يفتحنا تلقائيًّا على البُعد الجامعيّ لرسالة الكنيسة التّبشيريّة، ويُلهمنا لكي نذهب أبعد من حدود رعايانا وأبرشيّاتنا وأوطاننا، لكي نُشارك جميع الأمم والشّعوب غنى المعرفة السّامية، معرفة يسوع المسيح.

إنّ تجديد التّركيز على وحدة الكنيسة وبعدها الجامعيّ يتماشى تمامًا مع الموهبة الأصيلة للأعمال الرّسوليّة البابويّة، وينبغي أن يُلهم مسيرة مراجعة القوانين والنّظم الّتي بدأتم بها. وفي هذا الصّدد، أُعبّر عن ثقتي بأنّ هذه المسيرة ستُثبّت أعضاء جمعيّاتكم في مختلف أنحاء العالم في دعوتهم لكي يكونوا خميرة غيرة رسوليّة في وسط شعب الله.

أيّها الأصدقاء الأعزّاء، إنّ احتفالنا بسنة اليوبيل المقدّسة يدعونا جميعًا لأن نكون حجّاج رجاء. وبالاقتباس من الشّعار الّذي اختاره البابا فرنسيس لليوم الإرساليّ العالميّ لهذا العام، أُشجّعكم على أن تواصلوا التزامكم بأن تكونوا مرسلي رجاء في وسط الشّعوب. وإذ أوكلكم– أنتم ومحسنيكم وجميع الّذين يشاركونكم في هذه الرّسالة النّبيلة– للشّفاعة المُحبّة لمريم العذراء، أمّ الكنيسة، أمنحكم من قلبي البركة الرّسوليّة كعربون للفرح والسّلام الدّائمين في الرّبّ."