أوروبا
02 أيار 2023, 06:30

ميناسيان من أثينا: ستبقى دماء الشّهداء الشّريان الّذي يغذّي والّذي يحفظنا في أمان ربّنا المخلص

نورسات/ اليونان
وسط أجواء من الأخوّة والمحبّة، ولمناسبة مائة عام على وجود الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة في اليونان، ترأّس كاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، يوم الجمعة، صلاة مسكونيّة في كنيسة القدّيس غريغوريوس المنوّر في أثينا وذلك بمشاركة رئيس أساقفة أبرشيّة حلب للأرمن الكاثوليك المطران بطرس مراياتي، المدبر الرّسوليّ للكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة في اليونان الإكسرخوس جوزيف بيزازيان، والمطارنة مجلس أساقفة اليونان ولفيف من الآباء الكهنة بحضور الأخوات الرّاهبات ومؤمنين.

وتليت الصّلوات والقرءات باللّغتين الأرمنيّة واليونانيّة، كما فاح عبير التّراتيل في كنف الكنيسة معلنًا أنّ الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة قويّة كالصّخر لا تهزّها التّحدّيات والصّعوبات.

وألقى الإكسرخوس جوزيف بيزازيان كلمة ترحيبيّة بالبطريرك ميناسيان والمشاركين من مختلف كنائس اليونان، مؤكّدًا عمق المحبّة الّتي تجمع بين الكنائس على أرض اليونان الطّيّبة المفعمة بالسّلام والوئام بين جميع أبنائها والقاطنين على أرضها.

كما شدّد على أهمّيّة الزّيارة الأبويّة الّتي يقوم بها البطريرك ميناسيان لما تحمل من دلائل إيجابيّة تجاه أبناء الكنيسة ما يعطيهم الأمل والرجّاء والثّبات.

وتخلّلت الصّلاة أيضًا كلمة لميناسيان قال فيها: "هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا!" (مز 132)

أخوتي الأجلّاء في المسيح،

سفر المزامير هذا يعبّر عن الفرح في قلوبنا في هذه اللّحظة، حيث نتواجد بينكم ونتشارك الصّلاة ونسبّح الله معًا.  

في هذه الأيّام الّتي نشهد فيها لقيامة سيّدنا يسوع المسيح، تغمرنا السّعادة لأنّنا موجودون في بلد الحضارة الأصليّة منذ القدم، اليونان.

نشكر الله على النّعم الّتي أغدقها على اليونان والشّعب اليونانيّ، وكلّ من استقبلوا واستضافوا بالمحبّة المسيحيّة الأخويّة. ومن ضمنهم، أبناء الشّعب الأرمنيّ."

أضاف: "منذ العصور القديمة، علاقات الصّداقة والأخوّة بارزة بين الشّعبين الأرمنيّ واليونانيّ، اللّذين مع مجيئ ابن الله إلى العالم، قد انتقلوا الى علاقة الأخوّة بالإنجيل، الّتي لا تنفصل.

من دون الغوص في المراحل التّاريخيّة، أودّ التّذكير فقط بأنّ أعظم رجال الدّين والعلمانيّين الأرمن قد اكتسبوا العلم والمعرفة الرّوحيّة الرّائعة على السّواحل الإغريقيّة.

هنا، يجب التّذكير بالعالم الأرمنيّ الأب ميسروب ماشدوتس، الّذي في العام 405، قد اكتشف الأبجديّة الأرمنيّة بالإلهام الإلهيّ. لقد كان مصمّم هذه الأبجديّة الفنّان اليونانيّ هروبانوس من مدينة ساموساد.

بفضل هذا الاكتشاف، استطاع الشّعب الأرمنيّ التّغلّب على الصّعاب، وعدم النّسيان وحفظ إرث أجدادهم العظيم وإيمانهم المقدّس."

تابع: "لا يمكننا أن ننسى في هذه الأيّام ذكرى 24 نيسان، حين تحيي الشّعوب الفاضلة والصّالحة ذكرى شهداء الإبادة الجماعيّة الأرمنيّة، وفي حين يتعرّض وطنهم حاليًّا للممارسات الظّالمة والضّغوط السّياسيّة والتّهديدات العسكريّة.  

إنّ الدّولة اليونانيّة عام 1996 قد اعترفت رسميًّا بالإبادة الأرمنيّة. كذلك الأمر حتّى يومنا هذا، فإنّ الشّعب اليونانيّ الشّقيق يرفع الصّلاة من أجل أرواح هؤلاء الشّهداء الأبرار.

في عظته، في 12 نيسان 2015، قداسة الحبر الأعظم في روما البابا فرنسيس قد أشار بحقّ الى الإبادة الأرمنيّة باعتبارها "الإبادة الجماعيّة الأولى في القرن العشرين.

ولكن بقلب حزين، نؤكّد أنّها لم تكن الوحيدة بل وقعت بعدها عمليّات إبادة أخرى. على المجتمع الإنسانيّ أن يدين ما سبق من عمليّات الإبادة كي تمنع حصولها لاحقًا.  

في هذه اللّحظة وفي زمن القيامة، علينا أن نزيد من إيماننا مستذكرين كلام المخلّص: "لا يوجد حبّ أعظم، من أن يهب الإنسان حياته لأحبّائه" (يوحنّا 15.15).

مستلهمين من كلمة الرّبّ هذه، نتذكّر الشّهداء الأرمن واليونان معًا، الّذين استشهدوا في سبيل إيمانهم المسيحيّ وهويّتهم الوطنيّة".  

وإختتم: "نحن واثقون من أنّه من خلال العيش معًا وبوئام، ستبقى دماء شهداء شعبينا، الشّريان الّذي يغذّي، والّذي يحفظنا في أمان ربّنا المخلّص القائم من الأموات، وفي ظلّه الأبديّ".

هذا وتخلّل يوم الجمعة إزاحة السّتار عن أوّل نصب تذكاريّ لشهداء الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة على أرض أثينا. فوسط أجواء من التّأثّر الّتي طبعت كلمات استذكار شهداء القضيّة الّتي لم ولن تمحى من ذاكرة التّاريخ، أقيم احتفال كنسيّ وشعبيّ في حديقة كنيسة غريغوريوس المنوّر في أثينا، شارك فيه إلى جانب البطريرك ميناسيان، المطران ثيوفيلستاتوس إيبيسكوبوس ممثّلاً رئيس أساقفة أثينا وسائر اليونان إيرونيموس الثّاني، رئيس أساقفة أبرشيّة حلب للأرمن الكاثوليك المطران بطرس مراياتي، المدبّر الرّسوليّ للكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة في أثينا،والمطارنة أعضاء مجلس أساقفة اليونان، الآباء الكهنة، الأخوات الرّاهبات وفاعليّات رسميّة وحشد كبير من المؤمنين.

وعلى وقع عزف الفرقة النّحاسيّة التّابعة لأثينا، وبتنظيم من كشّاف "الهومنتمن" سار الجميع في زيّاح حاملين الأعلام الكنسيّة والشّموع مرتّلين المسيح قام.

ثمّ دخلوا إلى حديقة الكنيسة المعروفة "بحديقة خانتسيان" استمعوا إلى النّشيدين اليونانيّ والأرمنيّ، وأعقبتهما رقصات من وحي التّراث الأرمنيّ الّتي أكّدت أنّ الثّقافة قادرة على خلق مساحة من المحبّة والتّلاقي.

وما زاد من جماليّة الاحتفال، تلك الأغاني التّراثيّة الّتي أدّاها أحد أبناء الكنيسة وأعلن من خلالها محبّته لكنيسته وإيمانه العميق.

بعدئذ، ألقى الإكسرخوس جوزيف بيزازيان كلمة رحّب فيها بالحضور معبّرًا عن اعتزازه لوجود البطريرك ميناسيان بين أبناء الكنيسة في لحظة المئويّة هذه لأنّها ستشكّل خريطة طريق جديدة مليئة بالأمل.

كما استذكر الشّهداء وأكّد أنّ قضيّتهم لم ولن تموت وستبقى راسخة في الأذهان ومدوّنة في التّاريخ.

ثم، أضيئت الشّموع وأزاح البطريرك ميناسيان السّتار عن النّصب التّذكاريّ بمشاركة الإكسرخوس جوزيف بيزازيان وإحدى السّيّدات الّتي تعدّ من أكبر المعمّرين في الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة في أثينا.

كما وضع إكليلاً من الورد ورفع الصّلاة لراحة نفس الشّهداء مؤكّدًا أنّنا أبناء النّور والقيامة.