لبنان
03 شباط 2023, 11:20

هكذا وصف البروفيسور الأب يوسف مونّس لبنان ومستقبل الموارنة!

تيلي لوميار/ نورسات
عن لبنان وطن الأرز الموارنة الّذين خطّوا تاريخه، اختار البروفيسور الأب يوسف مونّس أن يكتب هذا الأسبوع، مبديًا هذا الرّابط التّاريخيّ فيما بينهما والّذي مهما عصفت الرّياح لن يهتزّ ويتخلخل.

وفي هذا الإطار، كتب مونّس:

"هناك ارتباط عضويّ تاريخيّ تأسيسيّ حضاريّ رسوليّ بين الموارنة ولبنان.

يظهر هذا الارتباط الجذريّ خاصّة في اللّيتورجيا ومجموعة الأناشيد والصّلوات المرتبطة بالأرض، بالجبل، بالوادي المقدّس، بالعائلة، بالكنيسة، وبالأعياد وبالاحتفالات. في جميع الأزمنة الطّقسيّة والعبادات المريميّة والتّشفّع بالقدّيسين والحياة الرّهبانيّة الرّجاليّة والنّسائيّة، وفي الفولكلور والاحتفالات الشّعبيّة وطقوس الحياة والموت والجنازات والأعراس، ورتب الأسرار، وطقوس اللّعب والتّرفيه والتّسلية، أكان ذلك هنا في لبنان أم في بلاد الانتشار.

هويّة مميّزة وذاتيّة شخصيّة فريدة تؤسّس على الحوار مع السّماء والأرض والإنسان والأحياء والأموات في جميع ظروف الحياة. طقوسيّة أدونيسيّة تبنى على البعث والموت والعودة والجمال ووفرة الغلال والخير، إنّها ميثة mythe التّأسيس.

في جميع مواسم وظروف الحياة، دماء أدونيس المقتول من الوحش في غابات لبنان تزهر أقحوانًا أحمر بعين الحياة الدّائمة. وهذا هو لبنان حياة دائمة بالرّغم من الموت والخراب والدّمار، ولو أكلته النّار الّتي يتكلّم عنها أشعيا في نبوءاته. إنّها ميثة mythe الحياة والفرح والبعث والقيامة والرّبيع العائد من الثّلج والبرد. ولو دمّر الانفجار القاتل الوحشيّ بيروت، فستقوم بيروت من الدّمار والخراب والموت. هذا هو طائر الفينيق يقوم من الرّماد جميلاً كأرز لبنان، بهيًّا كوجه أدونيس أو وجه عشتروت. لذلك أرسل الله القدّيسين، في هذا الزّمن الأسود: شربل، رفقا، نعمة الله، أسطفان، يعقوب... ومجموعة الشّهداء والأبرار، ليقول لنا: لا تخافوا لأن يد الله لن تترك لبنان للموت والخراب الدّمار، وستعود بيروت من فم الوحش ومن رمال البحر ستّ الدّنيا والعالم.

هذا هو الرّجاء الّذي يقرع أجراسه الموارنة في لبنان، قائم دائمًا من الموت والخراب والدّمار.

من هنا فإنّ مستقبل الموارنة في مسارهم التّاريخيّ هو دومًا حمل رسالة حضاريّة إنسانيّة فكريّة روحيّة صوفيّة علميّة مليئة بالفرح والأمل والرّجاء. وهذا المستقبل يستند على أوجه رجال عظام كتبوا تاريخ النّهضة العربيّة والثّورة الشّعريّة والفكريّة والفلسفيّة والسّياسيّة والدّيمقراطيّة والتّنوّع.

من يوم قدروا أن يشتقّوا حروف الأبجديّة حتّى ثورة المجمع اللّبنانيّ والمطبعة والإبداعات الملحميّة والشّعريّة والقدسيّة والنّسكيّة والتّأسيس الرّهبانيّ والجامعيّ والسّياسيّ والاقتصاديّ والعلميّ والفنّيّ والفولكلور اللّبنانيّ الغنيّ بالإبداع والإثارة والغنج والدّلال والبطولة والمراجل وتحدّيات الفرسان والخيّالة والرّجال والأبطال.

كلّ ذلك مع الالتزام بما تعلّمه الكنيسة ويقرّره السّيّد البطريرك وقصّة البطل يوسف بك كرم، أكبر مثال على ذلك.

الوطن الّذي أعطى القدّيسين شربل، رفقا، نعمة الله والطّوباويّ أسطفان، لا خوف عليه! فلا نولول ولا نندب ولا نرفع صوتنا بالبكاء والنّحيب، بل فلتكن أصوات رجاء وإيمان وشكر لله الّذي يرسل دومًا لنا الخلاص والفرح ساعة لا ننتظرها."