سوريا
20 كانون الأول 2023, 12:50

يوحنّا العاشر في رسالة الميلاد: نسأل طفل المغارة السّلام للشّرق الحبيب والعالم كلّه

تيلي لوميار/ نورسات
رفع بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر أدعية السّلام عشيّة عيد الميلاد في رسالة توجّه بها إلى رعاة الكنيسة الأنطاكيّة المقدّسة وأبنائها وبناتها حيثما حلّوا في أرجاء الكرسيّ الرّسوليّ، مستهلًّا إيّاها بكلمات التّبسبح الآتية: "هلمّوا بنا لنشاهد بيت لحم كيف فتحت عدنًا... هلمّوا لنجتني محاسن الفردوس في مغارة... هناك بتولٌ ولدت طفلاً فسكّن للحال ظمأ آدم...".

وتابع البطريرك يوحنّا رسالته قائلاً: "بهذه الكلمات وبلسان ناظم التّسابيح تدعونا الكنيسة المقدّسة لنتأمّل ميلاد المسيح. ميلاد المسيح هو ميلاد النّور وميلاد الرّجاء في مسلك حياتنا. ميلاده ميلاد إنسانيّتنا التّائقة إلى إكسير الخلود. ميلاده ميلاد الفرح المبدِّد ظلمة انشغالات الدّنيا.  

في بيت لحم الفقيرة جاءنا الإله المغني. جاءنا من أمٍّ بتول طفلاً ليطفئ ظمأ قلبنا وظمأ إنسانيّتنا إلى الخالق.  

من مغارةٍ في باطن الأرض شاء ساكن السّموات وربّها وسيّد عليائها أن يطلّ على الإنسانيّة الّتي أحبّ. اتّخذ بشريّتها ليرفعها إلى علو ألوهته والتحف بضعفها ليسربلها جبروت قوته. اتّشح البتول حشًا طاهرًا ليخلع من سماويّته على ترابيّة الجبلة.

في بيت لحم من أعمال فلسطين، من جنوب القدس، من جوار الأردنّ ومن فيء أرز لبنان ومن جيرة دمشق ومن ربوع الشّرق جاءنا "مشرق المشارق" المسيح الرّبّ. جاءنا قبل ألفي عام وغرس إنجيله في آذان الرّسل وفي آذان أجدادنا فملكَ في النّفوس وتسيّد عرش القلب واستوطن مذود النّفس جاعلاً من هذه الأرض المشرقيّة مذود بشارته. وهي الّتي اقتبلتْهُ طفلاً في باطن مغارتها ومصلوبًا على جلجلتها وقائمًا من قبر بستانها. هذا الشّرق منّا أكثرُ من أرض. هو هويّة وكينونة وكيان. هذا الشّرق جرن عمادنا في المسيح كمسيحيّين أنطاكيّين. إنّ نزيف هجرة المسيحيّين من شرقهم لأشبه بنزيف حربةٍ تنكأ، ومن جديد، جنب المسيح في جلجلة آلامه.

ونحن على مقربةٍ من عيد الميلاد، ندنو إلى المغارة ونرنو إلى طفلها مودعين إيّاه حياتنا كلّها وسائلين إيّاه، وهو ربّ الرّحمة وإله كلّ تعزية، الرّحمة لمن سبقنا إلى ملقى وجهه القدّوس. نسأله السّلام للشّرق الحبيب الّذي ضمّه متأنّسًا من أجل خلاصنا. نسأله من أجل فلسطين وغزّة النّازفة المصلوبة على قارعة مصالح الأمم وعلى قارعة الصّمت المدان تجاه ما حدث ويحدث فيها من قتلٍ ممنهج. نسأله من أجل سوريا ولبنان ومن أجل سلام العالم كلّه. نسأله أن يسكّن بجبروت صمته جبروت الحروب والصّراعات ويزرع في القلوب بذرة رويّته ونسيم سلامه. نسأله من أجل أخوينا مطراني حلب يوحنّا إبراهيم وبولس يازجي المخطوفين منذ أكثر من عقدٍ من السّنين وسط صمتٍ دوليّ مستنكر ومستهجن وصلاتنا من أجل كلّ مخطوف يقاسي ثمنَ امتهان الإنسانيّة في سوق المصالح.  

أعادها الله عليكم جميعًا أبناءَنا في الوطن وفي الانتشار وعلى النّاس أجمع أيّامًا مباركة ملؤها اليمن والبركة من لدن طفل المغارة، أبي الأنوار وإله كلّ تعزية، آمين".