لبنان
11 نيسان 2023, 06:30

يونان في قدّاس القيامة: جميع المسيحيّين يدّعون محبّة لبنان وخيره فأين هي هذه المحبّة وهذا التّفاني؟

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان، صباح الأحد، بقداس عيد القيامة ورتبة السّلام، في كنيسة مار إغناطيوس الأنطاكيّ- المتحف، عاونه فيه القيّم البطريركيّ العامّ وأمين سرّ البطريركيّة المونسنيور حبيب مراد، وأمين السّرّ المساعد الأب كريم كلش، بحضور جمع غفير من المؤمنين.

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى يونان عظة بعنوان "إن لم يقم المسيح فبشارتنا باطلة ونحن أشقى النّاس"، استهلّها بتحيّة المعايدة التّقليديّة "المسيح قام حقًّا قام"، متأمّلاً "بالقراءات من العهد القديم، إن كان من المزامير، ومن نبوءة هوشع، حيث يتكلّم الأنبياء عن زمن التّبرير بالرّبّ، لا يذكرون اسمه، لكن يذكرون أنّ الله سيفتقد شعبه. وفي نبوءة هوشع، تبرز العبارة عينها الّتي سيردّدها بولس في رسائله: أين شوكتك يا موت، بمعنى أنّ الموت الّذي سنجابهه جميعنا في زمن لا نعرفه، لا يمكن أن يكون نهاية حياتنا الّتي أعطانا إيّاها الرّبّ."  

ونوّه إلى أنّنا "نؤمن أنّه بقيامة يسوع، سنقوم نحن أيضًا ممجَّدين. للأسف نسمع ونقرأ في وسائل التّواصل الاجتماعيّ هذه الأفكار الغريبة الّتي يتمّ نشرها، حيث تجعل من الإنسان سطحيًّا يعيش حياته فقط على الأرض ولا يتطلّع إلى السّماء، بمعنى أنّنا أولاد آباء وأجداد نقلوا إلينا هذا الإيمان، وذكّرونا أنّ حياتنا يجب أن تكون موجَّهة نحو السّماء، نحو الله. لكن اليوم، هذه العقليّة الحديثة الّتي تستند إلى التّكنولوجيا، تجعل أولادنا، أكانوا صغارًا أم شبابًا، يتناسون دعوتنا إلى السّماء، أيّ التّطلّع إلى فوق وعدم الاكتفاء بعيش حياة أرضيّة".

وأشار إلى أنّ "الجمعة العظيمة الّتي احتفلنا بها أوّل أمس، هي عظيمة حقًّا، لأنّ فيها تمّ الفداء على خشبة الصّليب. ويسوع الّذي تحمّل كلّ الآلام لأجلنا، يذكّرنا أنّ الكلمة الأخيرة بالنّسبة للمؤمن ليست للألم والموت، فنحن نشارك يسوع في آلامه ونتبعه حتّى موت الفداء، كي نقوم معه نحن أيضًا في حياة أسعد من هذه الحياة الّتي على الأرض".

وتناول الأوضاع الرّاهنة في لبنان، فقال: "فعلاً كلّكم تختبرون المعاناة الّتي نعيشها هنا في لبنان، في السّابق كنّا نتكلّم عن الأوضاع في العراق وسوريا، ونتشكّى ونشارك آلام المؤمنين هناك، لأنّ الآخرين يعتدون على الشّعب الطّيّب المؤمن. لكن اليوم يجب أن نقرّ بوضوح أنّنا نحن سبب معاناة هذا البلد الّذي هو بلد الإشعاع الحضاريّ والرّسالة لمنطقة الشّرق الأوسط وللعالم، إذ أنّ المسيحيّين، ويا للأسف، لا يزالون يتنازعون وينتقدون بعضهم البعض علنًا، وجميعهم يدّعون محبّة لبنان وخيره. فأين هي هذه المحبّة وهذا التّفاني من أجل لبنان؟.

ولفت إلى أنّه قرأ "منذ بضعة أيّام ما قاله رئيس الجمهوريّة إميل إدّه في مطلع الأربعينات، هذا الرّئيس ذكر بكلّ وضوح وكأنّه في نبوءة: كلّ عشرين سنة يتعرّض لبنان لخضّات، لأنّه بلدٌ مبنيٌّ على أسس طائفيّة، فلا ندّعي بديمقراطيّة على الطّريقة الغربيّة، بمعنى أحزاب تتنافس للحصول على ثقة الشّعب. يقول فخامته إنّه من الصّعب كثيرًا على هذا البلد أن يبقى بلدًا مدنيًّا متحضّرًا، ما دامت الطّائفيّة مسيطرة فيه. واليوم نعلم جيّدًا أنّ الرّئاسات هي طائفيّة، ورئيس الجمهوريّة، كون أنّ عليه أن يكون مسيحيًّا ومارونيًّا، فعلى إخوتنا الموارنة أن يعرفوا أن يتّحدوا ويتّفقوا كي ينقذوا لبنان".

وأردف: "نعم أحبّائي، إن لم نؤمن بقيامتنا مع يسوع، فسنظلّ أشقى النّاس. وفعلاً يجب علينا أن نكرّر هذه الدّعوة، دعوة الفرح ودعوة الخلاص، أنّ حياتنا لن تنتهي على الأرض مهما كانت الظّروف الّتي نعيشها، لأنّنا مدعوّون إلى السّماء".

وإختتم متضرّعًا "إلى الرّبّ يسوع كي يقوّي إيماننا، ويثبّتنا بالرّجاء، ويجعلنا نعيش أعجوبة المحبّة الحقيقيّة، وننسى ذواتنا ومصالحنا، حتّى نستطيع أن نلتقي مع بعضنا كعائلة مسيحيّة واحدة".

وقبل البركة الختاميّة، تكلّم المونسنيور حبيب مراد، فوجّه التّهاني البنويّة باسم جميع الحاضرين إلى البطريرك يونان لمناسبة عيد القيامة المجيدة، سائلاً الله أن يديمه ويحفظه بالصّحّة والعافية، ويغزر فيضَ البركات على خدمته البطريركيّة ورعايته الصّالحة للكنيسة في كلّ مكان، مهنّئًا جميع الحاضرين بالعيد.

وفي نهاية القدّاس، هنّأ البطريرك يونان الأساقفةَ والكهنةَ والإكليروسَ والمؤمنين في كلّ أنحاء العالم بعيد قيامة الرّبّ يسوع من بين الأموات. ثمّ منح الجميعَ البركة الرّسوليّة عربونًا لمحبّته الأبويّة.

وبعدئذٍ استقبل يونان الإكليروس والمؤمنين في الصّالون البطريركيّ، فنالوا بركته الأبويّة، مقدّمين التّهاني بمناسبة عيد القيامة المجيدة.