لبنان
07 حزيران 2019, 08:44

"تيّار العصر الجديد" في المركز الكاثوليكيّ للإعلام

عقدت قبل ظهر الخميس ندوة في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، بدعوة من اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، تحت عنوان "تيّار العصر الجديد"، شارك فيها مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام الخوري عبده أبو كسم، المسؤول عن سلامة الإيمان في مطرانيّة بيروت للرّوم الكاثوليك الأب أنطوان لطّوف، الباحثة والكاتبة في البدع جيزل فرح طربيه، وعن دار المشرق السّيّدة مايا شرفان متّى، بحضور الأب انطوان عطالله، الأب أنطونيوس ابراهيم (أقباط كاثوليك)، ولفيف من الإعلاميّين والمهتمّين ومن مكتبة إسطفان.

 

أبو كسم

بداية رحّب الخوري عبده أبو كسم باسم رئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام المطران بولس مطر بالحضور وقال:

"نجتمع اليوم لعرض مؤلّفات الأب أنطوان لطّوف والّتي تتحدّث عن بدع التّيّارات الحديثة في الكنيسة وأيضًا السّيّدة جيزيل طربية والّتي لها خبرة كبيرة في هذا الموضوع.

نحن في عالم أصبح منفتحًا على بعضه البعض، العالم أصبح قرية كونيّة صغيرة، وسائل الإعلام قرّبت المسافات لدرجة أصبحت هذه المسافات متلاصقة مع بعضها البعض، لا ضوابط، "ما حدا بيشارع حدا" وأصبح الإعلام على قاعدة "يا عنتر مين عنترك"...

كلّ واحد لديه أفكار يطرحها، العالم وخاصّة المؤمنين المسيحيّين يكونون في حالة ارتياب، يدخلون في مشكلة ذاتيّه إيمانيّة ويسألون ما هو رأي الكنيسة؟ واليوم نقول رأي الكنيسة في هذه التّيّارات الحديثة الّتي نراها، في "بدعة العصر الجديد في مواجهة كنيسة المسيح"، وفي "تيّار العصر الجديد" وغيره وغيره... كلّها نظريّات تأخذ الإنسان إلى أماكن تبعده عن إيمانه، كلّها تيّارات عملها محاربة الكنيسة ويسوع حذّرنا من ذلك "إحذروا الأنبياء الكذبة، ولكن ثقوا أنا غلبت العالم". هكذا نستطيع أن نكون القوّة الرّادعة في عائلاتنا وجامعاتنا ومجتمعنا وكنيستنا لتصحيح المسار، وقد صدر السّنة الماضية رسالة عامّة للبطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرّاعي بعنوان "الحقيقة المحرّرة والجامعة" فيها أجوبة مقتضبة على كلّ تساؤلاتنا الّتي نواجهها من جرّاء هذه التّيّارات والبدع.

أشكر الأب أنطوان لطّوف على جهوده وغيرته على الكنيسة، ونحن ككهنة علينا التّبشير بإنجيل سيّدنا يسوع المسيح في العالم بكلّ صفاء وتجرّد وبكلّ موضوعيّة، وأشكر العلمانيّين الّذين لهم أيضًا دور كالسّيّدة جيزيل طربية والسّيّدة مي شرفان متّى من دار المشرق، وكلّ واحد منّا يستطيع أن يكون في خدمة الحقيقة في الكنيسة".

 

متّى

ثمّ كانت كلمة السّيّدة مايا شرفان متّى فقالت:

“يسرُّ دار المشرق، دار النشرِ اليسوعيَّةِ للنّشرِ المكتبيّ والإلكترونيّ في لبنان والعالم العربيّ، أن تشاركَ اليومَ في هذا المؤتمر الّذي يتناول موضوعًا يثيرُ مسألةً بالغة الأهمّيّة، ألا وهي تيّار العصر الجديد أو كما يُعرف بالـ New Age وأيضًا أن تقدِّم عبر هذا المِنبر، كتابَ تيّار العصر الجديد للكاتبة والباحثة الفذّة وصديقة الدّار الملهمة، جيزِل فرح طربيه تتناول فيه الموضوع من وجهةِ نظرِ الإيمانِ المسيحيّ.

هذا الحدث فرصةٌ تتجدّد لتعبّر دارُ المشرق عن امتِنَانِها بالتّعاون مع السّيّدة جيزِل فرح طربيه الّتي تصبُّ كلّ أعمالها في صميم رسالة دار المشرق، رسالةٍ تُعزّز فيها المعرفة، وتُعلي من شأن خدمة العلم والثّقافة في لبنان والعالم أجمع.

ويطيب لي أن أنقل إليكم تحيّات وتمنّيات مدير دار المشرق، الأب صلاح أبو جودة اليسوعيّ، مُهنّئًا جميعَ القائمين على هذا المؤتمر، وكلّ القائمين على إطلاقِ هذا الكتاب القيّم، ونخصّ بالذِّكر مكتبة إسطفان، الموزّع الحصريّ لدار المشرق، والحاضرين اليوم في هذه المناسبة الاستثنائيّة.

ومواكبةً للعصر ومتطلّباته، ها نحن نطلق اليوم، إلى جانب النّسخة الورقيّة، الصّيغةَ الإلكترونيّة من الكتاب، كتاب "تيّار العصر الجديد من وجهة نظر الإيمان المسيحيّ" الّذي يمكنكم تحميلُه الآن، كـ e-Book، من أيّ جهازٍ ومن أيّ مكانٍ في العالم، من على مِنَصَّة كندل أمازون.

نحن نؤمن بما كلّمنا به الرّبّ يسوع فقال: "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاة"."

 

لطّوف

ثم تحدث الأب أنطوان لطّوف حول "بدعة العصر الجديد وتعليم الكنيسة" فقال:

"الكنيسة الكاثوليكيَّة لا ترفض ما هو صحيحٌ ومُقدَّس في الأديان الّتي تَحمل قَبسًا من الحقيقة، وهي تَحترم أساليب عيشها وعقائدها بالرّغم من التّبايُن معها في نقاط عدَّة. وبالرّغم من هذا، لا يسعُنا إلّا أن نُحذِّر من بعض معتقدات تلك الدّيانات، الّتي تتخلّلُها أفكار وعِبادات وثنيّة تُناقض الإيمان المسيحيّ، وقد حذَّرت منها وثائق كَنَسيَّة، خصوصًا لجهة مَزج الممارسات التّأمّليَّة لهذه الدّيانات مع طرائق العبادة والتّأمُّل المسيحيّ.

وقد أصدرت الكنيسة الكاثوليكيّة وثيقتين "يسوع المسيح الحامل الماء الحيّ" عام 2003، و"رسالة إلى أساقفة الكنيسة الكاثوليكيّة في بعض مَظاهر التّأمُّل المسيحيّ" 1989. وهما تؤكِّدان أنّ مُعتقدات "العصر الجديد" لا تتلاءم والإيمان المسيحيّ، وتُحذِّران من الخلط بين طُرُق التّأمُّل المسيحيّ والتّأمُّل غير المسيحيّ.

وفي التّعليم المسيحيّ الكاثوليكيّ للشّبيبة- يوكات Youcat يقول "في التّأمُّل يَبحَثُ المسيحيّ عن السَّكينة لاختبار حضور الله. التّقنيّات التّأمّليّة [الغريبة عن المسيحيّة]، الّتي تَعِدُ باختبار الله وبالوحدة الرّوحيّة معه، هي مُجرّدُ خِدعة"، فقرة 504.

 تعليم القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني يُحذِّر فيه "المسيحيّين المتحمّسين لتقنيّات التّأمّل الّتي تَعرِضُها تَقاليد الشّرق الأقصى. فلا نُخادِع أنفُسَنا بالاعتقاد أنّ "العصر الجديد" هو تَجديدٌ في الدِّين، بل هو ممارسةٌ غنوصيّةٌ* جديدة وموقفٌ روحيّ يَزعمُ تعميقَ مَعرفةِ الله، لكنّه يُشوّه كلمته ويستبدلها بكلمات بشريّة". وبينما يُعلِّمُنا قانون الإيمان النّيقاويّ أنّ الإله تجسّد وصار إنسانًا، تزعم بدعة "العصر الجديد" أنّ الإنسان صار إلهًا، أيّ أنّ الإنسان لا إله له، وهو يَعبُدُ ذاتَه. لكن يقول القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني: "أعبدوا الإله الحقيقيّ وحده، واجعلوا له مكان افتخار في قلوبكم. فعبادة الأوثان تجربة قائمة، والمحزِن أن يلتمسَ كثيرون حلولًا لمشاكلهم في ممارسات دينيّة لا تتوافق والإيمان المسيحيّ." العُبور إلى الرّجاء، ص 135.

 

طربيه

واختتمت النّدوة بكلمة السّيّدة جيزيل فرح طربيه فقالت :

"صدر كتاب "بدعة العصر الجديد في مواجهة كنيسة المسيح" الأب أنطوان يوحنّا لطّوف- جيزل فرح طربيه) وكتاب "تيّار العصر الجديد من وجهة نظر الإيمان المسيحيّ" (جيزل فرح طربيه- دار المشرق)، تلبيةَ لحاجة كنسيّة ملحّة في الإجابة على تساؤلات حول هذا التّيّار ولسدّ عوز في المعرفة بخصوصه على المستويين الرّعائيّ والأكاديميّ ومن أجل التّوعية حول أخطاره.

حاولنا في بحثنا أن نتوّسع ليكون بحثنا شاملاً مع العلم أنّ العصر الجديد كثير التّشعّب. وتطرّقنا إلى إشكاليّات كثيرة منها: خطر تسلّل "العصر الجديد" في الكنيسة، مع الانتشار غير المسبوق  لفكر تيّار العصر الجديدNew Age  المتناقض مع الإيمان المسيحيّ، يُخشى أن يتسللّ هذا الفكر إلى ممارسات ونشاطات الكنيسة الرّعويّة والأكاديميّة. هذا الأمر بدأ يحصل فعليًّا كما تشير إليه وثيقة "يسوع المسيح الحامل الماء الحيّ" الّتي صدرت عن حاضرة الفاتيكان في شباط 2003 وهي تأمّل حول تيّار العصر الجديد.

من أبرز آثار هذا التّسلّل: تهميش عمل النّعمة فقد استبدلوا الرّوح القدس، بطاقات كونيّة مبهمةEnergies cosmiques ؛ تهميش الوحي الإلهيّ، استبدلوا الحقّ المطلق، الحقّ المعلن، بمجموعة من الحقائق النّسبيّة؛ وتهميش التّدبير الخلاصيّ استبدلوا محوريّة الله وخلاصه المجّانيّ، بمحوريّة الأنا والجهد الشّخصيّ.

والكتاب يتضمّن أيضًا الرّدّ على أبرز ادّعاءاتهم الكاذبة الّتي يروّجون لها على مواقع التّواصل الاجتماعيّ والإنترنت والميديا الخ، بالمنطق والبرهان العلميّ. وقد جمعنا استشهادات لأطباء اختصاصيّينن وباحثين جامعيّين، علماء نفس، معالجين نفسيّين، علماء اجتماع برهانًا على أخطار التّأمّلات الشّرقيّة الآسيويّة مثل اليوغا وما شابهها. على كلّ المستويات الجسديّة النّفسيّة والرّوحيّة.

تكلّمنا بالتّفصيل عن إشكاليّات فكر اليوجينيا Eugenisme وعبر الأنسنة Transhumanisme لأوّل مرّة في اللّغة العربيّة وفي شرقنا، وأعطينا ردودًا عليها بالاستناد إلى تعاليم الكنيسة".