"ليشهد مسيحيّو الشرق الأوسط، في الأرض التي مزّقتها الحروب للمسيح": البابا فرنسيس
بهذه الكلمات، اسقبل البابا القدّيس يوحنّا بولس الثاني مار دنخا الرابع، بطريرك كنيسة المشرق الآشوريّة، في اللقاء الرسميّ الأّول بين أسقف روما وبطريرك كنيسة المشرق الآشورية لأربعين سنة خلت. هذه الكلمات مأخوذة من قرار المجمع الفاتيكانيّ الثاني في "الحركة المسكونيّة" Unitatis redintegratio "استعادة الوحدة" الذي تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بذكراه الستين هذا الشهر.
تابع البابا فرنسيس يقول: "لقد كانت "الرغبة في الوحدة"، هي التي دفعت أسلافنا لكي يلتقوا. هذه الرغبة، وفقًا للتعبير الجميل للقدّيس يوحنّا كاسيان، هي نعمة ألهمت الحركة المسكونيّة منذ نشأتها ويجب أن ننمّيها باستمرار. ولأنّ الروح القدس هو من يولّدها، فهي ليست سوى رغبة المسيح المتّقدة، التي عبّر عنها عشيّة آلامه "ليكونوا جميعًا واحدًا". يا صاحب القداسة، أيّها الأخ العزيز، إنّ الرغبة، هي التي تحرّكنا اليوم، ونحن نحتفل بالذكرى الثلاثين للإعلان الكريستولوجيّ المشترك بين كنائسنا، والذي وضع حدًّا لألف وخمسمائة عام من الجدل العقائديّ الذي أحاط بمجمع أفسس. لقد اعترف هذا الإعلان التاريخيّ بشرعيّة التعابير المختلفة لإيماننا الكريستولوجي المشترك ودقّتها كما صاغها الآباء في قانون الإيمان النيقاويّ. وأصبح هذا النهج "التأويليّ" ممكنًا بفضل مبدأ أساسيّ أكّده القرار المجمعيّ، وهو أنّ الإيمان نفسه، الذي سلّمه الرسل، تمّ التعبير عنه وقبوله بأشكال وطرق مختلفة وفقًا لظروف الحياة المختلفة.
أضاف الأب الأقدس يقول إنَّ الإعلان الكريستولوجي المشترك بالتحديد هو الذي أعلن عن إنشاء لجنة مشتركة للحوار اللاهوتيّ بين كنائسنا، والتي أسفرت عن نتائج ملحوظة، على المستوى الرعويّ أيضًا. وذكر، بشكل خاصّ، اتّفاق عام ٢٠٠١ حول "نافور رسل آداي وماري" الذي سمح للمؤمنين المعنيّين بنوع من الشركة في الأسرار في ظروف معيّنة؛ وفي عام ٢٠١٧ الإعلان المشترك حول "الحياة الأسراريّة، وفي الآونة الأخيرة، ومنذ سنتين، وضعت وثيقة حول "صور الكنيسة في التقليد السريانيّ واللاتينيّ" الأساس لفهم مشترك لدستور الكنيسة.
تابع الحبر الأعظم يقول: "لذلك، تتاح لي اليوم الفرصة لأشكركم جميعًا، أنتم اللاهوتيّين أعضاء اللجنة المشتركة، على التزامكم. في الواقع، لولا عملكم، لما كانت هذه الاتّفاقات العقائديّة والراعوية ممكنة. أرحب بنشر كتاب تذكاري يتضمن مختلف الوثائق التي تحدد مراحل مسيرتنا نحو الشركة الكاملة."
أردف البابا: "لا غنى عن الحوار اللاهوتيّ في مسيرتنا نحو الوحدة، لأنّ الوحدة التي نتوق إليها هي وحدة في الإيمان، شرط ألّا ينفصل حوار الحقيقة عن حوار المحّبة وحوار الحياة. إنَّ هذه الوحدة في الإيمان قد بلغها قدّيسو كنائسنا. وهم أفضل مرشدينا على الدرب نحو الشركة الكاملة. لهذا السبب، وبموافقتكم وبطريرك الكنيسة الكلدانيّة، وبتشجيع أيضًا من السينودس الأخير للكنيسة الكاثوليكيّة حول السينودسيّة الذي أشار إلى أنّ مثال قدّيسي الكنائس الأخرى هو "عطيّة يمكننا أن ننالها من خلال إدراج الاحتفال بتذكارهم في تقويمنا الليتورجيّ"، يسرّني أن أعلن أن سيتمّ إدراج القدّيس إسحق النينويّ، أسقف نينوى، أحد أكثر آباء التقليد السريانيّ الشرقيّ تبجيلًا، والمعترف به كمعلّم وقدّيس من قبل التقاليد المسيحيّة كلّها، في سنكسار الكنيسة الرومانيّة.
وخلص البابا فرنسيس إلى القول ليشهد مسيحيّو الشرق الأوسط، بشفاعة القدّيس إسحق النينويّ، وبالاتّحاد، بشفاعة الطوباويّة مريم العذراء، والدة المسيح إلهنا ومخلّصنا، دائمًا للمسيح القائم من بين الأموات في تلك الأراضي التي تمزّقها الحروب. ولتستمرّ في الازدهار الصداقة بين كنيستينا، حتّى اليوم المبارك الذي سنتمكّن فيه أن نحتفل معًا على المذبح عينه ونتناول من جسد المخلّص عينه ودمه "لكي يؤمن العالم!". شكرًا لك يا صاحب القداسة، وشكرًا لكم جميعًا على هذه الزيارة. لنبقى متّحدين في الصلاة المتبادلة.