دينيّة
29 آذار 2019, 08:00

في بعلبكّ.. شهيد غيور

ريتا كرم
تعيّد الكنيسة المارونيّة اليوم تذكار الشّهيد كيرلّس البعلبكيّ، شمّاس كنيسة هيليوبوليس في لبنان بأمر الملك قسطنطين الكبير. هذا الشّهيد الّذي قدّم- سنة 362 م- أمثولة في الغيرة العظمى على الإيمان المسيحيّ، غيرة كلّفته حياته.

 

رفض كيرلّس عبادة الأصنام، فوقف في وجه الوثنيّين في بعلبك وحطّم أصنامهم فنقموا عليه واضطرمت في قلوبهم نار الحقد وخطّطوا للانتقام منه ومن المسيحيّين.

تزامنت الحادثة مع حكم الملك يوليانوس الجاحد الّذي عُرف باضطهاده للمسيحيّين ولاسيّما مسيحيّو فينيقيا وفلسطين. فانقضّ الوثنيّون على الشّمّاس الغيور: شقّوا أمعاءه، أخرجوا كبده وأكلوها انتقامًا. غير أنّ الله عاقبهم، فيقول تاودوريطوس: "من يمكنه أن يقصّ ما جرى من الجور على كيرلّس البعلبكيّ ولا تهطل دموعه؟... إنّ كلّ الّذين أقدموا على ذلك الإثم الفظيع، تكسرّت أسنانهم وأكل الدّود ألسنتهم وفقدوا أبصارهم".

يعود بنا الشّهيد كيرلّس إلى زمن الأجداد القدّيسين الّذين كان إيمانهم صادقًا خاليًا من الزّيف والتّزلّف، هؤلاء الّذين أحبّوا الله إلى أقسى الدّرجات فغاروا على بيته وشعبه.

هو أيقونة في الشّهادة الّتي ما أخافته ولا أبعدته عن درب القداسة؛ هو مثال للابن الحرّ المتحرّر من كلّ القيود والأفكار؛ هو صورة حيّة عن أبيه السّماويّ.

إنّ شهادته تهزّ الضّمائر النّائمة وتلك الرّاضخة لأصنام الأرض فكرًا وجسدًا. هي توقظهم على حقيقة أنّ  كلّ شيء على هذه الأرض فانٍ.

هي تذكّرنا بالشّهداء الأوائل الّذي قادوا مسيرة الإيمان، وبشهداء عصرنا الّذين لا يزالون يسقطون رافضين التّخلّي عن يسوعهم فلبسوا إكليل المجد.

اليوم، في ذكرى الشّهيد كيرلّس البعلبكيّ، نطلب شفاعته وشفاعة كلّ الشّهداء الأبرار، لكي ننال القوّة والرّجاء فنثبت أمام كلّ الظّروف في إيماننا، آمين!