إلى من سلّم البابا فرنسيس جائزة راتزنغر؟
وفي كلمة للمناسبة، عبّر البابا عن تقديره ومحبّته للبابا الفخريّ بنديكتوس السّادس عشر "الّذي نحن له ممتنّون على تعليمه وعلى المثال الّذي قدّمه في خدمة الكنيسة بالتّأمّل والتّفكير والدّراسة، الإصغاء والحوار والصّلاة كي يبقى إيماننا حيًّا وواعيًا رغم تغيّر الأزمنة والأوضاع، وكي يُبرز المؤمنون إيمانهم بلغة يفهمها الآخرون وأن يتحاوروا معهم للبحث معًا عن طرق لقاء الله في زمننا".
وتوقّف البابا عند الحوار الفعّال مع الثّقافات الّتي تتغيّر مع مرور الوقت وتتنوّع في مناطق العالم المختلفة، وقال نقلاً عن "فاتيكان نيوز": "إنّ هذا الحوار هو واجب بالنّسبة للّاهوت إلى جانب كونه شرطًا ضروريًّا بالّنسبة لحيويّة الإيمان المسيحيّ والكرازة كرسالة الكنيسة".
من جهة ثانية، عبّر البابا عن إعجابه بالفائزين وامتنانه لما قدّماه، فبدأ بالفيلسوف الكنديّ تشارلز تايلور مشيرًا إلى "اهتمامه بمجالات كثيرة في دراساته وتعليمه وعمله إلّا أنّه كرّس جهوده بشكل خاصّ لفهم ظاهرة العلمنة والّتي تمثّل تحدّيًا كبيرًا أمام الكنيسة الكاثوليكيّة، بل للمسيحيّين جميعًا كما ويمكن القول لجميع المؤمنين بالله. إنّ قليلين هم مَن توقّفوا أمام العلمنة بهذه النّظرة المتوسّعة مثل ما فعل البروفيسور تايلور الّذي نشكره على عمق دراسته وتحليله المتنبّه لتطوّر الثّقافة الغربيّة والحداثة، ما يساعدنا على قراءة غير محدودة للتّغيّرات الّتي طرأت على الممارسة الدّينيّة ويدعونا إلى البحث عن طرق جديدة للتّعبير عن وعيش البعد السّامي للنّفس البشريّة، الأبعاد الرّوحيّة الّتي يواصل الرّوح القدس عمله فيها حتّى وإن كنّا لا ننتبه إلى هذا للوهلة الأولى. هذا يجعلنا نواجه العلمنة الغربيّة بشكل غير سطحيّ أو بيأس، وهذا أمر هامّ لا فقط للتّأمّل في ثقافة زمننا بل وفي المقام الأوّل من أجل حوار وتمييز متعمّق من أجل التّصرّف بشكل مناسب لعيش الإيمان في زمننا، الشّهادة له، التّعبير عنه وإعلانه".
أمّا الفائز الثّاني اللّاهوتي اليسوعيّ الأب بول بيريه فذكّر البابا فرنسيس بأنّه "أوّل أفريقيّ يحصل على الجائزة وبكونه دارسًا للكتاب المقدّس يحظى بالتّقدير". وفي هذا الإطار، أعرب البابا عن تقديره وتشجيعه لجميع العاملين من أجل انثقاف الإيمان في أفريقيا من خلال دراسة جديدة ومتعمّقة، مذكّرًا بالشّخصيّات الكبيرة الّتي قدّمتها أفريقيا الشّماليّة للكنيسة خلال القرون الأولى للمسيحيّة، مشيرًا إلى أنّ "اللّاهوت الأفريقيّ اليوم لا يزال شابًّا لكنّه يبدو ديناميكيًّا وواعدًا"، والأب بول بيري هو مثال عنه من خلال عمله على ترجمة نصوص العهد القديم في إطار ثقافة شفويّة، مستفيدًا من خبرة الثّقافات الأفريقيّة، هذا إلى جانب عمله من أجل معرفة وفهم وتقبل الإطار الأفريقيّ في السّينودسات الّتي شارك فيها.
وأنهى البابا فرنسيس مؤكّدًا أنّه مع تنوّع الثّقافات يمكن ويجب دائمًا البحث عن طريق الله والتّوصّل إلى ولقاء المسيح.