الفاتيكان
14 تشرين الثاني 2022, 14:50

البابا فرنسيس: لا يسمح لنا اليوم أن نبقى على الحياد

تيلي لوميار/ نورسات
دعا البابا فرنسيس أعضاء شبكة الصّيادلة Apoteca Natura إلى تحمّل المسؤوليّة والاستجابة لصرخة الأرض والفقراء والمساهمة في نشر ثقافة العناية، فلا يمكن اليوم البقاء على الحياد بحسب تعبيره.

كلام البابا جاء في كلمة توجّه بها إليهم، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "جعلتني خبرتكم في البحث في الطّبيعة عن إجابات للمشاكل الصّحّيّة أفكّر في منطقة الأمازون. أعلم أنّه يمكنكم فهم ترابط الأفكار هذا جيّدًا. إنَّ الشّعوب الأصليّة- في منطقة الأمازون كما في مناطق أخرى من العالم- هي مستودعات الإرث الغنيّ للعلاجات الطّبيعيّة؛ ولكنّها هي أيضًا، للأسف، تواجه خطر أن تضيع وأن تنطفئ الثّقافات الأصليّة.

أرى في عملكم علامة إيجابيّة للأزمنة: أسلوب إبداعيّ لممارسة الأعمال التّجاريّة وتوليد فرص عمل انطلاقًا من حدس بيئيّ بالكامل، حدس يجيب على الحاجة الأولويّة اليوم لإيجاد انسجام جديد بيننا نحن البشر والخليقة. وفي شبكة الصّيدليّات الخاصّة بكم، أرى أيضًا حدسًا آخر سعيدًا: محاولة تطوير ما هو سمة مميّزة للصّيادلة، أيّ علاقة شخصيّة مع سكّان المنطقة، وقدرة معيّنة على الإصغاء لكي تتمكّنوا من أن تقدّموا المشورة والتّوجيه... ومع ذلك، حتّى لو أنّ الأمر لا يتعلّق باختراع خاصّ بكم، إلّا أنّكم تنوون أن تستثمروا في هذا الجانب، الّذي هو أمر مهمّ جدًّا في منظور الرّعاية الصّحّيّة الأساسيّة.

لنعُد إلى ما يبدو لي أنّه الحدس الأصليّ لنشاطكم والّذي يمكن تلخيصه في كلمتين: الانسجام والعناية. أوّلاً الانسجام هو مفهوم عزيز جدًّا على قلبي. كما وأنّ له قيمة لاهوتيّة وروحيّة عالية. لا بل يمكن اعتباره اسمًا لله، لأنّ الرّوح القدس هو نفسه الانسجام. لهذا السّبب، فإنّ الخيلقة، الّتي خلقها الله الّذي هو انسجام، تعكس مخطّط الخالق، وعلى الرّغم من أنّها مطبوعة بالشّرّ الّذي لوّثها، لكنّها تتوق دائمًا إلى الخير والانسجام. في رسالته إلى أهل روما يلمس القدّيس بولس هذه الحقيقة بقوله إنّ "الخليقة قد أُخضِعَت للباطل" وهي نفسها "تئنّ إلى اليوم من آلام المخاض". في الظّاهرة المتعدّدة الأشكال للكون، وبشكل خاصّ للحياة بجميع تعابيرها، يمكننا أن نتعرّف على مخطّط، ويقول بولس إنَّ "الخليقة تنتظر بفارغ الصّبر"، كما لو أنَّ رجاء الله- رجاء الخلاص والشّركة- ينعكس في خليقته.

واليوم في عالم معولم ومترابط، أصبحت المواجهة بين ثقافتين أكثر وضوحًا: ثقافة الاستهلاك والهدر، من ناحية- والّتي هي شكل من أشكال العدميّة- وثقافة العناية من ناحية أخرى. ولذلك لا يُسمَح لنا اليوم أن نبقى على الحياد. بل يُفرض علينا خيار لأنّ صرخة الأرض وصرخة الفقراء تطلبان منّا المسؤوليّة. إنّ ثقافة الاستهلاك والهدر منتشرة للغاية وتؤثّر على العديد من تصرّفاتنا اليوميّة، وكذلك أيضًا يتمُّ التّعبير عن ثقافة العناية في العديد من الخيارات الصّغيرة والكبيرة، الّتي دُعينا جميعًا للقيام بها، بحسب الدّور الّذي نشغله. لقد أرادت الرّسالة العامّة "كُن مُسبّحًا" أن تكون، للكنيسة جمعاء ولجميع الرّجال والنّساء ذوي الإرادة الصّالحة، نداءً لاتّخاذ موقف عناية بوعي وتصميم. وكما أعرفكم، أعتقد أنّني أستطيع أن أقول إنّ عملكم يستجيب لهذا المنطق وأسلوب الحياة هذا.

يمكن لكلِّ فردٍ منا، كلٌّ في دوره الخاصّ، أن يساهم في نشر ثقافة العناية. أشكركم على ما تقومون به، انطلاقًا من مجال عملكم، في البحث أيضًا عن تقديم مساهمة ملموسة لتنمية اقتصاد مختلف، يتمحور حول الشّخص البشريّ والخير العامّ. أبارككم جميعًا من كلِّ قلبي مع عائلاتكم. وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي."