الفاتيكان
04 آذار 2024, 15:00

البابا فرنسيس: لتساعدنا العذراء مريم لكي "نخلق بيتًا" مع الله، بين بعضنا البعض ومن حولنا

تيلي لوميار/ نورسات
قبل تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ مع المؤمنين ظهر الأحد في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان، ألقى البابا فرنسيس كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"يُظهر لنا الإنجيل اليوم مشهدًا قاسيًا: يسوع يطرد الباعة من الهيكل. يسوع يبعد الباعة، ونَثَرَ دَراهِمَ الصَّيارِفَةِ وقلَبَ طاوِلاتِهم، ويحذّر الجميع قائلاً: "لا تَجعَلوا مِن بَيتِ أَبي بَيتَ تِجارَة". لنتوقّف بشكل خاصّ على التّناقض بين البيت وبيت التّجارة: إنّهما في الواقع طريقتان مختلفتان لكي نضع ذواتنا أمام الرّبّ.

في الهيكل الذي يُعدُّ كبيت تجارة أو كسوق، لكي تكون أمورنا على ما يرام مع الله، كان يكفي أن نشتري خروفًا وندفع ثمنه ونأكله على جمر المذبح. اشتري، وادفع، واستهلك، ومن ثم يعود كلّ فرد إلى بيته. ولكن في الهيكل، الذي يُعدُّ كبيت، يحدث العكس: يذهب المرء لكي يلتقي بالرّبّ، ويتّحد به ومع الإخوة، ويتقاسم الأفراح والأحزان. كذلك: في السّوق يتمّ اللّعب بالأسعار، أمّا في البيت فلا توجد حسابات؛ في السّوق تبحث عن مصالحك الخاصّة، أمّا في البيت فتعطي مجانًا وبدون مقابل.

يسوع اليوم هو قاس لأنّه لا يقبل أن يحلّ الهيكل-السّوق محل الهيكل-البيت، وأن تكون العلاقة مع الله بعيدة وتجارية بدلاً من أن تكون قريبة وواثقة، ولا يقبل أن تحلّ طاولات الباعة محلّ المائدة العائليّة، وأن تحل الأسعار محل العناق والمال محلّ الحنان. ولماذا لا يقبل يسوع ذلك؟ لأنّه بهذه الطّريقة يُخلق حاجز بين الله والإنسان، وبين الأخوة، فيما أنّ المسيح قد جاء ليحمل الشّركة والرّحمة والقرب.

إنّ الدّعوة اليوم في مسيرة الصّوم أيضًا هي أن نخلق في أنفسنا ومن حولنا بيتًا ولا سوقًا. أوّلًا تجاه الله، كيف؟ بالصّلاة، كأبناء يقرعون باب أبيهم بثقة بلا كلل، وليس كتجار بخلاء وعديمي الثّقة. ومن ثمّ من خلال نشر الأخوَّة. وهناك حاجة ماسة لها. لنفكر في الصّمت المحرج والذي يعزل، والعدائيّ في بعض الأحيان، الذي نواجهه في العديد من الأماكن.

لنسأل أنفسنا إذًا: أوّلًا، كيف هي صلاتي؟ هل هي ثمن يجب أن أدفعه أم أنّها لحظة الاستسلام الواثق، التي لا أنظر فيها إلى السّاعة؟ وكيف هي علاقاتي مع الآخرين؟ هل أعرف كيف أعطي بدون انتظار المقابل؟ هل أعرف كيف أقوم بالخطوة الأولى لكسر جدران الصّمت وفراغات المسافة؟ لتساعدنا العذراء مريم لكي "نخلق بيتًا" مع الله، بين بعضنا البعض ومن حولنا.

وبعد تلاوة صلاة التبشير الملائكيّ حيّا البابا فرنسيس المؤمنين وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أحمل يوميًّا في قلبي، ألم السّكان في فلسطين وإسرائيل، بسبب الأعمال العدائيّة القائمة. إنّ آلاف القتلى والجرحى والنّازحين والدّمار الهائل جميع هذه الأمور تسبب الألم، وهذا الأمر يؤدي إلى عواقب وخيمة على الصّغار والعزّل، الذين يرون مستقبلهم معرضًا للخطر. أسأل نفسي: هل نعتقد حقًا أنّنا نستطيع بناء عالم أفضل بهذه الطّريقة، هل نعتقد حقًا أنّنا نستطيع أن نحقق السّلام؟ كفى من فضلكم! لنقل جميعًا: "كفى، من فضلكم!" توقّفوا! أشجع على مواصلة المفاوضات من أجل التّوصّل إلى وقف فوريّ لإطلاق النّار في غزّة وفي جميع أنحاء المنطقة، ولكي يتمّ إطلاق سراح الرّهائن على الفور وإعادتهم إلى أحبّائهم الذين ينتظرونهم بفارغ الصّبر، ويتمكّن السّكان المدنّيون من الوصول الآمن إلى المساعدات الإنسانيّة الضّروريّة والملحّة. ومن فضلكم، دعونا لا ننسينَّ أوكرانيا المعذّبة، حيث يموت الكثيرون كلّ يوم، وهناك الكثير من الألم.

يصادف يوم ٥ من آذار/ مارس اليوم الدّوليّ الثّاني للتّوعية بنزع السّلاح وعدم الانتشار. كم من الموارد تُهدر على الإنفاق العسكريّ، الذي للأسف يستمرُّ في التّزايد بسبب الوضع الحاليّ! أتمنّى أن يفهم المجتمع الدّوليّ أن نزع السّلاح هو في المقام الأوّل واجب: إنَّ نزع السّلاح هو واجب أخلاقيّ. لنضع هذا في رؤوسنا. وهذا الأمر يتطلّب الشّجاعة من قبل جميع أعضاء عائلة الأمم الكبيرة للانتقال من توازن الخوف إلى توازن الثّقة."