الفاتيكان
10 كانون الثاني 2024, 14:20

البابا فرنسيس يحذّر من رذيلة الشّراهة

تيلي لوميار/ نورسات
عند رذيلة الشّراهة توقّف البابا فرنسيس اليوم في تعليمه الأسبوعيّ خلال المقابلة العامّة، منطلقًا من المعجزة الأولى ليسوع في عرس قانا الجليل والّتي فيها "كشف يسوع تعاطفه أمام أفراح البشر" بحسب ما قال الأب الأقدس، إذ أنّ "يسوع كان يريد للعرس أن ينتهي بشكل جيّد فوهب العرّيسين الخمرة الجيّدة"، ليوضح أنّ رغبة يسوع تكمن في الشّركة والقرب إزاء الجميع، إذ "كان يجلس حول المائدة ويثير دهشة البعض لا فقط لكونه رحومًا مع الخطأة بل ولأنّه كان أيضًا يأكل معهم". ولفت البابا في حديثه إلى أنّ يسوع "قد ثبَّت مبدأً جديدًا، ألا وهو أنّ أهل العرس لا يمكنهم أن يصوموا والعريس بينهم"، مشدّدًا على أنّ "يسوع يريدنا أن نكون في فرح برفقته، فهو مثل عريس الكنيسة، لكنّه يريدنا أن نشارك أيضًا في آلامه والّتي هي أيضًا آلام الصّغار والفقراء".

وفي هذا السّياق، واصل البابا قائلاً بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّ يسوع قد أسقط من جهة أخرى التّفرقة الّتي كانت في الشّريعة بين الطّعام النّقيّ والطّعام النّجس"، وذكَّر بأنّ "يسوع يقول بوضوح إنّ ما يجعل الطّعام سيّئًا ليس الطّعام في حدّ ذاته بل علاقتنا به، وهذا ما نرى في الأشخاص الّذين لديهم علاقة غير طبيعيّة مع الطّعام، حين نشاهد مَن يأكل بشكل سريع وكأنّه يريد سدّ جوعه لكنّه لا يشبع أبدًا، وهؤلاء الأشخاص هم بالأحرى عبيد للطّعام".

ثمّ أشار إلى تثمين يسوع للطّعام وتحدّث عن أنّ "العلاقة السّيّئة مع الطّعام هي الّتي تسبّب المشاكل الّتي يحاول الطّبّ وعلم النّفس حلّها مثل فقدان الشّهيّة والإفراط في تناول الطّعام والسّمنة"، لافتًا إلى "أمراض غالبًا ما تكون مؤلمة ترتبط بمشاكل نفسيّة... إذ هناك رباطًا بين الخلل النّفسيّ وكيفيّة تناول الطّعام، فالتّغذية هي انعكاس لشيء ما في دواخلنا، الميل إلى التّوازن أو إلى المبالغة، القدرة على الشّكر أو عنجهيّة الشّعور بالاستقلاليّة، تعاطُف مَن بإمكانه تقاسم الطّعام مع المعوزين أو أنانيّة مَن يكدّس كلّ شيء لنفسه. ففي كيفيّة تناولنا للطّعام تظهر أعماقنا وعاداتنا وتصرّفاتنا النّفسيّة."

بعدها ذكّر الأب الأقدس بأنّ الآباء الأوائل كان يطلقون على رذيلة الشّراهة تسمية "جنون البطن"، لافتًا إلى أنّ "هذه الرّذيلة ترتبط بحاجة ضروريّة بالنّسبة لنا وهو تناول الغذاء"، من هنا أهمّيّة الانتباه على هذا الأمر.  

أمّا من وجهة النّظر الاجتماعيّة، فهذه الرّذيلة هي "على الأرجح الرّذيلة الأكثر خطورة، فهي تقتل الكوكب. وإنّ مَن يبالغ أمام كعكة لا يسبّب أضرارًا كبيرة بينما النّهم الّذي يميّز تصرّفاتنا إزاء خيور كوكب الأرض منذ بضعة قرون يُلحق الضّرر بمستقبل الجميع. إنّنا نهاجم كلّ شيء لنكون أسياد كلّ شيء بينما أوكلت إلينا الأشياء لنحرسها، لا لنستغلّها. هكذا قد تحوّلنا من بشر إلى مستهلكين، وهذا هو المصطلح المستخدَم في الحياة الاجتماعيّة حتّى أنّنا لم ننتبه إلى أنّ هناك مَن بدأ بتسميتنا بهذا الاسم. لقد خُلقنا لنكون رجالاً ونساء قادرين على الشّكر وعقلاء في استخدام الأرض، بينما يهدّدنا خطر التّحوّل إلى مفترسين، وها نحن ننتبه اليوم إلى أنّ هذا الشّكل من الشّراهة قد ألحق ضررًا كبيرًا بالعالم."

لذا سأل البابا في الختام الرّبّ "أن يساعدنا على درب القناعة وألّا تستحوذ أشكال الشّراهة الكثيرة على حياتنا".

بعد المقابلة العامّة، جدّد البابا قربه من الشّعوب الّتي تعاني من الحرب في أوكرانيا وفلسطين وإسرائيل ومناطق مختلفة في العالم، ضارعًا أن يزرع الرّبّ في قلوب حكّام الدّول بذرة السّلام.