العراق
12 أيلول 2023, 05:55

البطريرك يونان افتتح جلسات السّينودس السّنويّ العاديّ لأساقفة الكنيسة السّريانيّة الكاثوليكيّة الأنطاكيّة في قره قوش

تيلي لوميار/ نورسات
إفتتح بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان، صباح الإثنين، أعمال السّينودس السّنويّ العاديّ لأساقفة الكنيسة السّريانيّة الكاثوليكيّة الأنطاكيّة، في مقرّ مطرانيّة الموصل في قره قوش- العراق، بمشاركة آباء السّينودس: مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، ومار برنابا يوسف حبش مطران أبرشيّة سيّدة النّجاة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، ومار يوحنّا بطرس موشي رئيس الأساقفة السّابق لأبرشيّة الموصل وتوابعها ومستشار الأبرشيّة، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السّينودس المقدّس، ومار يوحنّا جهاد بطّاح رئيس أساقفة دمشق، ومار تيموثاوس حكمت بيلوني الأكسرخوس الرّسوليّ في فنزويلا، ومار فولوس أنطوان ناصيف الأكسرخوس الرّسوليّ في كندا، ومار متياس شارل مراد النّائب العامّ لأبرشيّة بيروت البطريركيّة، ومار نثنائيل نزار سمعان مطران أبرشّية حدياب- أربيل وسائر إقليم كوردستان، ومار يعقوب أفرام سمعان النّائب البطريركيّ في القدس والأراضي المقدّسة والأردنّ، ومار فلابيانوس رامي قبلان المعتمَد البطريركيّ لدى الكرسيّ الرّسوليّ والزّائر الرّسوليّ في أوروبا، ومار أثناسيوس فراس دردر النّائب البطريركيّ في البصرة والخليج العربيّ، ومار يعقوب جوزف شمعي رئيس أساقفة الحسكة ونصّيبين، ومار أفرام إيلي وردة مطران أبرشيّة القاهرة والنّائب البطريركيّ في السّودان، ومار اسحق جول بطرس مدير إكليريكيّة سيّدة النّجاة البطريركيّة بدير الشّرفة ومسؤول راعويّة الشّبيبة، ومار بنديكتوس يونان حنّو رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، ومار يوليان يعقوب مراد رئيس أساقفة حمص وحماة والنّبك.

فيما تغيّب عن الحضور بسبب التّقدّم في العمر والحالة الصّحّيّة المطارنة: مار أثناسيوس متّي متّوكة رئيس أساقفة بغداد سابقًا، ومار ربولا أنطوان بيلوني المعاون البطريركيّ سابقًا، ومار فلابيانوس يوسف ملكي المعاون البطريركيّ سابقًا، ومار غريغوريوس بطرس ملكي النّائب البطريركيّ في القدس والأراضي المقدّسة والأردنّ سابقًا، كما تغيّب ومار باسيليوس جرجس القسّ موسى الزّائر الرّسوليّ في أستراليا ونيوزيلندا بسبب عدم تمكّنه من مغادرة أستراليا.

إفتتح البطريرك يونان اجتماعات السّينودس بالصّلاة والابتهال إلى الرّوح القدس كي يهدي الآباء لما فيه خير الكنيسة والمؤمنين.  

ثمّ ألقى الكلمة الافتتاحية وقال بحسب إعلام البطريركيّة: "وأنتم الّذين اختارهم الله فقدّسهم وأحبَّهم، البسوا عواطف الحنان واللّطف والتّواضع والوداعة والصّبر. إحتملوا بعضكم بعضًا... وإلبسوا فوق ذلك كلّه، ثوب المحبّة فإنّها رباطُ الكمال" (كولوسي 3: 8 - 14).

إخوتي الأعزّاء في الخدمة الأسقفيّة، آباء سينودس كنيستنا السّريانيّة الكاثوليكيّة الأنطاكيّة، رؤساء الأساقفة والأساقفة الجزيلي الاحترام:  

ܚܽܘܒܳܐ ܘܰܫܠܳܡܳܐ ܒܡܳܪܰܢ ܝܶܫܽܘܥ ܡܫܺܝܚܳܐ ܠܟܽܘܢ ܡܫܰܟܢܺܝܢܰܢ܆ ܕܒܰܫܡܶܗ ܩܰܕܺܝܫܳܐ ܡܶܬܟܰܢܫܺܝܢܰܢ ܒܗܳܕܶܐ ܣܽܘܢܳܗ̱ܕܽܘܣ ܩܰܕܺܝܫܬܳܐ. ܐܰܡܺܝܢ ܡܳܐ ܛܳܒ ܘܡܳܐ ܫܰܦܺܝܪ܆ ܠܰܐܚ̈ܶܐ ܡܳܐ ܕܥܳܡܪܺܝܢ ܐܰܟ̣ܚܕܳܐ.  

كلمة المحبّة والحبّ، هي في أيّامنا هذه، الأكثر استعمالاً، قولاً وإنشادًا وتردّدًا على وسائل التّواصل الاجتماعي.ّ ولكن كلّنا يعلم بأنّ عيشها هو الأصعب، لأنّ الحبّ الحقيقيّ المؤسَّس على العطاء السّخيّ والتّفاني وقبول الآخر، يتطلّب منّا الكثير، كَيلا نبقى سجناء أنانيتنا وأهوائنا وانفعالاتنا. وبالنّسبة لنا، نحن خدّام بيعة الله، كما لكلّ المعمَّدين الّذين يعيشون دعوتهم، نغرف الحبّ من النّبع الإلهيّ، لأنّ الله هو المحبّة. ولا نستطيع أن نفصل محبّتنا للآخر، أيّ القريب، عن محبّتنا للرّبّ الّتي عليها أن تكون دائمًا، محبّة صادقة دون شرط أو مقايضة، كما يعلّمنا يسوع فادينا. فالمحبّة هي هويّتنا الإيمانيّة، كما عُرِفَ بها المسيحيّون أوّلاً في أنطاكية. والمحبّة هي منهجنا الرّوحيّ دون قيد أو شرط، والمحبّة هي مصداقيّتنا في الشّهادة المُقنِعة في عالمنا، شرقًا وغربًا. والمحبّة، أخيرًا وليس آخرًا، هي الرّباط الّذي يجمعنا ويوصلنا إلى الكمال: "كونوا كاملين كما أنّ أباكم السّماويّ كاملٌ هو" (متّى 5: 48).  

جئنا بفرح من قريب وبعيد لنجتمع هنا في بغديده– قره قوش، في سينودسٍ هو الأوّل الّذي يُعقَد خارج لبنان منذ أكثر من 125 عامًا، أيّ منذ أن رضي البطريرك مار إغناطيوس بهنام بنّي بانتخاب الأساقفة القادمين إليه في الموصل، ليستلم خدمة كنيستنا في 12 تشرين الثّاني عام 1893. إنّه حدثٌ تاريخيّ يذكّرنا أيضًا بتواضُع ابنِ بغديده، مار قورلّس بهنام أخطل، مطران الموصل، الّذي أرسل إليه الآباء الأساقفة في المجمع المنعقد في دير الشّرفة عام 1800، بعد تنيُّح البطريرك معترف الإيمان مار إغناطيوس ميخائيل جروه، طالبين منه أن يخلفه. فأرسل يرجوهم أن يعفوه، إقرارًا منه بعدم أهليّته، وتعبيرًا ولا أجمل عن تواضعه. هذا المثالُ في التّواضع والتّجرّد قدَّمه لنا أيضًا البطريركان الثّاني والثّالث، ميخائيل الضّاهر، وسمعان زورا، الّلذان كانا يستعفيان بدايةً، ثمّ يتنازلان بعد خدمة بطريركيّة قصيرة ("أصدق ما كان عن تاريخ لبنان وصفحة من أخبار السّريان"، المجلَّد الأوّل 395 للفيكونت فيليب دي طرازي).

جئنا بدورنا نؤكّد على محبّتنا لإخوتنا وأخواتنا في هذه المدينة الشّاهدة والشّهيدة لإيمانها الرّاسخ بالرّبّ يسوع، الّذي ذكّرَنا أنّ لا حبَّ أعظم من بذل الذّات من أجل المحبوب. بغديده الّتي تحمّلت أهوال الاضطهاد من قتل وتهجير وهدم وحرق وتنكيل، تُذكِّرنا بدورها أنّ إيماننا المُعاش بالمحبّة، هو الشّهادة الحقيقيّة للرّبّ الفادي الّذي تحمّل آلام الصّليب الظّافر حبًّا بنا، وأنّ لا بدّ من القيامة، كي تظلَّ كنيسة بغديده، بأسقفها وإكليروسها وشمامستها، برهبانها وراهباتها، وبجميع المؤمنين، رجالاً ونساءً، زاهيةً رجاءً وفرحًا، تحت كنف شفيعة هذه المدينة المباركة، العذراء مريم الأمّ الطّاهرة، وبأدعية شهدائها وشهيداتها. فتبقى أمينةً للرّبّ، فخورةً بالوطن الّذي احتضنها منذ الأزمنة العريقة، بين هذا الشّعب الطّيّب الّذي يشاركها حقوق المواطنة وواجباتها في رحاب محافظة نينوى، ومُجدِّدةً فعلَ رجائها "فوق كلّ رجاء"، أن يبقى العراق حرًّا وأمينًا لمواطنيه وحضارته.

ماذا تُريد كنيستنا، وماذا ينتظر شعبُنا الطّيّبُ اليومَ منّا، نحن الأساقفة المدعوّين كي نكون الرّعاةَ الصّالحين؟ كم هو جميلٌ أن نتذكّر قول مار بولس: "فليُشدِّد بعضُكم بعضًا وليَبنِ أحدُكم الآخر..." (1 تسالونيكي 5: 11). فلا ننسى أنّ هويّة المسيحيّ، وكم بالأحرى هويّتنا نحن المؤتمَنين على شعب الله، هي المحبّة الّتي تبني، فنبتعد عن كلّ ما يجرح و"يقولِب" الآخرين حسب فكرنا أو قناعاتنا. نحن مدعوّون للتّواصل والتّلاقي شخصيًّا أو إلكترونيًّا، لا بروح العالم الّذي خطفَتْهُ المادّيّة وحبّ الظّهور، بل بالمحبّة الّتي ترفعنا إلى الأعلى، أيّ إلى يسوع الوديع والمتواضع القلب. كم هو غنيٌّ بالتّعبير أن نتذكّر دائمًا توجيهَ القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني، وهو يدعونا باسم الرّبّ أن "ننطلق إلى العُمق"، كي نستطيع أن نؤدّي خدمتنا بالأمانة والنّزاهة، معلّمين ومقدّسين ومدبّرين.

إخوتي الأعزّاء،

يطيب لي أن أرحّب بكم جميعًا في هذا الاجتماع السّنويّ لسينودسنا المقدّس، وبشكل خاصّ يسعدني أن أرحّب، باسمكم جميعًا، بأخوينا صاحبَي السّيادة المطرانين الجديدين اللّذين نالا ملء الكهنوت بوضع يدنا في الأشهر الماضية، وهما: مار بنديكتوس يونان حنّو رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، ومار يوليان يعقوب مراد رئيس أساقفة حمص وحماة والنّبك. ندعو لهما، في المحبّة والصّدق، بخدمة أسقفيّة مباركة مليئة بالثّمار اليانعة، ونرحّب بهما أخوَين عزيزين في مجمعنا الأسقفيّ.

وباسمكم جميعًا، يسرّني أن أشكر سيادة أخينا مار بنديكتوس يونان حنّو الّذي يستقبلنا في هذا المقرّ الجديد لمطرانيّة الموصل الّذي افتتحناه ودشّنّاه بالأمس، وقد بذل سيادته ولا يزال كلّ غالٍ ونفيس، مع جميع معاونيه من خوارنة وكهنة وعلمانيّين، كي يهيّئ كلّ ما يلزم، وفي فترة قياسيّة، من أجل انعقاد هذا السّينودس هنا في بغديده الحبيبة.  

ولا يغيب عن بالنا إخوتنا الأجلاء الّذين لم يتمكّنوا من الحضور معنا في هذا السّينودس، بسبب التّقدّم في العمر والحالة الصّحّيّة، وهم: مار أثناسيوس متّي متّوكة رئيس أساقفة بغداد سابقًا، ومار ربولا أنطوان بيلوني المعاون البطريركيّ سابقًا، ومار فلابيانوس يوسف ملكي المعاون البطريركيّ سابقًا، ومار غريغوريوس بطرس ملكي النّائب البطريركيّ في القدس والأراضي المقدّسة والأردنّ سابقًا، وكذلك مار باسيليوس جرجس القسّ موسى الزّائر الرّسوليّ في أستراليا ونيوزيلندا، والّذي تعذّر عليه الحضور هذه المرّة أيضًا بسبب عدم تمكُّنه من مغادرة أستراليا.

كما نذكر في صلاتنا المثلَّث الرّحمات مار غريغوريوس الياس طبي رئيس أساقفة دمشق سابقًا، والّذي غادرَنا إلى بيت الآب السّماويّ في 16 نيسان المنصرم، سائلين الرّبّ يسوع أن يمتّعه بميراث الملكوت السّماويّ مع الرّعاة الصّالحين والوكلاء الأمناء.

سنتأمّل مع حضرة الأباتي سمعان أبو عبدو الرّئيس العامّ الأسبق للرّهبانيّة المارونيّة المريميّة ورئيس دير القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع في سهيلة- كسروان، حول "ملامح الأسقف في عالم متغيّر"، وسيتناول صفات الأسقف في عالم اليوم كسفير للمسيح، وعلاقته مع الله، ومع إخوته في الأسقفيّة، ومع أبناء أبرشيّته. نشكر حضرة الأباتي سمعان على وجوده معنا وعلى ما سيقدّمه لنا من تأمّلات وأحاديث، غذاءً لمسيرتنا في رعاية الكنيسة والمؤمنين الموكَلين إلى عنايتنا الأبويّة. ونضرع إلى الرّبّ كي تكون هذه الخلوة الرّوحيّة القصيرة، زوّادة إيمان ورجاء، ننهل منها كي نتابع خدمتنا الأسقفيّة، بروح الرّاعي الصّالح وحكمة المدبّر الحكيم.  

ومع افتتاح هذا السّينودس، لا تغيب عن بالنا الأوضاع المؤلمة الّتي تشهدها منطقتنا وتعصف ببلداننا المشرقيّة، والّتي ستنال حيّزًا مهمًّا من البحث والتّحليل خلال جلسات سينودسنا. لكنّنا، وبالرّغم من التّحدّيات والمعاناة، سنبقى شعب الرّجاء بالرّبّ يسوع وبكلمته المحيية، ورجاؤنا به لا يخيب.  

في العراق، حيث تعرّضت كنيستنا السّريانيّة الكاثوليكيّة بشكل خاصّ لأحداث مؤلمة جدًّا، من مجزرة كاتدرائيّة سيّدة النّجاة في بغداد، والّتي أدّت إلى استشهاد كاهنين شابّين وكوكبة من المؤمنين، ومن اقتلاع أبنائنا في الموصل وقرى وبلدات سهل نينوى من أرض آبائهم وأجدادهم على يد إرهابيّي داعش، ومن هجرة الكثيرين منهم إلى ما وراء البحار والمحيطات. إلّا أنّنا نؤكّد على أهمّيّة الوحدة والتّعاون بين مختلف الكنائس والمؤمنين لبناء مستقبل أفضل في أرض الرّافدين المباركة، بالتّعايش والمودّة مع مختلف المكوّنات الدّينيّة والثّقافيّة. فنحن لا نحتاج لامتيازات، بل نسعى لعيش حقوقنا أسوةً بجميع شركائنا في الوطن رغم التّحدّيات. وقد لمسنا من لقاءاتنا مع المسؤولين في الحكومة الاستعداد الكامل للتّعاون والاستماع إلى احتياجات المواطنين، بمن فيهم المسيحيّون.

أمّا في سوريا، حيث تتزايد التّحدّيات في ظلّ استمرار التّداعيات القاسية في المناطق الّتي شهدت هجمات إرهابيّة وأعمال تخريب وتدمير، تلتزم كنيستنا السّريانيّة، أسوةً بسائر الكنائس الشّقيقة، رعاية شؤون المؤمنين وخدمتهم. فنحن جزءٌ لا يتجزّأ من نسيج هذا الوطن، ونعيش كما إخوتنا في ظلّ مفاعيل الأزمات المستمرّة في البلاد، لاسيّما المعاناة الشّديدة على الصّعيد الاقتصاديّ، وانعكاس ذلك على أبنائنا الّذين يُقدِمون على الهجرة بكثافة بحثًا عن حياة كريمة، ولا تزال انعكاسات الزّلزال المدمّر ماثلة رغم الجهود الحثيثة للتّخفيف عن الآلام والمآسي.

وهنا أيضًا نتذكّر إخوةً لنا في المغرب يعانون بسبب الزّلزال الّذي أصاب بلدهم منذ بضعة أيّام. نصلّي راحةً لنفوس المتوفّين وشفاءً للجرحى.

وفي لبنان، حيث المعاناة تستمرّ وتتصاعد في ظلّ شغور منصب رئاسة الجمهوريّة بسبب التّمادي غير المبرَّر من النّوّاب في انتخاب رئيس جديد يعيد إنتاج سلطة سياسيّة تدير شؤون البلاد، وفي مقدّمتها تشكيل حكومة تسعى إلى التّخفيف من حدّة الانهيار الّذي يطال كلّ الأصعدة، بخاصّة القطاع الاقتصاديّ. فنحن لا نعيش مجرّد تمديد للفراغ الرّئاسيّ، بل غياب حسّ المسؤوليّة الوطنيّة لدى الّذين ائتُمِنوا على مقدّرات الوطن. لذا على المسؤولين، وبخاصّة على المسيحيّين منهم، أن يجتمعوا بكلّ جدّية وتصميم، ويوحّدوا جهودهم من أجل النّهوض بلبنان، وعلى النّوّاب المبادرة فورًا إلى انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة. ونحن نسعى جاهدين، مع إخوتنا رؤساء الكنائس الشّقيقة، لبثّ روح الوحدة والتّفاهم والتّضامن والتّعاون بغية تخطّي الأزمات الخطيرة، لاسيّما ونحن على أبواب افتتاح المدارس، وفي ظلّ تبخُّر أموال المودعين في المصارف، وغيرها من الأزمات الّتي تتآكل جسم الدّولة.

ولا ننسى أحوال أبنائنا في بلدان الشّرق، من مصر، والأردنّ، والأراضي المقدّسة، وتركيا، وفي بلدان الانتشار، في أوروبا والأميركيّتين وأستراليا، حيث يعيش أبناؤنا حقوقهم الإنسانيّة الوطنيّة، لكنّهم يجابهون تحدّي المحافظة على إيمانهم وتراث آبائهم وأجدادهم.

وإنّنا نبذل قصارى جهدنا، كبطريركيّة وأبرشيّات ونيابات ورعايا وإرساليّات، في الشرق كما في بلاد الاغتراب، للوقوف إلى جانب أبنائنا ومساندتهم قدر الإمكان. ففي لبنان، على سبيل المثال، نقوم وللعام الرّابع على التّوالي، بتقديم التّعليم المجّانيّ لأولادنا في مدارسنا، تحسّسًا منّا بالأوضاع الضّاغطة الّتي يمرّون بها، فضلاً عمّا نقدّمه وإخوتنا المطارنة رعاة الأبرشيّات والآباء الكهنة في رعاياهم، كي يتمكّن أبناؤنا من مجابهة الصّعوبات. إنّنا نشعر بمسؤوليّتنا المشتركة وبالضّرورة الملحّة لمتابعة خدمة المؤمنين في الشّرق كما في الغرب، روحيًّا ورعويًّا واجتماعيًّا. ولا يخفى على أحد تحدّيات العلمنة والإلحاد وما يهدّد قيم العائلة والمجتمع في الغرب.

سنعالج في هذا السّينودس المواضيع الّتي أدرجناها على جدول الأعمال، إلى جانب ما قد تقترحونه من مواضيع أخرى، ولعلّ أبرزها:  

• واقع كنيستنا اليوم، الآمال والصّعوبات والتّحدّيات

• التّضامن الأخويّ الفاعل بين الأبرشيّات  

• الهجرة واقع وتحدٍّ للكنيسة الأمّ في الشّرق وكنيسة الانتشار

• الإنتهاء من مراجعة ليتورجية القدّاس الإلهيّ، والاقتراح بتعيين لجنة ليتورجيّة واحدة، لمراجعة الاحتفالات البيعيّة (كتاب المعدعدان)  

• الإستعدادات لسينودس الأساقفة الرّومانيّ 2023  

• أوضاع الخدمة الكهنوتيّة في رعايانا في الشّرق، وفي بلاد الانتشار، والمؤتمر الكهنوتيّ الّذي ننوي عقده عام 2025 بعد المؤتمر السّابق الّذي عُقِد في نيسان 2010، والّذي نعتبره بحقّ وواقعيّة حدثًا هامًّا، بل تاريخيًّا لكنيستنا. فلكهنتنا جميعًا المسؤوليّة في مشاركتنا أعباء خدمتنا الرّوحيّة والرّعويّة الّتي تهدف إلى تقديس النّفوس بتعميق الإيمان والحسّ الكنسيّ والرّسولّي والتّذوّق اللّيتورجيّ. وهذه المهمّة، نحن وإيّاهم مؤتمَنون عليها. وكما لهم علينا الحقّ في تعامُلنا معهم بالمحبّة الفاعلة بروح العدل الّذي يتجنّب الفوقيّة وسوء استعمال السّلطة، يجب أن ننوّه بوضوح إلى أنّ للكنيسة الّتي وعدوا بخدمتها والالتزام بها، الحقّ أن تذكّرهم بأن يعيشوا دعوتهم الكهنوتيّة بروح المسؤوليّة، دون شروط مسبَقة أو لاحقة، وبقناعة وفرح.  

• تقارير عن بعض الأبرشيّات والأكسرخوسيّات والنّيابات والإرساليّات، وعن إكليريكيّة سيّدة النّجاة البطريركيّة بدير الشّرفة، وعن راعويّة الشّبيبة الّتي نوليها اهتمامًا بالغًا، لِما للشّبيبة من دور أساسيّ في حاضر الكنيسة ومستقبلها.

• تفعيل أوجه العمل المشترك والتّعاون مع الكنيستين الشّقيقتين: السّريانيّة الأرثوذكسيّة والملنكاريّة الكاثوليكيّة

واسمحوا لي أن أستعرض بلمحة سريعة أهمّ الأحداث الّتي عرفَتْها بطريركيّتنا السّريانيّة منذ ختام مجمعنا السّابق في حزيران 2022 حتّى اليوم:

1. رسامة مطرانين جديدين: مار بنديكتوس يونان حنّو، ومار يوليان يعقوب مراد

2. رسامة الأب سعدي خضر كاهن رعيّة مار يوحنّا الرّسول في هولندا خوراسقفًا

3. رسامة الشّمّاس جيمي سركك كاهنًا للنّيابة البطريركيّة في تركيا

4. إعادة تكريس كنيسة دير مار أفرام السّريانّي في ماردين، تركيا

5. إعادة تقديس وتكريس كاتدرائيّة مار جرجس التّاريخيّة في الخندق الغميق– بيروت

6. إعادة افتتاح دير مار أفرام الرّغم، الشّبانيّة، المتن، لبنان، الّذي رمّمناه بعد أكثر من 160 سنة  

7. إفتتاح وتكريس نُصب مار أفرام السّريانيّ أمام المدخل الخارجيّ لجامعة اللّاتران الحبريّة في روما

8. زيارة الرّئيس التّركيّ رجب طيّب أردوغان

9. زيارة الرّئيس العراقيّ الدّكتور عبد اللّطيف جمال رشيد، ورئيس مجلس النّوّاب العراقيّ محمّد الحلبوسي، ورئيس مجلس الوزراء العراقيّ محمّد شياع السّوداني، ورئيس المحكمة العليا القاضي فائق زيدان

10. زيارة الرّئيس مسعود البارزاني، رئيس الحزب الدّيمقراطيّ الكوردستاني- إقليم كوردستان العراق

11. زيارة أبرشيّة القاهرة والاحتفال بتنصيب وتولية أسقفها الجديد مار أفرام إيلي وردة

12. زيارة أبرشيّة الحسكة ونصيبين والاحتفال بتنصيب وتولية رئيس أساقفتها الجديد مار يعقوب جوزف شمعي

13. زيارة النّيابة البطريركيّة في تركيا، والقيام بزيارة حجّ إلى ماردين وطور عبدين  

14. زيارات راعويّة إلى أبرشيّات الموصل، وحدياب– أربيل، وبغداد

15. زيارات راعويّة إلى أبرشيّتي دمشق، وحمص  

16. زيارة أبرشيّة حلب لتفقّد المؤمنين بعد الزّلزال المدمّر الّذي حلّ بالمدينة

17. زيارة الرّعايا والإرساليّات في باريس وتور وليون– فرنسا

18. زيارة أبرشيّة سيّدة النّجاة في الولايات المتّحدة الأميركيّة وترؤّس مؤتمر الشّبيبة في الأبرشيّة

19. زيارة أكسرخوسيّة كندا

20. المشاركة في زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى مملكة البحرين

21. المشاركة في جنّاز ودفن المثلّث الرّحمات البابا الفخريّ بنديكتوس السّادس عشر

22. المشاركة في الكونسيستوار أيّ مجمع الكرادلة في الفاتيكان بدعوة من قداسة البابا فرنسيس

23. المشاركة في اجتماعات مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، ومجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكيّة في سوريا

24. المشاركة في اللّقاء الأوّل لبطاركة الكنائس ذات التّراث السّريانيّ

25. المشاركة في أعمال الجمعيّة السّينودسيّة القارّيّة تحضيرًا لسينودس الأساقفة الرّومانيّ

26. المشاركة في مؤتمر "الكنيسة في الشّرق الأوسط: متجذّرون في المحبّة"، والّذي نظّمه مجمع الكنائس الشّرقيّة، في نيقوسيا– قبرص

27. المشاركة في مؤتمر منظّمة فرسان كولومبوس في عامي 2022 و2023

أشكر حضوركم جميعًا، واثقًا بأنّنا سنعمل سويّةً بشراكة سينودسيّة نابعة من المحبّة والحقّ. فأنظار أبرشيّاتنا ورعايانا ومؤسّساتنا، إكليروسًا ومؤمنين علمانيّين، هي موجَّهة نحونا، إذ تنشد منّا تفعيل الرّعاية المسؤولة على مثال الرّاعي الصّالح.  

ودمتم في حمى العذراء والدة الله مريم الطّاهرة، سيّدة النّجاة، وكرسيّ الحكمة.

وإلى الثّالوث الأقدس، السّرّ الإلهيّ غير المدرَك، نختم ببيت من الإشحيم نُنشده مساء كلّ يوم جمعة:  

"ܛܰܝܒܽܘܬܶܗ ܕܰܐܒܳܐ، ܘܰܚܢܳܢܶܗ ܕܰܒܪܳܐ، ܘܪܽܘܚܳܦܶܗ ܕܪܽܘܚܳܐ، ܐ̱ܪܳܙܳܐ ܬܠܺܝܬܳܝܳܐ ܢܕܰܝܰܪ ܒܰܝܢܳܬܰܢ ܥܕܰܡܳܐ ܠܫܽܘܠܳܡܳܐ" وترجمته: "فلتملك بيننا حتّى الإنتهاء، نعمة الآب ورأفة الابن ورفرفة الرّوح، سرٌّ ثالوثيّ، آمين".  

شكرًا لإصغائكم."