دينيّة
11 شباط 2018, 08:00

الصّوم.. بين عرسين

غلوريا بو خليل
إختارت الكنيسة إنجيل عرس قانا كمدخل للصّوم لأنّه يرتبط بالفرح والاحتفال والبهجة التي يحملها هذا الأخير في أبعاده الرّوحيّة. وعن هذا الإنجيل، شرح راعي كنيسة القدّيسة ريتا في سنّ الفيل الأب جان بول أبو غزالة في حديث خاصّ لموقع "نورنيوز" الإخباريّ قائلاً: "يقع الصّوم بين عرسين، فهو يبدأ بعرس قانا لينتهي بعرس الحمل، ويسوع المدعوّ اليوم إلى عرس قانا سيدعونا لاحقًا إلى عرسه السّماويّ "طوبى للمدعوّين إلى وليمة عرس الحمل" (رؤ 19: 9)."


إنطلاقًا من هذه الرّوحانيّة أردف الأب أبو غزالة قائلًا: "إنّ هدف يسوع هو زرع الفرح في قلوب البشر، ووجوده في هذا العرس يؤكّد أنّه هو ملء الفرح الحقيقيّ، وبغيابه عنه أو عن أيّ حدث آخر في حياتنا تكون أفراحنا فارغة باهتة." وأكمل "إنّ وصول يسوع إلى العرس في اليوم الثّالث، اليوم الذي نفذ فيه الخمر، ما هو إلّا دلالة على أنّ يسوع يعرف متى يتدخّل ويعالج مسائلنا العالقة بالظّروف الحرجة الرّاهنة التي نعيشها. لذا، علينا أن نترك الرّبّ يعالج هذه المسائل على طريقته." وهنا تساءل راعي كنيسة القدّيسة ريتا "لماذا ننتظر أن ينفذ كلّ شيء منّا لنختبر الله في حياتنا؟ لماذا نؤخّر الأفضل إلى النّهاية؟ لماذا لا نلتجىء إليه منذ البداية؟" مؤكّدًا أنّه "في حياتنا وفي زمن الخيبات يسوع حاضر ليعيد إلينا الرّجاء من جديد، فما علينا إلّا أن نثق بمحبّته."
وعن تدخّل مريم العذراء في هذا العرس أضاف الأب أبو غزالة "يتجلّى إيمان مريم العذراء الرّاسخ بيسوع "مهما قال لكم فافعلوه" (يو 2: 5)، هذا لأنّها آمنت بأنّه سيفعل الصّواب. ونحن على مثالها، علينا أن نؤمن به ونواصل هذه الثّقة ونأخذ العبر. فعندما قال يسوع لأمّه "لم تأت ساعتي بعد" (يو 2: 4) قصد بها معجزة الخمر والدّم أعظم المعجزات والآيات." 
وعن عمق الإيمان، قال راعي كنيسة القدّيسة ريتا إنّ يسوع "أظهر مجده وآمن به تلاميذه" (يو 2: 11)، عندما أظهر معجزاته وحوّل الماء إلى خمر آمن به تلاميذه، ولكن نحن اليوم علينا أن نؤمن به أوّلًا ومن ثمّ ننال المعجزة. فالإيمان أعظم الآيات. وفي زمن الصّوم، زمن التّوبة، يدعونا الرّبّ لنتحوّل إلى الإيمان بحياتنا وهكذا يتحوّل الإنسان الخاطىء إلى تائب ثمّ إلى بارّ وهذا ما نسمّيه التّحويل المثلّث: الماء خمرًا، الخمر دمًا والخاطىء تائبًا وبارًّا. فالصّوم مدرسة توبة وعودة إلى الله، هو بحث عن العريس الإلهيّ الذي يقدّم من خمرته أيّ دمه لكنيسته، وهو يكفيه أن نقدّم له القليل ليعطينا بالمقابل الكثير والأجود." 
وختم الأب أبو غزالة كلمته "كلّ إنسان يقدّم الخمر الجيّد أوّلًا، كما أنّ الخمرة التي صنعها الرّبّ هي الأفضل كذلك الحياة معه هي أفضل من الحياة على طريقتنا وهوانا. لذا يجب علينا أن نصوم عن خمرة العالم ليشبعنا يسوع من خمرته السّماويّة، دم العهد الجديد." وأنهى مصلّيًا "حوّلني يا ربّ، حوّل خمرتي، حوّل حياتي، حوّل عقلي وقلبي نحوك أنت، أنت فقط."