دينيّة
04 شباط 2018, 08:00

الموت حقّ.. الموت عبور إلى الحياة الأبديّة

غلوريا بو خليل
طوبى للّذين يموتون بالرّبّ" (رؤ 14: 13) لأنّ موتهم عبور للآب ودخول إلى الحياة الأبديّة. الموت حكم ثابت وواحد، إنّما المصائر فمتعدّدة يرسمها الإنسان لنفسه إنطلاقًا من علاقته بأخيه الإنسان.

 

من هنا، تضع الكنيسة بين أيدينا هذا الأحد، أحد تذكار الموتى المؤمنين، مثل "الغنيّ ولعازر" وهو مثل تعليميّ عن حياة شخصين متناقضين، يرشدنا المسيح من خلالهما إلى بناء مصيرنا بحسب مسلكنا. وهذا المثل هو امتداد لإنجيل أحد الأبرار والصّدّيقين، "لأنّي جُعت فما أطعمتموني.." (متى 25: 42) الّذي يؤكد أن دينونتنا تقوم على مبدأ المحبّة، خاصّةً بتعاملنا مع إخوتنا الصّغار والمحتاجين وأنّه بأيدينا نصنع سماءنا أو جحيمنا، فيكون موتنا باب خلاصنا أو هلاكنا.
 
المفارقة هنا أنّ الفقير يحمل اسم "لعازر" وقد تردّد خمس مرّات في الإنجيل ومعناه "الله يُعين"؛ بينما الغنيّ لا اسم له، مع أنّه صاحب سلطة ونفوذ لأنّه لم يتعرّف على أخيه الإنسان الفقير ولم يساعده،  فلم يتعرّف عليه الله ولم يذكر اسمه بل حذفه من سجلّ الملكوت، "ومات الفقير فحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم. ثمّ مات الغنيّ ودُفن" (لو 16: 22). نرى هنا، أنّ الفقير قد نال الخلاص وتحقّق وعد الرّبّ له بالخيرات السّماويّة "فحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم". بينما "مات الغنيّ ودُفن" من دون أيّ تعليق على موته. وأُقيمت بينهما "هوّة عظيمة" وما من مجال للعبور، فكلّ منهما نال نصيبه بحقّ وعدل نتيجة مسلكه وتعاطيه مع أمور الحياة.
 
لم يخلص الفقير لأنّه فقير، فالفقر ليس عطيّة من الله، لكنّه عرف محدوديّته أمام قدرة الله وغناه، فرضيَ بحالته ولم يَثر على الله ولم يتذمّر ولم يبتعد عنه، بل فتح قلبه بالرّجاء إلى إرادة الله.

ولم يهلك الغنيّ بسبب غناه، فالمال خير وعطيّة من الله، منحنا إيّاه لنساعد أخينا الإنسان.. هلك الغنيّ لأنّه تعلّق بهذا المال وكان عبدًا له، فأنساه الله وكلامه الدّاعي لمساعدة الفقير مغلقًا قلبه على أعمال الرّحمة والمحبّة.
 
بإنجيل اليوم، نُنهي أسابيع التّذكارات الثّلاث التي تحضّرنا لزمن الصّوم، آملين أن نتشارك خلاله عطايا الرّبّ مع بعضنا البعض، بالقول والفعل، ونبدء برسم طريقنا.. طريق السّماء.