الفاتيكان
19 نيسان 2021, 06:30

ثلاثة أفعال يمكنها أن تمنح فرح لقاء حقيقيّ مع يسوع الحيّ، ما هي؟

تيلي لوميار/ نورسات
على ضوء ظهور يسوع لتلميذي عمّاوس، توقّف البابا فرنسيس- قبيل صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء" مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس- عند ثلاثة أفعال تمنح فرح لقاء حقيقيّ مع يسوع الحيّ، ألا وهي: النّظر، اللّمس والأكل، فقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"في هذا الأحد الثّالث من زمن الفصح، نعود إلى أورشليم إلى العلّيّة يقودنا تلميذي عمّاوس، اللّذان قد أصغيا بتأثّر كبير لكلمات يسوع طول الطّريق وعرفاه عند كسر الخبز. والآن في العلّيّة يحضر المسيح القائم من الموت وسط مجموعة من التّلاميذ ويحيّيهم قائلاً: "السّلام عليكم!" فأَخَذَهُمُ الفَزَعُ والخَوفُ، وَتَوَهَّموا أَنَّهم يَرَونَ رُوحًا. عندها أراهم يسوع جراح جسده وقال: "أُنظُروا إِلى يَدَيَّ ورِجلَيَّ. أَنا هو بِنَفْسي. إِلمِسوني"؛ ولكي يُقنعهم طلب منهم أن يعطوه ما يأكله وأكل بمرأى منهم وهم منذهلين.

تتميّز هذه الصّفحة من الإنجيل بثلاثة أفعال ملموسة جدًّا وتعكس بمعنى ما حياتنا الشّخصيّة والجماعيّة: النّظر واللّمس والأكل. ثلاثة أفعال يمكنها أن تمنح فرح لقاء حقيقيٍّ مع يسوع الحيّ. قال لهم يسوع: "أُنظُروا إِلى يَدَيَّ ورِجلَيَّ". ليس النّظر مجرّد رؤية بل هو أكثر ويتضمّن أيضًا النّيّة والإرادة؛ ولذلك فهو أحد أفعال الحبّ. إنّ الأمّ والأب ينظران إلى ابنهما، والعاشقون ينظرون إلى بعضهم البعض، والطّبيب الجيّد ينظر إلى المريض باهتمام... إنّ النّظر هو أوّل خطوة ضدّ اللّامبالاة وضدّ تجربة تحويل وجهنا إلى الجهة الأخرى أمام صعوبات الآخرين وآلامهم.

الفعل الثّاني هو اللّمس. بدعوته للرّسل لكي يلمسوه لكي يتأكّدوا بأنّه ليس روحًا، أشار يسوع إليهم وإلينا أنّ العلاقة معه ومع إخوتنا لا يمكنها أن تبقى "عن بعد"، على مستوى النّظر. إنّ الحبّ يطلب القرب، واللّمس ومشاركة الحياة. إنّ السّامريّ الصّالح لم يكتفِ بالنّظر إلى ذلك الرّجل الّذي وجده عند قارعة الطّريق بين حيٍّ وميت، بل انحنى عليه وداوى جراحه ثُمَّ حَمَلَهُ على دابَّتِهِ وذَهَبَ بِه إلى فُندُقٍ واعتَنى بِأمرِه. وهكذا هو الأمر مع يسوع أيضًا: محبّته تعني الدّخول في شركة حياة، في شركة معه.

ونصلّ إلى الفعل الثّالث، الأكل والّذي يعبّر جيّدًا عن بشريّتنا بطبيعتها الهشّة أيّ عن حاجتنا لأن نتغذّى لكي نعيش ولكن عندما نأكل في العائلة أو بين الأصدقاء يصبح الأكل أيضًا تعبيرًا للحبّ والشّركة والعيد... كم من مرّة تقدّم لنا الأناجيل يسوع الّذي يعيش هذا البعد الاجتماعيّ! كذلك كقائم من الموت أيضًا مع تلاميذه؛ لدرجة أنّ المائدة الإفخارستيّة قد أصبحت العلامة الرّمزيّة للجماعة المسيحيّة.

أيّها الإخوة والأخوات، تقول لنا هذه الصّفحة من الإنجيل أنّ يسوع ليس "روحًا" وإنّما هو شخص حيّ؛ أن نكون مسيحيّين ليس عقيدة أو مثالاً أخلاقيًّا بل هي العلاقة مع الرّبّ القائم من الموت: ننظر إليه ونلمسه ونغتذي منه وإذ تحوّلنا محبّته ننظر إلى الآخرين ونلمسهم ونغذّيهم كإخوة وأخوات. لتساعدنا العذراء مريم لكي نعيش خبرة النّعمة هذه."

وفي تحيّته بعد الصّلاة، ذكّر البابا بإعلان تطويب سيموني كاردون ورفاقه الشّهداء وعبّر عن قربه من سكّان مناطق شرق أوكرانيا، وحيّا يوم جامعة القلب الأقدس الكاثوليكيّة، فقال:

"أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، بالأمس، في دير كازاماري، تمَّ إعلان تطويب سيموني كاردون ورفاقه الشّهداء الخمسة من رهبان دير السّيسترسيان. في عام 1799، عندما انسحب الجنود الفرنسيّون من نابولي ونهبوا الكنائس والأديرة، قاوم هؤلاء التّلاميذ الودعاء للمسيح بشجاعة بطوليّة، حتّى الموت، للدّفاع عن القربان المقدّس من التّدنيس. ليدفعنا مثالهم إلى التزام أكبر في أمانة لله، قادرة على تغيير المجتمع وجعله أكثر عدلاً وأخوّة.

أتابع بقلق بالغ الأحداث في بعض مناطق شرق أوكرانيا، حيث تضاعفت خلال الأشهر الأخيرة انتهاكات وقف إطلاق النّار، وألاحظ بقلق بالغ تزايد النّشاطات العسكريّة. أتمنّى بقوّة أن يتمَّ تفادي ازدياد التّوتّرات، وأن يتمّ وضع تصرّفات قادرة على تعزيز الثّقة المتبادلة وتعزيز المصالحة والسّلام، الضّروريّين والمطلوبين. ولنشعر بالوضع الإنسانيّ الخطير الّذي يعيشه السّكّان الّذين أعبّر لهم عن قربي وأدعوكم للصّلاة من أجلهم.

يُحتفل اليوم في إيطاليا بيوم جامعة القلب الأقدس الكاثوليكيّة، الّتي تقوم منذ مائة عام بتقديم خدمة ثمينة لتنشئة الأجيال الجديدة. لتستمرّ في تنفيذ رسالتها التّربويّة لمساعدة الشّباب لكي يكونوا روّادًا لمستقبل غنيٍّ بالرّجاء"، وأنهى بمباركة الأساتذة والموظّفين وطلّاب الجامعة الكاثوليكيّة من صميم قلبه.