دينيّة
25 أيلول 2022, 07:00

خاصّ- الخوري كرم: مشروع الله لن يتوقّف ولن يفشل بسبب المعاكسات

نورسات
"التّلاميذ الذّين ينظرون بشغف لأبنية الهيكل ويسوع يعلن بوضوح دمار هذا الهيكل "وخرج يسوع من الهيكل. وبينما هو يبتعد عنه، دنا إليه تلاميذه يوجّهون نظره إلى أبنية الهيكل. فقال لهم: "أترون هذا كلّه؟ الحقّ أقول لكم: لن يترك هنا حجرٌ على حجرٍ، بل يهدم كلّه"" (متّى 24: 1- 2)". بهاتين الآيتين استهلّ الكاهن المتفرّغ لصلاة الشّفاء في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم تأمّله لموقعنا في الأسبوع الثّاني بعد الصّليب عن خراب أورشليم بحسب إنجيل القدّيس متّى (24: 1-31).

وتابع مستشهدًا: "­­­يسوع يجلس في جبل الزّيتون، محّل إلقاء القبض عليه، محّل مجيء الله في نهاية الأزمنة بحسب النّبيّ زكريّا الفصل 14.

في طرح سؤال "متى تأتي علامات مجيء الرّبّ ونهاية الأزمنة؟"، يسوع يجيب بفكرة ذات صلة وهي: كيف نتحضّر لهذا الاستحقاق المنتظر،  "ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القدّيسين معه، فحينئذٍ يجلس على كرسيّ مجده..." (متّى 25: 31- 46).

يسوع يتكلّم عن أحداث تتحضّر لهذا الحدث.

إنّها بدء أوجاع مخاض الولادة، "وهذا كلّه بدء الأوجاع" (متّى 24: 8)، فهي ولادة صعبة من أجل عالم جديد، ينتهي المقطع بكلمات "وتجيء النّهاية". يضع يسوع مقدّمات لهذا الحدث لكي لا يضّل المؤمن، ونقرأ الملاحظات التّي يضعها يسوع في البعدين التّاريخيّ والتّحذيريّ:

1- البعد التّاريخيّ: عرفت سنة الأربعين الميلاديّة، بدء الاجتياحات التّي وجّهت في سنة 66 إلى حرب مفتوحة بين فلسطين اليهود والرّومان.

كثيرون من الأنبياء تقدّموا كمسحاء "سيجيء كثيرٌ من النّاس منتحلين اسمي، فيقولون: أنا هو المسيح! ويخدعون كثيرًا من النّاس." (متّى 24: 5) أو كأنبياء "ويظهر أنبياء كذّابون كثيرون ويضلّلون كثيرًا من النّاس." (متّى 24: 11) وهم يخطّطون لثورة شعبيّة سياسيّة وروحيّة.

وبالتّوازي يتعرّض المسيحيّون للاضطهادات الأولى من قبل اليهود والوثنيّين "وفي ذلك الوقت يسلّمونكم إلى العذاب ويقتلونكم. وتبغضكم جميع الأمم من أجل اسمي." (متّى 24: 9).

في مجابهة هذه التّحدّيات، الكثير من المسيحيّين انحرفوا عن إيمانهم بممارسات خاطئة وبرودة روحيّة "ويرتدّ عن الإيمان كثيرٌ من النّاس، ويخون بعضهم بعضًا ويبغض واحدهم الآخر. ويظهر أنبياء كذّابون كثيرون ويضلّلون كثيرًا من النّاس. ويعمّ الفساد، فتبرد المحبّة في أكثر القلوب. ومن يثبت إلى النّهاية يخلص." (متّى 24: 11- 13).

2- البعد التّحذيريّ والتّربويّ: هذه الصّعوبات لن تتوقّف مع دمار هيكل أورشليم، المسيح يواصل الحديث عن المستقبل، أيّ المخاطر التّي تحدق بالمسيحيّة وقد يتواجدون مع مسحاء جدد "سيجيء كثيرٌ من النّاس منتحلين اسمي، فيقولون: أنا هو المسيح! ويخدعون كثيرًا من النّاس." (متّى 24: 5) والذّين يتعرّضون للاحباط بسبب تقلّبات رهيبة في العالم "وستسمعون بالحروب وبأخبار الحروب، فإيّاكم أن تفزعوا. فهذا لا بدّ منه، ولكنّها لا تكون هي الآخرة. ستقوم أمّةٌ على أمّةٍ، ومملكةٌ على مملكةٍ، وتحدث مجاعاتٌ وزلازل في أماكن كثيرةٍ." (متّى 24: 6- 7) وأيضًا بسبب الاضطهادات "وفي ذلك الوقت يسلّمونكم إلى العذاب ويقتلونكم. وتبغضكم جميع الأمم من أجل اسمي." (متّى 24: 9) أو برودة الكنيسة "ويرتدّ عن الإيمان كثيرٌ من النّاس، ويخون بعضهم بعضًا ويبغض واحدهم الآخر. ويظهر أنبياء كذّابون كثيرون ويضلّلون كثيرًا من النّاس. ويعمّ الفساد، فتبرد المحبّة في أكثر القلوب." (متّى 24: 10- 12).

لكن رغم كلّ ذلك مشروع الله لن يتوقّف ولن يفشل بسبب المعاكسات، "فهذا لا بدّ منه وهذا ليس النّهاية" (متّى 24: 6)، على المؤمن أن يمّر في مرحلة الأوجاع، حتّى النّهاية، والهدف هو انتشار الكلمة إلى كلّ أرجاء الكون.

هذه هي الدّينونة: من سمع البشارة من الأمم، عليه أن يعلن موقفه، ويؤدّي الجواب حسب إيمانه وذلك من أجل الخضوع لدينونة الله، وبعد ذلك تأتي النّهاية "وتجيء النّهاية بعدما تعلن بشارة ملكوت الله هذه في العالم كلّه، شهادةً لي عند الأمم كلّها." (متّى 24: 14).

وإختتم الخوري كرم تأمّله بعبرة للعيش تضعنا أمام ذواتنا، سائلًا إيّانا: "ما هو موقفك تجاه الأحداث التّي تجتاح العالم وكيف تنظر؟ هل تتحلّى بتنشئة روحيّة سليمة توجّهك إلى حسن التّمييز في البدع والتّعاليم والأنبياء الكذبة التّي تنتشر بكثافة في عالمنا اليوم؟"