دينيّة
17 آذار 2019, 08:00

خاصّ- النّازفة جاهدت من أجل لمسة، وأنت ماذا فعلت؟

في الأحد الثّاني من زمن الصّوم بحسب الكنيسة المارونيّة، نغوص في عمق إنجيل شفاء النّازفة (لو 8/ 40- 56)، ونتأمّل في أحداثه، قارئين أبعاده مع راعي كنيسة القدّيسة ريتا في سنّ الفيل الخوري جان أبو غزالة الّذي خصّ موقع "نورنيوز" الإخباريّ بتأمّل يسير فينا في بحر هذا الصّوم المبارك نحو توبة حقيقيّة.

 

"تذكّرنا الكنيسة من خلال هذه الأعجوبة، أيّ شفاء تلك المرأة المسكينة الّتي تنزف منذ اثنتي عشرة سنة، بأنّ الإيمان هو المدخل إلى الحياة مع الرّبّ يسوع"، بهذه العبارة بدأ أبو غزالة تأمّله لافتًا إلى أنّ "هذا النّصّ يقدّم لنا أعجوبة ثانية لا نستطيع تجاهلها، وهي أعظم من الأولى، أعني بها ردّ الحياة لابنة يائيروس، ولها من العمر اثنتا عشرة سنة فقط"، مشدّدًا على أنّ "عمل المسيح فينا وفي كنيسته وفي العالم ومن خلال قدّيسيه هو أكبر أعجوبة"، داعيًا القرّاء إلى الاتّعاظ والتّوبة.

ويتابع أبو غزالة شارحًا: "لقد جاهدت هذه المرأة النّازفة لتشقّ طريقها وتصل إلى يسوع من أجل لمسة، فيما كانت الجموع تزحمه. فما الفرق بين تلك الجموع وبين القلّة الّتي تصل إليه وتلمسه؟ كثيرون يعرفونه بشكل باهت سطحيّ ولا تتغيّر حياتهم وهم قريبون منه جدًّا، وآخرون بعيدون عنه كانوا في حياتهم، ومنذ لحظة وصولهم إليه ومعرفتهم به يحصلون على نِعَمٍ كثيرة.

فكم من القلوب تنزف يأسًا! وكم من النّفوس تنزف خطيئةً! وكم ومن نازفة على طرقات الحياة في انتظار بريق رجاء معلّقٍ بطرف رداء يسوع، يتعلّقن به ويمسكنَه وبلمسة يُشفين! فمهما طالت سنوات نزفنا ونجاستنا، الرّبّ يقول لنا اليوم، أنتم أيضًا لكم الحقّ في الشّفاء، لا تخسروه وتخسروا أنفسكم. إقتنصوا الفرصة كما فعلت تلك المرأة بإيمان وتواضع كبيرين. فنحن لا نستطيع الحصول على الخلاص بدون يسوع". وبالتّالي، "ها هو يسوع قادر أن يعيد لنا الحياة اليوم كما أعادها لتلك النّازفة ولإبنة رئيس المجمع، كاشفًا لنا مرّة جديدة أنّه سيّد الحياة ومعطيها".

وأضاف متسائلاً: "ماذا يقدّم لنا يسوع العجائبيّ، أيّة أعجوبة؟"، ليجيب: "يقدّم أعجوبة شفائنا من الخطيئة الّتي تميت الرّوح ليَهَبنا الحياة. نريد الحياة أم الموت؟ الحياة ثمينة! كما يقول المفكّر أندريه مالرو: "الحياة لا تساوي شيئًا، ولكن لا شيء يساوي الحياة"، ولكن أيّة حياة؟ الحياة مع المسيح".

وفي الختام دعا الخوري جان بول أبو غزالة الجميع إلى التّوقّف عند يسوع المسيح ولمس ثوبه "في وقت المرض، في وقت الموت، في وقت اليأس، في وقت الحزن والألم والشّدّة"، وعدم جعل الشّكّ يغلبهم ويمتلك قلوبهم، حاثًّا على الثّبات في الإيمان، فاتحًا الآفاق على سؤال أنهى به تأمّله: "أين إيماني من قوّة إيمان تلك المرأة الّتي أوقفت يسوع وموكبه مع وقف نزفها؟".