دينيّة
06 نيسان 2018, 13:00

خاصّ- "عَ جبينك الإكليل".. بعدسة الأب إيلي قرقماز

ريتا كرم
من حنايا الوادي المقدّس اختار أن يطلق صرخة يسوع المصلوب إلى أقطار المسكونة الأسبوع الماضي. من تلك الأرض الّتي تهمس نسكًا وقداسة أراد أن تحلّق المشاعر الإنسانيّة في قالب كامل ومتكامل بين الكلمات واللّحن والصّوت في صورة واحدة من توقيعه. نقصد ابن الرّهبنة اللّبنانيّة المارونيّة الّذي عشق الصّلاة عبر الصّورة وحوّل موهبة تملّكته إلى رسالة مكمّلة لدعوته الكهنوتيّة، هو رئيس دير ومدرسة مار شربل في درعون- حريصا الأب إيلي قرقماز.

 

أمّا العمل فهو ترنيمة "عَ جبينك الإكليل" الّتي تصدّرت صفحات التّواصل الاجتماعيّ منذ إطلاقها في أربعاء أيّوب لدى الطّوائف الغربيّة، والّتي تجمع بين روعة كلمة حبكها الشّاعر هنري زغيب، وضخامة لحن يترجم عظمة آلام الرّبّ نظمه على السّلّم الموسيقيّ الملحّن عبدو منذر ووزّعه بإبداع واضح الموزّع الموسيقيّ كريم عوض، ودِفق مشاعر ضخّها فينا نجم ستار أكاديمي مروان يوسف بصوته الهائم بالمصلوب. ترنيمة ما كانت لتكتمل من دون لمسة الرّوح المتأصّلة في جذور الإيمان، لمسة الأب إيلي قرقماز إعدادًا وتنفيذًا.

وفي حديث خاصّ معه، يؤكّد الأب الموهوب لموقع "نورنيوز" الإخباريّ، أنّه بإلهام من الرّبّ كانت فكرة الكليب، "والهدف ليس فردًا معيّنًا وإنّما تأدية رسالة من خلال الصّورة والكلمة واللّحن، رسالة تصل إلى أكبر عدد من المؤمنين تساعدهم على الصّلاة في هذا الزّمن". وتحقيقًا للغاية، أراد الأب قرقماز أرضًا "غير مستهلكة" إعلاميًّا وإخراجيًّا، فوقع الاختيار على الوادي المقدّس الّذي تفوح منه رائحة القدّيسين والنّسّاك الأوائل، وعطر البخور الّذي يشعرك وكأنّه لا يزال يتصاعد من قعره نحو السّماء مع مشهد ضبابيّ يكاد يلامس عرش المسيح.

هناك وقف المرنّم مصلّيًا بجانب الصّليب المقدّس. هناك ناجى المصلوب متأمّلاً بمسيرة يسوع في دربه نحو الجلجلة، شاخصًا في إكليل الشّوك المزروع على جبينه واضعًا بالمقابل جرحه، متأوّهًا وجعًا كلّما مال يسوع بعينيه، رافضًا أن يترك يسوع وحيدًا في آلامه، ناذرًا القوّة فيه ذائبًا بنور حبّه الّذي بتقنيّة تصويريّة عالية جدًّا سطع إلى قلب المشاهدين من كنيسة دير مار أنطونيوس الأثريّة وأحد كهوفه.

بهذا العمل يضيف الأب إيلي قرقماز إنجازًا إلى أرشيفه الخاصّ، أرشيف عنوانه "السّياحة الدّينيّة"، وفيه تمايلت الصّور أمام عدسته وسافرت من لبنان طارقة باب كلّ لبنانيّ مغترب يحتاج إلى "لغة التّواصل هذه"، ويتعطّش إلى رائحة الأرض الطّيّبة وإلى الإصغاء من خلالها إلى كلمة الله الحيّة فيها.

في الجمعة العظيمة، وفيما يرتفع يسوع المسيح على خشبة الصّليب، دعوة من الأب إيلي قرقماز إلى كلّ مسيحيّ "لإعادة النّظر في حياته والسّعي إلى تغييرات جذريّة مشاركًا يسوع في آلامه"، حاثًّا إيّاه على التّمسّك بالرّجاء والمحبّة والانفتاح وعيش السّلام "وعدم الوقوف عند حدود هذه الأرض"، مؤمنًا أنّه بعد الموت هناك "قيامة".