دينيّة
08 أيلول 2019, 07:00

خاصّ- هل أنت مريم أو مرتا؟

غلوريا بو خليل
هلَّ الأحد الرّابع عشر من زمن العنصرة حاملًا معه مناسبتين: ميلاد سيّدتنا مريم العذراء التي لطالما طلبت أن نفعل ما يطلبه منّا المسيح، ولقاء يسوع مع مريم ومرتا شقيقتي ألعازر اللّتين تسابقتا على تكريم يسوع كلّ على طريقتها. وللوقوف عند هذا اللّقاء بعمق، كان لموقع "نورنيوز" الإخباريّ تواصل مع كاهن رعيّة مار جرجس ومار ساسين - بيت مري الخوري بيار الشّماليّ الذي أوضح لنا موقفهما المتناقض فشرح قائلًا:

 

"عندما نسمع نصّ إنجيل مريم ومرتا، قد نعتبر أنّ تصرّف الأختين متناقضٌ لأنّنا قد نظنّ أنّ الأولى ترمز إلى الصّلاة والتّأمّل في الحياة المسيحيّة والثانيّة ترمز إلى البعد العمليّ. فنستنتج عندئذٍ، بعد هكذا منطق، أنّ يسوع يفضّل الصّلاة على العمل، يفضّل المكرّسين على العلمانيّين. ألا يقول الكثير من النّاس عند رؤية شخصٍ مكرّس: "نيّالو"؟ ولكن، في الواقع، هذه قراءة مغلوطة.

لا يظنّ أحدٌ منّا أنّ مرتا تحبّ المسيح أقلّ من مريم، هي إن كانت تهتمّ بأمورٍ كثيرة وتضطرب فهذا لأنّها تحبّ المسيح وتريد أن تحسن استقباله. ولا يظنّ أحدٌ أنّ مرتا هي أقلّ إيمانًا من مريم، فمرتا، عند موت أخيها ألعازر، هي أوّل من أعلنت إيمانها بالمسيح قائلةً له: "نعم، يا ربّ، أنا أؤمن أنّك أنت المسيح ابن الله، الآتي إلى العالم" (يوحنّا 11: 27). ولا يظنّ أحدٌ أنّ يسوع لا يقدّر عملها وتعبها. ولكن ما المشكلة؟

المشكلة عند مرتا ليست أنّها تخدم، بل نسيت من تخدم، فهي تهتمّ بأمور كثيرة ولكن، لا إلى ما يحتاجه يسوع: أن تصغي إليه. مرتا تكدّ وتتعب لتغذّي يسوع ونسيت أنّ يسوع هو من يعطي الطّعام، وأنّ كلامه هو الطّعام الذي يعطي للحياة معناها. إستقبلت يسوع من كلّ قلبها ولكنّها لم تستقبله في قلبها، فاستقبالها هو استقبال المضياف الذي يريد أن يعطي، لا استقبال لكلمة يسوع. فالاستقبال الحقيقيّ ليسوع يكون عندما نتمثّل بتصرّف مريم التي جلست عند أقدام يسوع تنهل وتتغذّى ممّا يعطيها."

وفي الختام كانت كلمة إرشاديّة لكاهن رعيّة مار جرجس ومار ساسين، فقال: "في صلواتنا كثير من الأحيان نتكلّم مع الله، فلدينا الكثير لنقول له. نهتمّ بأمورٍ كثيرة  وننسى أنّ الرّبّ يعرف سابقًا ما عندنا لنقول له لأنّه يعرف قلبنا. ولكن هل نأخذ وقتًا لنسمع ما يريد يسوع أن يقول لنا؟ هل في قدّاسنا نجلس عند أقدام يسوع فنصغي إلى كلامه كما فعلت مريم لنخرج منه وفي قلبنا زوّادة لأسبوعنا الآتي؟ فلنفتح قلبنا دومًا له إذ يقول لنا: "يا بنيَّ أعطني قلبك" (الأمثال 23: 26)."