العراق
28 حزيران 2021, 13:50

ساكو في يوم السّلام للشّرق: كم نحن بحاجة إلى السّلام!

تيلي لوميار/ نورسات
تزامنًا مع احتفالات بطاركة الشّرق بيوم السّلام للشّرق وتكريسه للعائلة المقدّسة، ترأّس بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو القدّاس الإلهيّ في كاتدرائيّة مار يوسف الكرّادة- بغداد، عاونه فيه المطرانان شليمون وردوني وباسيليوس يلدو ومعظك كهنة بغداد الكلدان، بحضور مسؤولين من الدّولة وجمع من المؤمنين.

خلال القدّاس، تُليت كلمة البابا فرنسيس للمناسبة، كما كانت كلمة للبطريرك ساكو قال فيها بحسب إعلام البطريركيّة:

"في هذا الشّرق المضطرب، حيث لا نعلم ماذا سيكون في الغد، كم نحن بحاجة إلى السّلام.

تخصيص يومِ صلاةٍ بهذا البعد الاجتماعيّ والدّينيّ- الرّوحيّ، مناسبة مباركة، تدعونا قبل كلِّ شيء للتّأمّل بأنّ الله المحبّة والسّلام، يريد أن يعيش أولاده البشر، كأخوة وأخوات في واحة جميلة من السّلام، والتّنوّع المتناغم والفرح، كما دعا البابا فرنسيس خلال زيارته للعراق في آذار الماضي إلى أن نعيش كأعضاء متّحدين في أسرة بشريّة واحدة. في هذا الشّرق المضطرب حيث لا نعلم ماذا سيكون في الغد، كم نحن بحاجة إلى السّلام. لنستغلّ فرصة هذا اليوم للصّلاة من أجل السّلام في الشّرق الأوسط وتكريسه للعائلة المقدّسة، لبذل مزيدٍ من الجهود، لتحقيق هذا الهدف السّامي.

دينيًّا: "الله لا يُريدُ الحرب والقتال والدّمار"، لذا جاءت الأديان من خلال تعليمها، ونشاطاتها المتعدّدة، لتزرع السّلام، وتُرسّخ الأمان والحبّ، والاحترام والفرح بين النّاس. ففي المسيحيّة صدحت الملائكة يوم ميلاد المسيح قائلة: "المجد لله في العلى، وعلى الأرض السّلام"، وفي الإسلام، إنّ "السّلام" هو  أحد أسماء الله الحسنى.

إجتماعيًّا: السّلام حاجة أساسيّة للحياة الحرّة، والمستقرّة والكريمة. وفي عصر يمضي في إرساء حقوق الإنسان، دون الطّبقيّة، ليسود القانون مبادئ تبادل المصالح بعيدًا عن نفوذ القوّة، يتحقّق السّلام عندما تكون لنا المحبّة الدّاخليّة، ونتصالح مع بعضنا، ويكون بيننا تقارب صادق وملموس، ونمارس الصّبر، و نتضامن، ونتعاون لبناء مجتمعٍ مستقرّ ومزدهر.

وطنيًّا: يجب أن يغدوَ السّلام التزامًا مشتركًا، بالنّسبة للحكومة بالدّرجة الأولى، على أسس النّظام المدنيّ بعيدًا عن الصّراعات العرقيّة والدّينيّة، فينسحب الالتزام على رجال الدّين، والمواطنين لبث روح الجماعة الواحدة، والبلد الواحد، والفكر الحضاريّ المنفتح، والكفيل بإطفاء نار الصّراعات والاقتتال، وإشاعة نور السّلام والمحبّة والأخوّة والحرّيّة والكرامة.

حاليًّا: نحن في منعطف دقيق وخطير، وقد تألّمنا بما فيه الكفاية، وليست لنا القدرة على الاستمرار في هذا الكابوس، لذا يتحتّم علينا أن نفكّر بطريقة جديدة لحلِّ المشاكل العالقة، بمسؤوليّة وحكمة، خصوصًا أنّ الشّعوب تَبني وحدتَها بالمحبّة، والعلاقات الأخويّة الطّيّبة، والتّضامن والتّعاون. هذا هو الأمل الوحيد، وإلّا فنحن لا سمح الله، سائرون نحو الأسوأ !

تمّ الاتّفاق بين بطاركة الشّرق الكاثوليك أن نخصّص هذه السّاعة، لنوحّد قلوبَنا في الصّلاة رغم المسافات الّتي تفصلنا، لكي نكرّس الشّرق الأوسط للعائلة المقدّسة، طالبين منها نعمة السّلام لعائلاتنا، وشعوبنا، وبلداننا المتألّمة. ليغدو هذا القدّاس دعوة إلى العبور لبناء دولة مدنيّة ديمقراطيّة حقيقيّة، دولة قانون ومؤسّسات، دولة أفعال لا أقوال، دولة تقوم بمهامها في تحقيق المساواة بين جميع مواطنيها وضمان حقوقهم وتأمين حياة أفضل لهم، دولة تليق بحضارتنا وتاريخنا.

نسأل العائلة المقدّسة يوسف ومريم ويسوع، أن ينيروا دروب حياتنا فنُدرك أنّ السّلامَ التزامٌ ثابت وتناغمٌ ونظامٌ.

أتقدّم بالشّكر الجزيل إلى قداسة البابا فرنسيس على الرّسالة البليغة والمؤثّرة الّتي أرسلها إلى كنائسنا بهذه المناسبة.

كما لا يسعني إلّا أن أتقدّم بالشّكر والامتنان من اللّجنة الأسقفيّة "عدالة وسلام" التّابعة لمجلس بطاركة الشّرق الأوسط الكاثوليك الّتي أطلقت هذه المبادرة، وأسأل الله القدير أن يباركهم ويحميهم".