دينيّة
16 آب 2019, 13:00

في 16 آب/ أغسطس: عيد القدّيس روكز

ريتا كرم
قدّيس جديد سكن السّماء وأمطر على الأرض نِعمًاً شهدت لجلالة الرّبّ وعظمته نضيء على سيرته اليوم. هو القدّيس روكز إبن مونبلييه الفرنسيّة، وُلد في القرن الثّالث عشر، وحباه الله منذ أن أبصر النّور نعمة أشارت إلى تميّزه في القداسة، فظهر على صدره صليبًا أحمر رمزًا لجهاده في الحياة حتّى الدّمّ.

 

أظهر الشّابّ محبّة كبيرة للقريب، لم يهتمّ لا لمال ولا لجاه، فبعد أن توفّي والداه- وهو في العشرين من عمره- وزّع أمواله على الفقراء تاركًا لعمّه ما يمتلك من أراضٍ وأرزاق، نفض عنه كلّ مظاهر التّرف وائتزر بزيّ فقير ومضى خارج وطنه مهاجرًا نحو روما حيث انتشر مرض الطّاعون وقضى على حياة الكثير من سكّان إيطاليا. هؤلاء رأوا في مار روكز النّجدة، فأخذ يجول في شوارع إيطاليا يساعد المرضى يخدمهم ويشفيهم من خلال العلامة المقدّسة على صدره، ويدفن من ودّعت روحه جسده.

لم يفلت من مخالب هذا المرض إذ أصابه إصابة شديدة في جنبه؛ فلجأ إلى خارج المدينة حيث تألّم وحيدًا إلى أن ترأّف به الرّبّ فشفاه وأوحى إليه بالعودة إلى وطنه الّذي تغلغت فيه الحروب.

في وطنه، كان عمّ قدّيسنا قد وصل إلى سدّة الحكم فأمر الأخير بسجنه في مكان مظلم بعد أن قبض عليه رجاله متنكّرًا ظنًّا منهم أنّه جاسوسًا. فتحمّل روكز مشقّات السّجن وعذاباته بفضل الصّلاة والصّوم والإماتات مدّة خمس سنوات. وعندما شعر أنّ ساعته قد حانت، أبى أن يغادر هذه الحياة من دون أن ينال الأسرار المقدّسة. وفي لحظة الوداع عام 1327، سطع نور من السّجن، وإذا بلوحة كتب عليها أمام جثمانه: "من أصيب بالطّاعون، والتجأ إلى عبدي روكز، ينجو بشفاعته".

أمام جسده المطروح أرضًا من دون روح، ذرفت جدّته الدّموع الغزيرة بعد أن تعرّفت على حفيدها من خلال الصّليب على صدره، وبدوره أحسّ العمّ الوالي بألم شديد فبكاه بحرقة وبنى كنيسة على اسمه تكفيرًا عن ذنبه وتخليدًا لذكراه.

واليوم، في عيده، نرفع إلى الله بشفاعة مار روكز كلّ مرضى النّفس والجسد، طالبين من الرّبّ أن يحلّ نِعَم صليبه المقدّس على أبنائه، فيرتقون إلى الشّفاء، آمين.