دينيّة
02 آب 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 2 آب 2017

تذكار وجود أعضاء القديس اسطفانوس أول الشهداء (بحسب الكنيسة المارونية) سنة 415، في عهد اركاديوس الملك، ظهر بالرؤيا ثلاث مرات غملائيل معلم مار بولس لكاهن فاضل يدعى لوسيانوس واخبره عن الموقع الذي دفن فيه هو والقديس اسطفانوس اول الشهداء ورفقته. فمضى الكاهن وقصّ الرؤيا على يوحنا اسقف اورشليم. فجاء هذا مع بعض الاساقفة واخرجوا تلك الذخائر من مدفنها ونقلوها الى اورشليم باحتفال عظيم.

 

وسنة 444، شيدت الملكة اودكسيا زوجة الملك تاودوسيوس الصغير، كنيسة فخمة، قرب المحل الذي رجم فيه القديس اسطفانوس، ونقلت اليها ذخائره الكريمة. صلاته معنا. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: تذكار البابا اسطفانوس الاول

من روما. انتخب لرئاسة الكنيسة سنة 254. وفي ايامه وقع الجدال في لزوم اعادة تعميد من عمَّدَهم الهراطقة. فقضى البابا بعدم لزوم تعميدهم، اذا لم يُنقِص هؤلاء شيئاً من مقتضيات السر لا من جهة المادة والصورة والنية.

وفي ايام هذا البابا تفشى الطاعون في روما. فبذل البابا عناية خاصة بالمصابين. ولما اثار فالريانوس الاضطهاد على المسيحيين. كان البابا يشجع المؤمنين ويحثهم على الثبات والصبر، فحنق الملك عليه وارسل جنوده فقطعوا رأسه بينما كان يقيم الذبيحة الالهية في احدى مخابئ روما سنة 257. صلاته معنا. آمين.

 

وجدان عظام أسطيفانس أول الشهداء (بحسب الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة)

إنّ جسد مار إسطيفانس المعظّم رئيس الشمامسة وأول الشهداء بقي زماناً طويلاً خفيّاً عن الناس في قبر عتيق بعيد عن أورشليم نحو ست ساعات بقرب قصبة يقال لها كَرْفَرْ غمالا حيث كانت كنيسة يسكنها شيخ وقور يدعى لُقيانس. وهاك كيفيّة ذاك: في اليوم الثالث من شهر كانون الأول سنة 415، في ليلة الجمعة، بينما كان لقيانس نائماً في بيت المعمودية حسب عادته لحراسة الذخائر المقدّسة، ظهر له شيخ وقور موشّح بأثواب كهنوتيّة له لحية بيضاء وعلى صدره بطرشيل مرصّع بأحجار كريمة، وفي يده قضيب من ذهب. فدنا من لقيانس القسيس ولكزه به وناداه ثلاث مرّات قائلاً: "لقيانس إسمعني". ثم قال له باللغة اليونانيّة: "إذهب إلى يوحنا بطريرك أورشليم وقل له أن يأتي ويفتح القبور التي في داخلها ذخائر القديس إسطيفانس وغيره من خدّام يسوع المسيح، لأنّه بهذه الواسطة سيجد كثيرون رحمة في عيني الرب. لأن الله قد سمع صلوات القديسين أصحاب هذه الذخائر وتحنّن على العالم الذي كاد يهلك بسبب المآثم الفظيعة التي ارتكبها الخطأة".

فانبهر لقيانس من منظر هذا الشيخ وسأله قائلاً: "مَن أنت؟ ولمن تكون هذه الأجساد التي ذكرتها؟". فقال الشيخ: "أنا غملائيل الذي كنتُ معلّم الناموس في أورشليم وعلّمتُ مار بولس الرسول. أمّا الأجساد المذكورة فمنها جسدي. أمّا الذي تراه إلى الجهة الشرقيّة من جسدي فهو جسد مار اسطيفانس الشهيد الذي رجمه اليهود وأنا أخذته ودفنته في قبر كنتُ قد أعددتّه لي داخل دار كانت لي في البريّة بعد الإحتفالات الواجبة للموتى مدّة أربعين يوماً".

وسنة 444 شيّدت الملكة أودكسيا زوجة الملك تاودوسيوس الصغير كنيسة فخمة قرب المحل الذي رُجم فيه القديس إسطيفانس ونقلت إليها ذخائره الكريمة...

 

نقل عظام استفانوس أول الشهداء ورئيس الشمامسة (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

بعدما رجم اليهود القديس استفانوس (أع 7)، اقتبل غمالائيل المعمودية باسم الرّب يسوع ، كما ورد في التراث، وهو الذي درس القدّيس على يد الرسل القدّيسين الأطهار.

 جسد أول الشهداء استفانوس كان ملقًا في المزبلة، فأخذه غمالائيل ومسيحيون آخرون وواروه الثرى في كفر غمالا، في ملكية تخصّه، على بعد عشرين ميلاً من المدينة المقدّسة.

 كذلك ورد أن نيقوديموس، التلميذ الذي جاء إلى يسوع ليلاً (يو3)، بالكاد نجا من الاضطهاد الذي صار على المسيحيين في أورشليم ولجأ جريحاً، إلى قرية غمالائيل الذي كان عمّه. هناك مات متأثراً بجراحه ودُفن بجانب القدّيس استفانوس. وقيل لحق به غمالائيل وابنه حبيب، الذي اعتمد بيد الرسل، هو أيضاً.

مرّت سنوات طويلة وغمر النسيان ذكر الرفات إلى يوم عاين فيه كاهن تقي وقور اسمه لوقيانوس، من قرية كفر غمالا، القدّيس استفانوس ثلاث دفعات.

كان القدّيس يلبس قميصاً كتابياً يشبه استيخارة الشمامسة اليوم، وعليه مطرّزاً اسمه بحروف حمراء مذهبة. شعره طويل أبيض ويحتذي خفاً ذهبياً وفي يده قضيب مذهب ضرب به لوقيانوس برفق داعياً إياه باسمه. أمره أن يُخطر يوحنا، أسقف أورشليم، بنقل رفاته ليتمجّد الله بها.

 للحال أعلم لوقيانوس الأسقف بالأمر فأشار عليه أن يحفر في الموضع الذي دلّه عليه القدّيس.

 كانت، في الموضع، كومة حجارة. في الليلة عينها نبّه القدّيس لوقيانوس إلى أن جسده موارى قليلاً إلى الشمال من ذلك الموضع. باشر الحفر بسرعة فاكتشف لوحة حجرية خُطت عليها بالعبرية أسماء استفانوس ونيقوديموس وحبيب.

 للحال ارتجت الأرض وانتشرت رائحة طيب في المكان. وقيل جرت به أشفية عدّة أحصيت بثلاثة وسبعين.

إذ ذاك سُمعت أصوات ملائكية تصدح: "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة".

الأسقف يوحنا كان، في ذلك الحين، على رأس مجمع في لدّة فحضر برفقة أسقفين آخرين ليتبين جسد الشهيد الأول ونقلوه إلى كنيسة صهيون المقدّسة في أورشليم، في السادس والعشرين من كانون الأول سنة 415م. وقد ورد أن المطر انهمر بعد طول جفاف. ثم في 15 أيار سنة 439م نُقلت رفات القدّيس استفانوس إلى بازيليكا شُيدت في موضع رجمه. هذه أضافت إليها الإمبراطورة أفدوكيا ديراً كبيراً ووسّعتها. لكن تعرّض الكل للخراب إثر غزوة الفرس سنة 614م.

يروى أنه جرى نقل الرفات قليلاً قليلاً إلى القسطنطينية ومن هناك خطفها الصليبيون إلى الغرب إثر نهب القسطنطينية سنة 1204م. أمّا تاريخ الثاني من آب فذكرى وضع الرفات في مكان يعرف بـ "قسطنطيانا" قريب من خلقيدونيا توقفت فيه العربة التي حملت الرفات ولم تشأ الحيوانات التي تجرها، من بعد، أن تتحرّك. هناك بُنيت كنيسة حملت اسم أول الشهداء.

 

تذكار نقل أعضاء القديس إستفانس أول الشهداء ورئيس الشمامسة (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

لقد أتينا على ذكر نقل أعضاء هذا الشهيد الأول بين شهداء المسيح في اليوم السابع والعشرين من شهر كانون الأول وهو اليوم الذي تحتفل الكنيسة بتذكار إستشهاده.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: القديس ألفونس ماري دي ليغوري

ولد ألفونس في مدينة ماريانيلا، بالقرب من مدينة نابولي العاصمة الشهيرة، سنة 1696. وكان بكر والديه. وكانت أمّه إمرأةً ذات تقى وفضيلة كبرى، فعنيت كل العناية بتربيته، وطبعت في قلبه حب الفضيلة والأخلاق الرضية منذ حداثة سنّه. فكبر الولد على هذه الخصال الحميدة، وامتاز بتقواه وطهارته وحسن إنقياده لوالديه وأساتذته. وسهرت أمّه كل السهر على عشرته، فكانت لا تسمح لأيٍّ كان من الرفاق بأن يقرّبه أو يكلّمه. ولذلك أبقته لديها في البيت، وكلّفت أساتذة ماهرين أن يثقّفوه بشتّى المعارف والعلوم.

فما لبث أن أضحى شاباً كاملاً في عقله وثقافته وآدابه وتديّنه، حتى كان يحذّر أن يخيم حتى ظل الخطيئة على قلبه.

وامتاز فوق كل شيء بتقواه ورصانته وسداد عقله، ومواظبته اليوميّة على القيام بواجباته الدينيّة.

ومال ألفونس إلى علم الحقوق ومهنة المحاماة الشريفة، فأضحى محامياً بارعاً يشار إليه بالبنان. فصار الناس يتسابقون إليه في أشغالهم، ويكلّفونه بالدفاع عن دعاويهم. لأنّه كان مثال المحامي النزيه، الذي لا يغويه علمه الواسع، ولا يغرّه مقامه الإجتماعي الرفيع، ولا تسكره الأموال والمطامع، بل كان يرحم الفقير.

فبسمت له الدنيا بزخرفتها، ولمعت أمامك عينيه ببهجتها. وصار كبار القوم يخطبون ودّه، ويعللون الآمال بماهرته. فاختار له والده إبنة كاملة بآدابها وأخلاقها لتكون رفيقة حياته. أمّا هو فكان كثير التفكير، دائم التأمّل في حقائق الإيمان، وغرور الدنيا، وسرعة زوال نعيمها وخيراتها.

ولكن ما كاد يعلم أبوه بعزمه حتى تصدّى له بكل قواه، ومانع أشد الممانعة في التخلّي عنه. لأنّه كان يعلّق عليه، وهو بكره، كل آمال أسرته. وذهب هذا الأب المضطرب يستنجد بالأسقف كافالييري، خال ألفونس، ليقنعه بالعدول عن عزمه.

فأجابه الأسقف بوداعة وحزم: وأنا أيضاً، يا صهري، بكر والديَّ. وقد تركت حقوق بكريتي لأخدم ربّي فكيف يسوغ لي أن أصدّ إبن أختي عن مطلبه؟

فما لبث ألفونس أن انتحل الحياة الإكليريكيّة، ولبس ثوب خدمة المسيح. وكان له إذ ذاك من العمر سبع وعشرون سنة. فلمّا رأت خطيبته ذلك منه، عافت هي أيضاً نعيم الدنيا وغرورها، وذهبت فترهّبت في دير القربان في مدينة نابولي، وعاشت عيشة البر والقداسة. وكتب ألفونس بنفسه سيرة حياتها الجميلة، ووصف فضائلها السامية.

وتفرّغ ألفونس، بكل قواه وكل ما أوتيه من مزايا ومعارف وعواطف، لعبادة الله وخدمة القريب. وأكبّ على درس اللاهوت في إحدى مدارس الآباء اللعازريين. فكان يقضي صباح كل يوم في تعاطي هذه الدروس، ويخصّص الأوقات بعد الظهر لزيارة الفقراء وخدمة المرضى في البيوت والمستشفيات. وعند المساء كان يذهب إلى إحدى الكنائس ليسكب قلبه أمام يسوع الفادي في القربان المقدّس مدّة ساعات طوال، ويناجي المخلّص الذي تنازل وسكن فيما بيننا في سرّه العجيب الحبيب. فكانت له هذه المناجاة دروساً إلهيّة روحيّة، تعلَّم منها أسمى الفضائل المسيحيّة والكمالات الكهنوتيّة.

فصارت حياته هذه الجديدة، ومثله الرائع، وخدماته للقريب. فكانوا ينظرون بإعجاب إلى هذا الذي ترك الدنيا وخيراتها ونعيمها وعظمتها وأمجادها، ليتفرّغ لخدمة الله في شخص الفقير والضعيف والبائس والجاهل، وذلك بغيرة وتفانٍ وتجرّد لا مثيل لها بين طلاّب المطامع في هذه الدنيا. إلاّ أن بعض الجهلة كانوا ينسبون عمله هذا الجليل إلى الحمق، لأنّه يتنافى مع رذائلهم ومطامعهم.

وقَبِلَ ألفونس الرسامة الكهنوتيّة بكل خشوع وتقوى في 22 كانون الأول سنة 1726. ومنذ تلك الساعة أضحت حياته حياة الوعظ والإرشاد. فصار يلقي المواعظ كل يوم في الكنائس، وصارت الجموع تأتيه بكثرة، مأخوذة بسحر كلامه ووداعة تعليمه. وأخذوا يزدحمون حوله في منبر الإعتراف مقرّين بخطاياهم، وتائبين عن معاصيهم.

وكان لا يفرض من الكفّارة على التائبين إلاّ ما يعرف أنّهم يقبلونه بارتياح ويتممونه بلا عناء. وكان يؤثّر ما هو مفيد وسهل، كحضور القدّاس، والتأمّل في آلام السيّد المسيح، وزيارة القربان الأقدس، وتلاوة المسبحة أو جزء منها. وهكذا أعاد إلى الله شعباً غفيراً بحلمه ووداعته وتقواه وغيرته الرسوليّة.

ولم يكتفِ هذا الرسول بإلقاء المواعظ في الكنائس، بل أخذ يجمع الشعب البسيط العامل في الأندية والبيوت والبراري، ويقوم يعلّمهم مبادىء الإيمان، ويحملهم على الرجوع إلى الله، وإلى تعاليم ووصايا الإنجيل المقدّس. ونجحت هذه الطريقة نجاحاً كبيراً، حتى أن الشعب كان يأتي بكثرة إلى سماع تلك المواعظ البسيطة اللذيذة.

وذاع صيت الأب ألفونس في كل مملكة نابولي، وفي بلاد إيطاليا جمعاء. وصار الأساقفة يطلبونه لإلقاء المواعظ الخلاصيّة، في المدن والقرى التابعة لأبرشيّاتهم.

وكانت عبادته لوالدة الإله سلاحاً قويّاً بيده، يردّ به الخطأة إلى الله.

وكان في مدينة سكالا راهبة فاضلة قدّيسة. فقالت يوماً للأب ألفونس بإلهام من الروح القدس، أن الله يدعوه لإنشاء جمعيّة تكون غايتها عمل الرسالة في القرى والدساكر النائية، المحرومة الخدَم الروحيّة اللازمة. فدهش ألفونس لهذا النبأ ، وتهيّب الدعوة، وخاف أن يُقدم على عمل خطير قبل أن يتحقّق ما هي إرادة الله. فصلّى كثيراً، وصام، وابتهل إلى الرب يسوع وإلى أمّه البتول الحنونة، لكي يعرف ما هي مشيئة الرب. واستشار مرشده وبعض رجال الله، فكان الجواب أن أقدِمْ على العمل، لأن في ذلك إرادة الله. حينئذٍ ترك مدينة نابولي سرّاً، وذهب إلى سكالا، وهناك بدأ بتأليف جمعية على إسم يسوع الفادي، دعاها "جمعيّة الفادي الأقدس". فاجتمع إليه عشرة كهنة، وإثنان من المحامين، وأخ راهب واحد. وهكذا نشأت هذه الرهبانيّة التي سوف يكون بها شأن كبير في حياة الكنيسة وأعمالها الرسوليّة.

وامتاز هؤلاء الآباء بفضائلهم السامية، وروح التجرّد الكامل، والغيرة التي لا تعرف حدّاً في طريق التفاني. فكان بيتهم ضيّقاً وفراشهم من القش، وسريرهم بعض ألواح من الخشب، وطعامهم الحساء وشيئاً من الفاكهة، وخبزهم أسود قاسياً. وكان بعضهم يلحس الأرض بلسانه قبل أن يجلس على مائدة الطعام. وكانوا يجلدون أجسادهم ثلاث مرّات في الأسبوع، ويتلون الفرض الكنسي مجتمعين في الكنيسة. وفوق ذلك كانوا يقضون كل يوم ساعات طوالاً ساجدين أمام القربان، وعند قدمي البتول مريم. وكان الأب ألفونس إمامهم وقائدهم في عباداتهم وفضائلهم وأعمالهم. وما هي سنون قليلة حتى تفتّحت أزاهر الحياة الدينيّة في تلك الأبرشيّة.

وبعد مصاعب وشدائد شتّى كادت تلاشي هذا العمل الخطير، بارك الرب صبر ألفونس وتواضعه وتوكّله عليه تعالى. فوضع للجمعيّة الجديدة قوانينها وفرائضها، وأسّسها على روح التضحية والفقر والتواضع. وجعل لها من النذور خمسة: الطاعة والعفّة والفقر الإختياري وعدم قبول الرتب والوظائف الكنسيّة أياً كانت إلاّ  بأمر الحبر الأعظم أو الرئيس العام، وعدم ترك الجمعيّة إلى سواها إلاّ بإذن صريح من الحبر الأعظم أو من الرئيس العام أيضاً.

واجتمع الآباء والأخوة جميعاً في معبدٍ صغير حقير بقرب شوراني، في أبرشيّة سالرنو، وهناك أبرزوا نذورهم، وانتخبوا ألفونس رئيساً عامّاً عليهم. وكان ذلك في 21 تموز سنة 1742. وثبت الحبر الأعظم البابا بندكتس الرابع عشر هذه الجمعيّة الرسوليّة، وصادق على رئاسة الأب ألفونس العامة عليها سنة 1749. ومنح الجمعيّة نعماً ومواهب روحيّة غزيرة. فعمّت أفضالها، وكثر خيرها، وتعددت أديارها، وذاع صيت مؤسسها في كل البلاد.

كان الأب ألفونس مثالاً حيّاً كاملاً لمرسليه في كل الفضائل الرهبانيّة والكمالات الرسوليّة. فكان دائم الإتّحاد بالله، بالصلاة وروح التأمّل. وكان ينهض باكراً جدّاً ويخصّص ساعات طوالاً من الصباح للصلاة العقليّة. وكان يسهر على جعل روح التواضع والإماتة عماد حياته وحياة رهبانه وجعل أوقاته وقفاً على خدمة أخوته وأبنائه المرسلين. فكان يترك كل شيء في سبيل القيام بما يقصدونه به من الأشغال والخدمة.

وكان يواظب دائماً على المطالعة والدرس والتأليف. وكان يطوف القرى والزارع بذاته، ويلقي المواعظ، ويجمع الأولاد ويعلّمهم مبادىء الدين والتقوى.

فطار صيت هذا الرسول القديس في الآفاق. فقرّر ملك نابولي والرئاسة الكنسيّة العليا أن يرقّوه إلى الدرجة الأسقفيّة. فلمّا علم هو بذلك أخذ يمانع ويتذلّل، ويحتج بضرورة بقائه بين أولاده ورهبانه. لكنّهم لم يسمعوا له، بل أقاموه أسقفاً على أبرشيّة القديسة أغاثا، سنة 1726، وكان له من العمر ست وستون سنة. وأبقى له الحبر الأعظم الرئاسة على جمعيته مع إدارة أبرشيته.

وحمل القديس ألفونس إلى أبرشيته الجديدة فضائل عالية، ومحبّة أبوية صادقة. فكان مثال الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن رعيّته.

وكان يُعنى عناية خاصة بتلامذة مدرسته الإكليريكيّة، فيزورهم مرتين في الأسبوع ليكون دائماً الإتّصال بهم، وواقفاً على مجرى تهذيبهم وعملهم وحياتهم.

وكان دقيقاً جدّاً في حساباته وتنظيم ريع أبرشيته. فكان يحتفظ لنفسه بالشيء اليسير، وينفق الباقي كلّه في سبيل الكنائس والمدارس والكهنة والفقراء.

وبنى في أبرشيته كنائس كثيرة، وأنشأ جمعيات شتّى، تقوية وخيرية، للرجال واللنساء، وللشبّان وللشابات. فكان لا يغفل عن صغيرة ولا كبيرة، ويسهر على رعيّته سهر من سيحاسب عمّا أؤتمنَ عليه من الودائع الكريمة.

وافتقده الله بأمراض صعبة وآلام شديدة، فاحتمل مضضها بصبر جميل وتسليم كامل للعزّة الإلهيّة، من غير أن ينقص شيئاً من واجباته الرعائيّة. وأصابه مرض في فقرات عنقه جعلها تتصلّب. فانحنى رأسه على صدره حتى لم يعُد يستطيع أن يرفعه. وبقي لأجل ذلك سنين طويلة لا يقدر على إقامة الذبيحة الإلهيّة. فكان يستعيض عنها بالتناول اليومي. لكنّه لم يترك الوعظ، ولم ينقص شيئاً من عباداته وخدمه وواجباته. وبقي يُجري هو بذاته إمتحان الذين يتقدّمون إلى الرسامة الكهنوتيّة، ومن كان يريد أن يفوّض إليهم سماع الإعترافات في منبر التوبة. وكان يرأس دائماً المحاضرات الكهنوتيّة ويدير أبحاثها.

وبقي القديس ألفونس على رأس أبرشيته يقدّسها بفضائله، ويغذّيها بتعاليمه ثلاث عشرة سنة، حتى صار إبن ثمانٍ وسبعين سنة. فلمّا رأى أن الأمراض تكاثرت عليه، والسنين قد أثقلت كاهله، طلب إلى البابا إكليمنضس السادس عشر أن يعفيه من منصبه ليقضي بقيّة أيامه بسلام بين أولاده ورهبانه. فرفض الحبر الأعظم طلبه، وأجابه قائلاً: أن صلاة صغيرة يقدّمها لله لأجل شعبه، وهو ملقى على فراشه، يرضى الله بها أكثر من ألف زيارة وأفضل من ألف جلدة بالمجالد.

ولمّا رقد بالرب هذا الحبر الأعظم غاب ألفونس يومين عن حواسه. فلمّا أفاق إعترف بأنّه كان يحضر وفاة وجنّاز البابا أكلمنضس هذا.

وصعد على السدّة البطرسية البابا بيوس السادس، فأعاد ألفونس الكرّة في طلب إعفائه من خدمة أبرشيته، فأصغى الحبر الأعظم إلى تضرعاته وعفاه من منصبه. فسرّ وشكر الله، وعاد إلى دير القديس ميخائيل من أديار مرسليه، ليعيش عيشة أصغر الرهبان وأبسطهم.

وعاش القديس ألفونس في هذا الدير إثنتي عشرة سنة، حتى صار إلى شيخوخة كبيرة واضحى إبن إحدى وتسعين سنة. وتألّم كثيراً من أمراضه في سنيه الأخيرة. ولكنّه بقي الشيخ الوديع، الصبور، الدائم التأمّل والإتّحاد بالله.

وقبل وفاته بقليل إجتمع حوله رهبان الدير، فشكر لهم عنايتهم به ثم باركهم. ورقد بالرب رقود الأساقفة الأبرار القديسين في اليوم الأول من شهر آب سنة 1787، في أواخر القرن الثامن عشر.

 

نياحة القديس يوسف البار (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في مثل هذا اليوم تنيح القديس البار الشيخ يوسف النجار الذي استحق أن يدعي أبا للمسيح بالجسد. هذا الذي شهد عنه الإنجيل أنه كان صديقا وقد اختاره الله ليكون خطيبا لكلية الطهر سيدتنا مريم العذراء فلما أكمل سعيه وجهاده وتعبه مع السيد والسيدة بمجيئه بهما من بيت لحم إلى أرض مصر وما قاساه من اليهود، ولما حضر الوقت الذي ينتقل فيه من هذا العالم إلى عالم الإحياء حضر السيد المسيح نياحته ووضع يده علي عينيه وبسط يديه واسلم الروح ودفن في قبر أبيه يعقوب وكانت جملة حياته مائة وإحدي عشرة سنة منها 40 سنة غير متزوج و52 سنة متزوجا و19 سنة مترملًا، وكانت نياحته في السنة السادسة عشرة لميلاد السيد المسيح.صلاته تكون معنا. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: نياحة القديس تيموثاؤس بابا الإسكندرية الثاني والعشرين 

في مثل هذا اليوم من سنة 101 ش. (20 يولية سنة 385 م.) تنيح البابا القديس تيموثاؤس الثاني والعشرون من باباوات الكرازة المرقسية. وقد تولي هذا القديس الكرسي في 17 برمهات سنة 95 ش. (14 مارس سنة 379 م.) وقد رعي رعية المسيح أحسن رعاية وحرسها من الذئاب الأريوسية وفي السنة السادسة من رئاسته ملك ثاؤدسيوس الكبير وفيها أمر الملك بعقد المجمع المسكوني بالقسطنطينية لمحاكمة مقدونيوس وسبليوس وأبوليناريوس، وأظهر ضلالهم كما هو مذكور في اليوم الأول من شهر أمشير.

وقد اهتم هذا القديس ببناء الكنائس في الإسكندرية وغيرها وكان عالما فصيحا وترك كثيرا من الأقوال ردا علي الأريوسين وأقام علي الكرسي ست سنين وأربعة أشهر وستة أيام وتنيح بسلام.

صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين.