الفاتيكان
24 تشرين الأول 2022, 11:15

هذا ما حثّ عليه البابا فرنسيس راهبات القدّيسة بريجيدا والمرسلات الكومبونيّات!

تيلي لوميار/ نورسات
إنّ بعد المحبّة "يتطلّب أن نعيشه أوّلاً في التّفاصيل اليوميّة للحياة الجماعيّة"، هو ما أكّده البابا فرنسيس في كلمة توجّه بها إلى المشاركات في المجمع العامّ لراهبات القدّيسة بريجيدا والمرسلات الكومبونيّات، خلال استقبالهنّ يوم السّبت، وذلك في كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"يشكّل كلّ مجمع عامّ وقفة نعمة للعائلة الرّهبانيّة الّتي تحتفل به. إنّه زمن الطّاعة والانفتاح على الرّوح القدس، لكي تفهموا أولويّات الرّسالة الّتي أوكلها الله إليكم من أجل خير الكنيسة والعالم. كذلك، إنّه فرصة للانطلاق مجدّدًا من المسيح، الّذي يعطي المعنى والملء لكلّ مسيرة كنسيّة. هو، الرّبّ، نقطة الانطلاق للتّجديد الدّاخليّ والجماعيّ. لهذا السّبب، في المقام الأوّل بالنّسبة لنا، هناك دائمًا الحياة الرّوحيّة والعلاقة الشّخصيّة مع الرّبّ يسوع.

"آنيّة موهبتنا من منظور الأمّهات المؤسّسات. الحبّ الثّلاثيّ: الرّهبنة والكنيسة والعالم": هذا هو الموضوع الّذي اخترتموه، يا راهبات رهبنة المخلّص الأقدس للقدّيسة بريجيدا، لمجمعكم العامّ. إنّه يذكّركنَّ بروح البدايات لكي تتمكنَّ هكذا من ترجمة موهبتكنَّ التّأسيسيّة إلى خيارات رسوليّة تتماشى مع المواقف المعاصرة. لذلك، بالأمانة للدّعوة الرّهبانيّة الخاصّة الّتي تميّز رهبانيّة القدّيسة بريجيدا، أنتنَّ مدعوّات لتأكيد أولويّة الله في حياة كلّ واحدة منكنَّ وحياة جماعاتكنَّ. لذلك أحثّكنَّ على أن تكرّسن أنفسكنَّ بشكل خاصّ لصلاة العبادة، لكي تغُصنَ في الحبّ الإلهيّ وتعطينَه بسخاء للّذين تقابلنَهم في مسيرتكنَّ. ما أجمل أن نعبد في صمت أمام القربان المقدّس، وأن نكون في حضرة يسوع المعزّية، وأن نستقي من هناك الدّفع الرّسوليّ لنكون أدوات للخير والحنان والضّيافة في المجتمع والكنيسة والعالم. تشكّل الضّيافة، أحد الجوانب المميّزة لرسالتكنَّ، وستكون أكثر خصوبة بقدر ما ستجعلكنَّ صلاة التّأمّل تخرجنَّ من ذواتكنَّ لكي تركِّزنَ حياتكنَّ على المسيح، وتسمحنَ له أن يتصرّف من خلالكنَّ. هذه الحركة الدّاخليّة ستجعل من الممكن تقديم خدمة للآخرين لا تكون عملاً خيريًّا ومساعدة وإنّما انفتاح على الآخر وقرب ومشاركة؛ في كلمة واحدة: محبّة. إنّ بعد المحبّة، كثمرة للنّموّ الرّوحيّ، يتطلّب أن نعيشه أوّلاً في التّفاصيل اليوميّة للحياة الجماعيّة. كما هو الحال في العائلة حيث نرى الحبّ، في العناية ببعضنا البعض، وإعطاء فسحة لتصرّفات صغيرة من الاهتمام والعناية، وحراسة القلب وقياس الكلمات.

أمّا أنتنَّ، أيّتها المرسلات الكومبونيّات، فقد وضعتنَّ في محور عملكنَّ هذه الأيّام موضوع "إذ حوّلتنا موهبتنا، نحن تلميذات مرسلات نحو الضّواحي الوجوديّة". في الإصغاء إلى الرّوح القدس، أنتنَّ تقترحنَ إيجاد دروب جديدة للبشارة والقرب، من أجل تحقيق موهبتكنَّ، الّتي تضعكنَّ في خدمة الرّسالة إلى الأمم، مع نظرة تفضيليّة إلى الفئات الأكثر ضعفًا. في بذل الذّات الإرساليّ هذا، أشجعكنَّ على الاقتداء بحماسة القدّيس دانياليه كومبوني الرّسوليّة، الّذي ولمائة وخمسين سنة خلّت، إذ حرّكته محبّة الله وشغف الإنجيل، شعر بالدّعوة لكي يؤسّس رهبانيّتكنَّ وهو يفكر في الأشخاص الأشدّ فقرًا والمتروكين في السّودان وضحايا العبوديّة. من خلال الاقتداء بشفقة وحنان مؤسّسكنَّ، ستعرفنَ كيف تضعنَ أنفسكنَّ في خدمة ضحايا العبوديّة الحديثة، الّتي لا تزال للأسف حاضرة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم كآفات اجتماعيّة. فهي تستعبد في الدّعارة، والاتجار بالبشر، والسّخرة، وبيع الأعضاء، وتعاطي المخدّرات، وعمل الأطفال الّذين يتمّ استغلالهم بشكل مخجل، والمهاجرين ضحايا المصالح الخفيّة. لا يمكننا أن نتغلّب على مشكلة العبوديّة هذه دون أن نقضي على أسبابها العميقة، بما في ذلك الفقر وعدم المساواة والتّمييز. إزاء هذه الحقائق، أنتنَّ تقترحنَ تقديم الجواب المسيحيّ، الّذي لا يكمن في الملاحظة المستسلمة، وإنّما في المحبّة الّتي، إذ تحرّكها الثّقة في العناية الإلهيّة، تعرف كيف تحبّ زمنها وتشهد بتواضع للإنجيل. من خلال القيام بذلك، أنتنَّ تدركنَ أنكنَّ تسرنَ عكس التّيّار، وتصطدمنَ بثقافة الفرديّة واللّامبالاة، الّتي تولِّد الوحدة وتسبّب إقصاء وتهميش العديد من الأرواح.

يا راهبات القدّيسة بريجيدا العزيزات، وأيّتها المرسلات الكومبونيّات، نحتفل اليوم بالذّكرى اللّيتورجيّة للقدّيس يوحنّا بولس الثّاني. لقد كان رجل الله لأنّه كان يصلّي كثيرًا، كان يجد الوقت لكي يصلّي على الرّغم من انغماسه في التزامات خدمته العديدة والمتعبة. وهكذا شهد بشكل ملموس أنّ المهمّة الأولى للمسيحيّ والمكرّس والكاهن والأسقف هي الصّلاة، وأنّه لا ينبغي إهمال الصّلاة الشّخصيّة لأيّ سبب من الأسباب. جانب آخر من حياة هذا الحبر الأعظم وشهادته كان قربه من شعب الله، الّذي كان يتمّ التّعبير عنه في السّعي للتّواصل مع النّاس والسّفر إلى جميع القارّات ليكون قريبًا من الجميع، من البالغين والأطفال، من الأصحّاء والمرضى ومن القريبين والبعيدين. أن تستلهمنَ منه، سيجعلكن تنظرنَ إلى الواقع بعيني الرّبّ يسوع؛ وسيساعدكنَّ على السّير بفرح وبالطّاعة للرّوح القدس، وعلى أن تجعلنَ من مواهبكنَّ نبوءة متجسّدة.

أيّتها الأخوات العزيزات، أصلّي إلى الرّوح القدس لكي يمنحكنَّ مواهبه بوفرة لكي تتمكّنَ من أن تترجمن في حياة جماعاتكنَّ الخيارات والقرارات النّاتجة عن أعمال مجمعكنَّ. ليمنحكنَّ الرّوح القوّة لكي تواجهن التّحدّيات الحاضرة والمستقبليّة، والثّبات في خدمتكنَّ الكنسيّة. لتحفظكنَّ العذراء مريم ولتساعدكنَّ وتكون لكنَّ المرشد الأمين لمسيرة رهبانيّاتكنَّ لكي تُتمِّمنَ جميع مشاريع الخير. أشكركنَّ على زيارتكنَّ وأبارككنَّ مع جميع أخواتكنَّ في كلّ جزء من العالم. وأسألكنَّ أن تصلِّينَ من أجلي".