هذا ما قاله البابا فرنسيس عن مار يوسف!
وفي تأمّله لفت البابا إلى أنّ "القدّيس يوسف أب يتقبّل، فقد أحبّ وقبل مريم ويسوع، زوجة وطفلاً يختلفان عن الرّؤية الّتي كان يمكن أن يتمنّاها للعائلة، ولهذا تحديدًا حرسهما وأحبّهما بشكل أكبر. إنّ القدّيس يوسف لم يبحث عن تفسير للواقع المفاجئ والغريب الّذي وجد نفسه أمامه بل قبله بإيمان وأحبّه على ما هو عليه. ومن هذا المنطلق فإنّ القدّيس معلّم حياة روحيّة وتمييز ويمكننا أن نتوجّه إليه للتّحرّر من حبال التّفكير المفرط الّذي نضيع فيه في بعض الأحيان وإن كان انطلاقًا من نوايا حسنة. إنّ هذا التّفكير هو تعبير عن ميلنا إلى الإمساك بما يحدث والسّيطرة عليه بدلاً من تقبّله كما هو."
ومن هنا، حذّر البابا من تجاهل كهنة الرّعايا الجدد من تجاهل تاريخ رعاياهم، داعيًا إيّاهم إلى محبّة الجماعة بمجّانيّة لمجرّد كونه قد أُرسل إليها، ومن خلال محبّته لها سيتعرّف عليها بشكل عميق تدريجيًّا وسيتمكّن من توجيهها إلى دروب جديدة.
ثمّ أضاء البابا على كون مار يوسف أبًا يحرس، فقال: "إنّ كونه حارسًا هو جزء أساسيّ من دعوته ورسالته، وهي مهمّة عاشها القدّيس يوسف برصانة وتواضع وفي صمت، ولكن بحضور دائم وبأمانة تامّة، أيضًا حينما كان يتعذّر عليه الفهم. عاشها في انتباه دائم لله، منفتحًا على علاماته، ومستعدًّا لتنفيذ مخطّط الله، وليس مخطّطه الشّخصيّ. تحمَّل القدّيس يوسف بالتّالي واجبه بالحرّيّة الدّاخليّة لخادم صالح وأمين يتطلّع فقط إلى خير الأشخاص الموكلين إليه. إنّ الحراسة بالنّسبة للقدّيس يوسف، ولكلّ كاهن يستلهم منه الأبوّة، تعني محبّة الموكلين إليه بحنان والتّفكير قبل كلّ شيء في خيرهم وسعادتهم برصانة وسخاء متواصل... إنّ الحراسة هي تصرّف داخليّ يقود إلى عدم إبعاد النّظر عن الآخرين أبدًا وتقييم متى علينا الابتعاد ومتى علينا أن نقترب محتفّظين بقلب يقظ ومتنبّه ومُصلّ. إنّ هذا هو تصرّف الرّاعي الّذي لا يترك قطيعه أبدًا بل ينطلق مكانه بالنّسبة للقطيع من الاحتياجات الملموسة للحظة. فقد يكون في المقدّمة ليفتح للقطيع الطّريق، أو في وسطه لتشجيعه، أو في المؤخّرة لاستقبال الأخيرين. على الكاهن بالتّالي أن يكون حارسًا منتبّهًا ومستعدًّا للتّغيير حسب ما يتطلّب الوضع، لا أن يكون جامدًا فيمارس خدمته ربّما بشكل جيّد لكنّه غير قادر على لمس تغيّرات الجماعة واحتياجاتها. على الرّاعي أن يحبّ قطيعه ويعرفه وأن يضع في المركز لا ذاته أو أفكاره بل خير مَن هن مدعوّ إلى حراستهم، متفاديًا نزعات الهيمنة أو عدم الاهتمام."
أمّا مار يوسف الأب الّذي يحلم، فأكّد الحبر الأعظم أنّه "لم يكن شخصًا حالمًا منفصلاً عن الواقع، بل كان قادرًا على النّظر أبعد ممّا يرى وذلك بنظرة نبويّة، وعلى التّعرّف على تصميم الله حيثما لا يرى آخرون شيئًا. وهكذا كان واضحًا لديه الهدف وتَمَكّن من أن يرى في مريم وبسوع لا زوجة شابّة وطفلاً، بل رأى فيهما فعل الله وحضوره. إنّ القدّيس يوسف فضَّل أن يؤمن بالله لا بشكوكه، وقدّم نفسه كأداة لتنفيذ مخطّط أكبر في خدمة تميّزت بالسّخاء والخفاء."
وبالتّالي هناك ضرورة "أن يحلم الكاهن بالجماعة الّتي يحبّها كي لايقتصر على الحفاظ على ما هو قائم. على الكاهن أن يكون مستعدًّا للانطلاق من واقع الأشخاص لتعزيز ارتداد وتجدّد بالمعنى الإرساليّ وإنماء جماعة في مسيرة، جماعة تلاميذ يقودها الرّوح القدس وتحفّزها محبّة الله."
وفي الختام، دعا البابا الوفد إلى إعادة اكتشاف شخص القدّيس يوسف ورسالته، وذلك بالصّلاة أوّلاً، والكهنة إلى التّعلّم من مار يوسف الأبّوّة.