يونان لشبيبة أبرشيّة بغداد: رافقوا هذا البلد في نهضته مهما كانت الصّعوبات
إفتُتِح اللّقاء بصلاة شكر للرّب ودعوة إلى عيش الرّجاء في هذه السّنة اليوبيليّة.
وألقى مسؤول الشّبيبة في الأبرشيّة الأب بولس زرّا كلمة عبّر فيها عن فرح الشّبيبة "بلقاء الأب والرّأس والرّاعي"، طالبًا بركة لهم، مستعرضًا أبرز الأعمال والنّشاطات الّتي تقوم بها شبيبة الأبرشيّة.
ثمّ كانت كلمة لمنسّق اللّقاء الشّمّاس الإكليريكيّ وسيم زرّا ركّز فيها على أهمّيّة الرّجاء في حياة المؤمن، ولاسيّما الشّبيبة، معرّفًا بفقرات هذا اللّقاء ومضمونه.
بدوره وجّه يونان كلمة شكر فيها بداية الأب زرّا على كلماته العميقة، ثمّ توقّف فيها عند العلاقة الّتي تربطه براعي الأبرشيّة المطران عبّا "والّذي نعرفه منذ سنوات طويلة عندما قَدِمَ إلى كندا عام 1997، وكنّا حينها مطرانًا للولايات المتّحدة الأميركيّة وكندا، فاتّكل أبونا يوسف عبّا على الله ونعمة الرّبّ يسوع، وخدم جماعتنا المنتشرة في مدينة تورونتو وضواحيها، مع أنّها كانت أوّل زيارة له، وكان يحتاج للعمل ودراسة اللّغة الإنكليزيّة والتّأقلم مع قوانين تلك البلاد. وضع يده بيد الرّبّ، وخدم وأسّس بشراء أوّل كنيسة لنا أيضًا في ضواحي تورونتو. ثمّ دعاه الرّبّ للخدمة الأسقفيّة هنا في بغداد، خلفًا للمثلَّث الرّحمات المطران مار أثناسيوس متّي متّوكة الّذي توفّي في آذار الماضي، ساعيًا جهده كي ينهض بهذه الأبرشيّة، رغم الصّعوبات والتّحدّيات الكبيرة الّتي تعرفونها جيّدًا". كما شكر يونان الآباء الكهنة لخدمته وتفانيهم وتواضعهم وأمانتهم، ليتوجّه بعدها إلى الشّبيبة قائلًا بحسب إعلام البطريركيّة: "شبابنا، تأكَّدوا أنّه من أهمّ وأسعد لحظات خدمتنا نحن كبطريرك وكمطران وككهنة وكشمامسة، أن نكون بينكم، أحبّاءنا الشّبّان والشّابّات الموجودين بيننا في هذا المساء. سمعنا كلمات تذكِّرنا بواقعنا المرير هنا في العراق، مثل باقي البلدان في الشّرق الأوسط: خوف، شكّ، ارتياب، قلق، تساؤل للمستقبل، وكلّ هذا لا يمكننا أن ننكره. لكن في الوقت عينه سمعنا كلمات مشجِّعة، ونستطيع القول إنّها تُختصَر بالفرح رغم كلّ شيء، افرحوا دائمًا، كما يعلّمنا مار بولس. مهما كانت ظروف حياتنا والصّعوبات والضّيقات والمضايقات والتّحدّيات، أكان لحاضرنا اليوم، أو لمستقبلنا، فعلينا أن نكون جماعة فرح تنشر الفرح، لأنّ الرّبّ يسوع خلّصنا وأعطانا وعده أن يكون معنا على الدّوام".
وأضاف: "حين كنتُ كاهنًا، ككهنتنا الأعزّاء اليوم، كنتُ أيضًا مربّيًا في التّعليم المسيحيّ في الثّانويات وفي مراكز أبرشيّة الجزيرة في سوريا، كما كنتُ نائب مدير في الإكليريكيّة في دير سيّدة النّجاة- الشّرفة في لبنان. نريد أن يكون الشّبّان والشّابّات، مهما كانت ظروف حياتهم، رسلًا لنشر الفرح، لأنّ إيماننا ليس فقط مقتصرًا على حياتنا على الأرض، والّتي فيها الكثير من الآلام والضّيقات. كثيرًا ما نسمع بأصدقاء أو أقارب لنا يتوفّون بعمر الشّباب، ونسمع بالضّغوطات الّتي نعيشها هنا، ونسمع ونعيش هذا الوضع غير المستقرّ في بلدنا، وكلّ هذا يجعلنا نشكّ: هل يا تُرى يريدنا الرّبّ هنا، أم علينا أن نتطلّع إلى بعيد؟".
وتابع: "كنّا قبل بضعة أيّام في روما، حيث شاركْنا في قدّاس إعلان قداسة مطران ماردين الشّهيد إغناطيوس مالويان، وماردين هي مدينة في جنوب شرق تركيا، لا تبعد عن الموصل وقره قوش وبلداتنا في سهل نينوى سوى قرابة 150 كلم. عرفَتْ ماردين عام 1915 ما نسمّيه سيفو- السّوقيّات أو الإبادة للأرمن والمسيحيّين، وبينهم المطران الشّهيد إغناطيوس مالويان مع أكثر من 260 شهيدًا ساقوهم في حزيران 1915، وأُعلِن تطويب هذا المطران الشّهيد، وقبل 12 يومًا كان إعلان قداسته على يد قداسة البابا لاون الرّابع عشر. ولمّا التقينا مع قداسة البابا في اليوم التّالي، ذكرنا له معاناة المسيحيّين في الشّرق، حيث هاجر أولادنا، أكان إلى أوروبا وأميركا وكندا وأستراليا، ونحن اليوم في خطر الزّوال في هذه البلدان، بلدان الشّرق الأوسط. لا نريد أن نكون متشائمين، ولكن قبل 10-15 سنة حين حدثت مذبحة سيّدة النّجاة الّتي سنحيي تذكارها في قدّاس احتفاليّ غدًا، حيث نستذكر أبناءنا وبناتنا الشّهداء الـ48، وبينهم الكاهنان الشّابّان ثائر ووسيم، حينها كان عددنا أكثر بكثير من الآن، ليس فقط في بغداد، إنّما نعاين هذا الأمر في كلّ المناطق العراقيّة، ونشهده في سوريا وحتّى في لبنان. ولا يمكننا أن ننكر هذا الأمر.
تكلَّمتُ مع قداسة البابا عن أنّ في كلّ شعوب العالم اليوم تحدث الهجرة ويحدث التّهجير، لكن بالنّسبة للمسيحيّين في العراق وسوريا ولبنان، كما حدث في تركيا وإيران، القضيّة وجوديّة، أيّ أنّ بقاءنا في أرض آبائنا وأجدادنا ليس قضيّة اختيار. إنّ واقعنا أليم جدًّا، حيث أغلبيّة أولادنا وأهلنا الّذين هاجروا وقطعوا البحار والمحيطات، من الصّعب والنّادر جدًّا أن يعودوا. لذلك نقول: نحن مهدَّدون بوجودنا، ووجودنا في أرض آبائنا وأجدادنا يمتدّ منذ أيّام الرّسل الّذين بشّروا بالمسيحيّة حتّى يومنا هذا. نحن لسنا مستورَدين. سيزور قداسته تركيا، وسنستقبله هناك، وسنذهب معه إلى نيقية، والّتي تُسمَّى اليوم إزنيك، حتّى نتذكّر أوّل مجمع مسكونيّ الّذي أعطانا قانون إيماننا. لا نريد أن نخيِّب رجاءكم، أحبّائي، فنكون متشائمين. فلننظر إلى يسوع الّذي بفدائه على الصّليب خلّص الكثيرين، وهناك اليوم الملايين من المسيحيّين والرّسل الّذين تبعوه وبشّروا وضحّوا واستشهدوا. نحن أيضًا أولاد هؤلاء الشّهداء، علينا ألّا نخاف".
وإختتم: "أنتم الشّبّان والشّابّات، لديكم هذه الرّسالة، أن ترافقوا هذا البلد في نهضته، مهما كانت الصّعوبات والمضايقات والإضطهادات والعنصريّة والتّمييز والتّهميش. بالرّغم من هذا كلّه، نبقى أبناء وبنات الله الّذي عرفناه عن طريق يسوع المسيح. نبقى الشّعب المؤمن الّذي يتوجّه بنظره نحو السّماء، وعلى الأرض يبني ويجمع ويدعو بفرح للسّلام والمحبّة. فليبارككم الرّبّ جميعًا".
بعدها كانت كلمة للمطران مار أفرام يوسف عبّا الّذي شكر البطريرك يونان على كلماته الأبويّة المشجّعة قائلًا: "أنتم الحريصون على كلّ شخص في كلّ أبرشيّة ورعيّة وإرساليّة، وأنتم أكثر من زار ويزور الأبرشيّات والرّعايا والإرساليّات السّريانيّة في العالم. نشكركم على أنّكم تخصّون أبرشيّة بغداد في زياراتكم، فهذه هي أبرشيّتكم على الدّوام، ونحن أولادكم. نقدّم لكم كلّ الشّكر والعرفان بالجميل، ولا ننسى أفضالكم. فزيارة غبطتكم هذه هي فعلًا زيارة رجاء ومحبّة وتشجيع لبقائنا هنا في هذا البلد. إنّكم تعرفون، سيّدنا، كم أنّ الشّباب في هذه الأبرشيّة هم ملتزمون في الكنيسة ومتمسّكون بالإيمان.
أمّا أنا، فقد عملتُ مع سيّدنا البطريرك قرابة 12 سنة في كندا، وتعلّمتُ منه الكثير، تعلّمتُ منه الالتزام، فضلًا عن الاكتناز من خبرته، فقد أسّس 14 رعيّة وإرساليّة في أميركا خلال 20 سنة، رغم كلّ الجهد والعناية والتّحدّيات والتّنقُّلات والسّفر من ولاية إلى أخرى. وكراعٍ أخذ يفتّش عن كلّ خروف من خراف الرّعيّة، واليوم أبرشيّة أميركا هي من أكبر الأبرشيّات، والفضل يعود إلى غبطته، فغبطته عمل كثيرًا وتعب كثيرًا. نسأل الله أن يمتّعه بالصّحّة والعافية والعمر المديد، ليبقى على رأسنا دائمًا لسنين وسنين عديدة، وربّنا قدير أن يقوّيه ليتابع خدمته، راعيًا أمينًا لكنيستنا السّريانيّة. شكرًا سيّدنا، بارخمور".
بعدها كان حوار بين البطريرك يونان والشّبيبة، أجاب خلاله على تساؤلاتهم حول مواضيع مختلفة.



