العراق
29 أيلول 2023, 05:55

يونان من قره قوش: اليوم نأتي لنبكي معكم ولكنّنا نؤمن أنّ الضّحايا معنا وبيننا وفي قلوبنا بالرّوح

تيلي لوميار/ نورسات
أقام بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان، صباح الخميس، القدّاس الإلهيّ ورتبة الجنّاز راحة لنفوس الرّاقدين من ضحايا مجزرة وفاجعة سهرة عرس قره قوش (بغديده)، وذلك على مذبح كاتدرائيّة الطّاهرة الكبرى في قره قوش، بمشاركة لفيف من الأساقفة والآباء والشّمامسة، إضافة إلى جماهير غفيرة من المؤمنين غصّت بهم الكاتدرائيّة، وفي مقدّمتهم أفراد عائلات الضّحايا وأهلهم.

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى يونان عظة وسط تأثّر شديد، استهلّها بكلمات من سفر الجامعة: "لكلّ شيء وقت"، وقت للفرح، وقت للبكاء، وقت للحزن، وبقول لمار بولس الّذي "يكتب ويذكّرنا أن نفرح مع الفرحين، ونحزن مع الحزانى"، وقال يونان: "قبل أسبوعين، كنّا بينكم نفرح بعقد سينودس الأساقفة لكنيستنا السّريانيّة الكاثوليكيّة هنا في بغديده. كانت فرحة لجميعنا، وكنّا نشكر الرّبّ على هذه النّعمة. واليوم نأتي لنبكي معكم وبينكم الضّحايا الّتي تغرّبت عن هذه الدّنيا الفانية، وغابت عنّا بالجسد، ولكنّنا نؤمن أنّهم معنا وبيننا وفي قلوبنا بالرّوح.

إنّ الكلمات لا تسعنا في مثل هذه الحالة كي نقوم بالتّفلسُف ونفتّش عن الأسباب وعن معنى هذه الفاجعة الّتي حصلت. ليس لنا إلّا أن نبكي، ليس لنا إلّا أن نفتقد الأحبّاء، وليس لنا إلّا أن ننشد التّعزية حولنا لجميع الّذين فُجِعوا بفقدان أحبّاء لهم.

نعرف أنّ هناك عائلات بكاملها غابت عنكم، وجميعكم تعرفون ذلك، لكن علينا أن نتأمّل بهذا السّرّ الّذي يفوق إدراكنا، ونسأل الرّبّ: لماذا؟، لماذا؟، لماذا؟".

وأكّد على أنّه "لا يسعنا إلا أن نعود إلى جذور إيماننا، ونعود إلى هويّتنا الّتي تدعونا أن نقبل مشيئة الرّبّ، وأن نتبعه في طريق آلامه، وأن نشدّد ونعزّي بعضنا بعضًا، كي نتابع مسيرتنا على هذه الفانية حسبما يرضي الرّبّ ويرضي المجتمع الكنسيّ الّذي نعيش فيه، هذه المدينة الّتي نفتخر بها، والّتي فُجِعَت بفقدان أحبّاء كثيرين من بينكم".

وضرع يونان في الختام "إلى الرّبّ يسوع، كي يقوّينا، بشفاعة أمّنا مريم العذراء الطاهرة، معزّية الحزانى، ويساعدنا ويساعدكم على السّير في طريق الرّبّ حسبما يرضي مشيئته المقدّسة".

وفي نهاية القداس، وجّه المطران بنديكتوس يونان حنّو الشّكر البنويّ الجزيل إلى البطريرك يونان لقدومه بزيارة المواساة والقرب الأبويّ وترؤُّسه هذه المناسبة الأليمة، داعيًا له بالصّحّة والعافية والعمر المديد، شاكرًا المطارنة والكهنة والإكليروس والحاضرين جميعًا، مثمّنًا تضامُن جميع مكوّنات الوطن مع أبناء بغديده في مصابهم الأليم والمفجع هذا، وسائلاً الرّبّ أن يعزّي الجميع بتعزياته السّماويّة.

وعند العاشرة صباح الخميس، ترأّس يونان رتبة جنّاز ودفن كوكبة من الضّحايا، بحسب الطّقس السّريانيّ الأنطاكيّ، وتُلِيَت القراءات المقدّسة والصّلوات والتّرانيم طلبًا لرحمة هؤلاء الرّاقدين على رجاء القيامة.

وكان يونان قد شارك في تقبّل التّعازي، في كنيسة مار بهنام وسارة في قره قوش، من قبل عدد من المسؤولين المدنيّين والأمنييّن، ومن أساقفة وخوارنة وكهنة ورهبان وراهبات من مختلف الكنائس الشّقيقة، فضلاً عن جماهير من المؤمنين من أبناء قره قوش.

ومن بين المعزّين، استقبل يونان رئيس مجلس الوزراء العراقيّ محمّد شياع السّودانيّ، شاكرًا إيّاه على "بادرته الوطنيّة الصّادقة"، ووقوفه بجانب أبناء المدينة في هذه المحنة، كما على تشكيل لجنةً تحقّق في مثل هذه الكوارث لخير الوطن أجمع.

بدوره أكّد السّودانيّ أنّ "هذا الألم أصاب كلّ العراقيين، إذ نجد اليوم علامة حزن ومواساة تعمّ كلّ بلدنا العزيز، في صورة أخوّة ومودّة ومحبّة يتّسم بها شعبنا العزيز، فجميعنا بمختلف أدياننا وتوجّهاتنا نؤمن بالله وبحكمته. ورغم الألم والحزن الّذي تتّسم به الأجواء من جرّاء فقدان الأحبّة والأعزّاء، فهناك إحساس بالمسؤوليّة، وهذا واجبنا"، مشيرًا إلى أنّ "هذه الفاجعة تشكّل مناسبة للوحدة والتّضامن وتعزيز قيم التّعايش".