يونان من كنيسة القدّيسة تريزيا- زحلة: نسأل شفاعتها ليساعد الرّبّ هذا البلد لينهض
بهد استقبال حاشد، دخل يونان بموكب حبريّ مهيب إلى الكنيسة، يتقدّمه الأساقفة والكهنة والشّمامسة، واحتفل بالقدّاس.
وللمناسبة، ألقى عظة بعد الإنجيل المقدّس بعنوان "إن لم تصيروا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السّماوات"، قال فيها بحسب إعلام البطريركيّة: "قبل كلّ شيء، نودّ أن نشكركم، أيّها الأحبّاء، لتفانيكم وتضحياتكم الّتي ساعدتم وعبّرتم بها عن محبّتكم للكنيسة، بترميمكم هذه الكنيسة، وبوضع هذه الأيقونات الجميلة في قدس الأقداس، وكلّ الأعمال الّتي قمتم بها في قاعة الكنيسة وفي مداخلها. وبذلك أظهرتم إيمانكم سخاءكم وغيرتكم على كنيستكم، إن كنتم هنا في الرّعيّة، أو في بلدان الانتشار. كما نشكر المونسنيور أنطوان حمزو كاهن رعيّتكم على كلمته التّرحيبيّة وأدعيته كي تنمو رعيّتكم بالنّعمة حسب قلب الرّبّ يسوع، وبصلوات وأدعية هذه القدّيسة العالميّة تريزيا الطّفل يسوع، والّتي على اسمها شُيِّدَت هذه الكنيسة. ونشكر جميع الكهنة والشّمامسة الّذين خدموا هذه الرّعيّة منذ تأسيس كنيسة مار أفرام وتأسيس كنيسة القدّيسة تريزيا.
إنّ الطّفل يسوع كان هدف حبّ القدّيسة تريزيا منذ طفولتها، حتّى أنّ إحدى الأمّهات في الرّهبانيّة سمَّتْها تريزيا الطّفل يسوع لأنّها كانت مشغوفة بالمخلِّص الإلهيّ الّذي تنازل وتواضع وأصبح بشرًا مثلنا، كي يرفعنا إلى أبيه السّماويّ. وبالتّأكيد، لقد قرأتم حياة القدّيسة تريزيا واطّلعتم عليها، وقد استقبلْنا ذخائرها منذ بضعة أشهر في لبنان، وصلّينا لها كي تكون شفيعة لبنان لدى الطّفل الإلهيّ، لينهض من أزماته المتكرّرة الّتي طالت، وللأسف، وأصبحنا نوعًا ما يُهزَأ بنا بين الأمم، ويقولون إنّنا كنّا نعرف لبنان بسويسرا الشّرق، وأين أصبح اليوم! لقد بات رهينةً لبعض من يتاجر به، أكان باسم الدّين، أو باسم الطّائفيّة أو السّياسة. نسأل الرّبّ، بشفاعة هذه القدّيسة البريئة كالأطفال، أن يحنّ علينا، ويساعد هذا البلد لينهض بكلّ أبنائه وبناته، فيعود ويكون حقيقةً بلدًا لامعًا على السّاحة الدّوليّة".
وفي عظته، وضع يونان الحاضرين بأجواء زيارته إلى الهند، وقال: "قمنا، في الأيّام الثّمانية الماضية، بزيارة كيرالا، وهي الولاية الجنوبيّة الغربيّة من الهند، وفيها نسبة المسيحيّين أكثر من باقي الولايات، لأنّ السّريان منذ القرون الأولى ذهبوا يبشّرون تلك الأراضي البعيدة. فالسّريان وصلوا، ليس فقط إلى الهند، بل إلى الصّين أيضًا. لم يبقوا في الصّين، لكنّ آثارهم لا تزال موجودة إلى اليوم، لكنّهم بقوا في الهند، واليوم أكبر نسبة للمسيحيّين هناك هي للمسيحيّين الشّرقيّين، أكانوا كاثوليك أو أرثوذكس. وما نفتخر به هو أنّ لدينا كنيسة سريانيّة كاثوليكيّة ملنكاريّة في الهند، صحيح أنّها تُعتبَر بالنّسبة للكنائس الأرثوذكسيّة الشّقيقة صغيرة العدد، لكن إذا قارنّا نفسنا، نحن وكلّ المسيحيّين في هذا الشّرق الّذي هو منبع المسيحيّة وأرض الإنجيل والرّسل والفداء، فيسوع فدانا في هذه الأرض، نستطيع أن نقول إنّنا بعيدون عنهم كثيرًا. لقد حافظوا على إيمانهم في هذه المنطقة في الهند، وعلى تقاليدهم الشّرقيّة، وعلى الأخصّ هذه التّقوى الرّائعة الّتي لمسناها. زرناهم مع وفد مؤلَّف من 13 شخصًا، والجميع، لاسيّما الّذين يزورون كيرالا لأوّل مرّة، أُعجِبوا بهذا الإيمان الّذي لمسوه هناك".
وتابع: "يشاركنا في هذا الاحتفال الرّوحيّ اليوم مطرانان من كنيستنا، يتميّزان بالغيرة على الكنيسة والإيمان الحقيقيّ، وبدعوة كهنوتيّة وأسقفيّة لا غبار عليها، لا بل هما راعيان صالحان، خدما في بلدهما العراق، ثمّ توجّها إلى كنائس الإنتشار، وأنا كنتُ هناك كاهنًا ثمّ أسقفًا، وطلبتُ من سيادة المطران يوسف حبش، الّذي كان كاهنًا في البصرة- العراق، وسيادة المطران يوسف عبّا، الّذي كان كاهنًا في قره قوش، كي يأتيا ويساعدانِنا في الخدمة في الولايات المتّحدة الأميركيّة وكندا. فلبّيا الدّعوة من دون أيِّ تردُّد، ولم ينظرا إلى الوراء، وضعا يدهما على المحراث وتطلّعا إلى الأمام، كي يبنيا ويخدما الكنيسة. ولمّا دعاهما الرّبّ للدّعوة الأسقفيّة، لم يقصّرا، بل خدما، سيّدنا يوسف حبش في الولايات المتّحدة وكندا، وسيّدنا يوسف عبّا في بغداد. كما أنّ سيدنا عصام درويش تميّز هو أيضًا بخدمته، أكان هنا في الشّرق أو في أستراليا. نحتاج إلى رعاة صالحين يتطلّعون نحو المسيح مثالهم، ويكونون مثالًا للخدمة، بالبرّ والتّقوى والنّزاهة، مهما كان ضعفهم البشريّ".
وقدّم الشّكر "للرّبّ على دعوته إيّانا، ونحن نتمثّل بهذه القدّيسة تريزيا الّتي تعرفون حياتها، خاصّةً الكتاب الّذي كتبَتْهHistoire d’une âme "قصّة نفس"، وفيه تتكلّم عن طفولتها، حين كانت طفلة صغيرة ككلّ الأطفال، لديها نقائصها، لكن رويدًا رويدًا، قادها الرّبّ إلى القداسة، وانتقلت إليه بعمر 24 سنة. إنّها تذكِّرنا بالقدّيسين والقدّيسات الّذي ابتُلُوا بأمراض، لأنّهم لم يكونوا يهتمّون بأنفسهم، وانتقلوا إلى السّماء".
وإختتم عظته ضارعًا "إلى الرّبّ يسوع، بشفاعة القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع، أن يبارك رعيّتنا، ويبارك زحلة العزيزة ومؤمنيها، ويبارك لبنان، ويجعله مشعًّا بالتّقوى والرّوحانيّة والحضارة، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، والقدّيسة تريزيا الطّفل يسوع، وجميع القدّيسين والشّهداء".
وكان المونسنيور أنطوان حمزو قد ألقى كلمة رحّب فيها بالبطريرك يونان شاكرًا إيّاه على بركته الأبويّة لأبناء الرّعيّة، وعلى كلّ ما قام به خلال مسيرته "من أجل بناء حضارة المحبّة والرّحمة والعدالة والحقيقة والحرّيّة والسّلام والأخوّة الإنسانيّة المستدامة".
بعد القدّاس، انتقل الجميع إلى قاعة الكنيسة الّتي باركها البطريرك يونان بعد انتهاء التّرميم، وتحلّق الجميع حوله بأجواء من الفرح الرّوحيّ.