الفاتيكان
08 تشرين الأول 2019, 05:55

"إلتزام المحبّة"... دعوة البابا فرنسيس لأساقفة أوروبا

حثّ البابا فرنسيس أساقفة أوروبا أن يكونوا "شجعانًا في المحبّة الّتي هي الترياق الأقوى ضدّ الانقسامات والنزاعات"، وذلك في رسالة وجّهها إليهم يوم الجمعة، في إطار الجمعيّة العامّة لاتّحاد المجالس الأسقفيّة في أوروبا الّتي عُقدت في سانتياغو دي كامبوستيلا- إسبانيا حول موضوع "أوروبا، زمن الاستيقاظ؟ علامات الرجاء"، فكتب إلى رئيس الاتّحاد الكاردينال أنجلو بانياسكو واصفًا الموضوع " بأنّه دافع مهمّ للتفكير حول دروب جديدة بإمكانها أن تعيد الرجاء إلى أوروبا"، وتابع:

"أيّها الأخوة الأعزاء في الأسقفية أدعوكم لكي تعيشوا هذه الأيام كمسيرة موجّهة نحو فهم علامات الرجاء التي تملأ أوروبا اليوم؛ هناك علامات عديدة، وغالبًا ما تكون خفيّة، علمًا أننا كثيرًا ما لا نتنبّه لها. يمكننا أن نرى هذه العلامات بدءًا من اهتمام العديد من إخوتنا بالذين يتألّمون ويعيشون في العوز ولاسيما المرضى والمساجين والفقراء والمهاجرين واللاجئين، كذلك أيضًا في الالتزام في المجال الثقافي ولاسيما في مجال تربية الصغار الذين هم مستقبل أوروبا.
ليكن التزامكم إذًا التزام محبّة، لأنّها الدرب الأساسية لحياة المسيحي كما يعلّمنا ربنا يسوع نفسه: "لأَنِّي جُعتُ فأَطعَمتُموني، وعَطِشتُ فسَقَيتُموني، وكُنتُ غَريبًا فآويتُموني، وعُريانًا فَكسَوتُموني، ومَريضًا فعُدتُموني، وسَجينًا فجِئتُم إِلَيَّ". كُلَّما صَنعنا شَيئًا مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتنا، نكون قد صنعناه للرب يسوع! هذه المجانية تشكّل علامة رجاء ملموسة لأنّها تحملنا إلى النظر إلى الآخر كشخص. إنّ نزعات الشعبوية التي نراها تنتشر خلال هذه الأيام تتغذى من البحث المستمرّ عن النزاعات التي لا تفتح القلوب بل تسجنها داخل جدران الاستياء الخانقة، أما المحبّة فتفتحها وتجعلها تتنفّس.
إنَّ المحبّة تجاه القريب تحثّنا على أن نعترف بأنّنا أبناء لأب واحد خلقنا ويحبنا. وبالتالي لا يجب أن ينقص التزامنا في تقديم شهادة إيمان لزمننا الضائع، مدركين أنّ الإيمان لا ينقل بالاقتناص وإنّما بالجذب، أي من خلال الشهادة. فالأمر لا يتعلّق بإعادة تقديم مخططات الماضي وإنّما بأن نسمح لروح الرب أن يقودنا في تقديم الفرح الذي ينبعث من الإنجيل للرجال والنساء الذين نلتقي بهم خلال خدمتنا اليومية.
سيساعدكم في هذا الأمر إعادة اكتشاف أمثلة ثلاث نساء قديسات أعلنهنَّ القديس يوحنا بولس الثاني شفيعات لأوروبا في الأول من تشرين الأول عام 1999: القديسة بريجيدا والقديسة كاترينا السيانية والقديسة تريزيا بينيديتا للصليب. معًا يُظهرنَ لنا المحبّة المعاشة في العائلة أساس كل مجتمع بشري وكخدمة للقريب في الحقيقة والتضحية. إنّ تصرفاتهنَّ البسيطة مفعمة بالرجاء لأنها مفعمة بذلك الحب الذي يحرّك الشمس والنجوم الأخرى ويجعلنا إنسانيين بشكل كامل.
في اتخاذكم لمسيرة القرب هذه في انحنائكم على جراح الضائعين والعزل والمهمّشين ستجدّد الكنيسة التزامها من أجل بناء أوروبا، مسؤولية ثابتة منذ أن وصل بولس وسيلا وتيموتاوس إلى شواطئ أوروبا. وفي الأمانة لربّه ولجذوره لا يتوقّفنّ شعب الله عن الاجتهاد من أجل أنسنة أوروبية جديدة قادرة على الحوار والإدماج والخلق مثمّنين في الوقت عينه ما هو عزيز على تقليد القارة: الدفاع عن الحياة والكرامة البشرية وتعزيز العائلة والاحترام لحقوق الشخص الأساسية. من خلال هذا الالتزام يمكن لأوروبا أن تنمو كعائلة من الشعوب وأرض سلام ورجاء. بهذه الأمنيات أحثّكم على متابعة التزامكم الراعوي، وإذ أؤكّد لكم صلاتي أمنحكم فيض البركة الرسولية."

 

المصدر: فاتيكان نيوز