الفاتيكان
10 آذار 2023, 07:30

البابا فرنسيس: الآخر يستحقّ الاستقبال لا لما لديه أو لما يمكنه أن يقدّمه وإنّما لما هو عليه

تيلي لوميار/ نورسات
هذا ما أكّده البابا فرنسيس في كلمة توجّه بها إلى المشاركين في مؤتمر "Cattedra dell’Accoglienza" الّذي تنظّمه راهبات الـ"Fraterna Domus، خلال استقبالهنّ أمس الخميس في القصر الرّسوليّ.

وفي كلمته قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "أودّ أوّلاً أن أهنئكنَّ أيّتها الأخوات على هذه المبادرة، الّتي وضعتنَّ فيها موهبتكنَّ وخبرتكنَّ وهيكليّاتكنَّ أيضًا في خدمة الّذين يعملون بطرق مختلفة في مجال الاستقبال: مجال غنيّ بالقيم والرّوحانيّة، ولكن تعبره أيضًا مآسي عصرنا.

أيّها الإخوة والأخوات سأشارككم بعض التّأمّلات من خلال الإشارة إلى الرّسالة العامّة  "Fratelli tutti". الإستقبال هو إحدى السّمات الّتي تميّز ما أسميته "العالم المفتوح". والرّسالة العامّة هي دعوة "لكي نفكّر في عالم مفتوح ونخلقه"، وأنتم تجيبون على هذه الدّعوة: أنتم تقومون بذلك من خلال العمل الّذي تقومون به يوميًّا، بدون تصفيق، وبدون تسليط الضّوء عليه، وأنتم تقومون بذلك أيضًا من خلال لقاءات التّنشئة هذه. في الواقع، لكي تكونوا قادرين على العمل، ولكي تكونوا قادرين على خلق الاستقبال، من الضّروريّ أيضًا أن تفكّروا في الاستقبال. هذه هي القيمة العظيمة لهذه اللّحظات الّتي تعيشونها، والّتي تعمّقون فيها معًا الجوانب المختلفة: الأنثروبولوجيّة، والأخلاقيّة، والدّينيّة، والتّاريخيّة، وما إلى ذلك.

لنعد إلى الرّسالة العامّة. هناك مقطعين أعتقد أنّهما قد يكونان مهمَّين لكم بشكل خاصّ. يمكنكم أن تجدوا الأوّل في الفصل الثّالث، تحت عنوان "الانفتاح التّدريجيّ للحبّ"، وأقتبس: "إنَّ الحبّ يجعلنا نميل نحو الشّركة العالميّة. لا أحد ينضج أو يصل إلى ملئه من خلال عزل نفسه. يتطلّب الحبّ، بديناميكيّته، انفتاحًا تدريجيًّا، وقدرة أكبر على قبول الآخرين، في مغامرة لا تنتهي أبدًا تجمع جميع الضّواحي معًا نحو شعور كامل بالانتماء المتبادل. لقد قال لنا يسوع: "أنتم جميعًا إخوة". الإستقبال هو تعبير عن الحبّ، وعن ديناميكيّة الانفتاح الّتي تدفعنا لكي نهتمَّ بالآخر، ونبحث عمّا هو أفضل لحياته، وهذه هي المحبّة الّتي يبعثها الله فينا. وبقدر ما يُطبع بموقف الانفتاح والاستقبال هذا، يصبح المجتمع قادرًا على دمج جميع أعضائه، حتّى الّذين ولأسباب مختلفة هم "غرباء وجوديّون" أو "منفيّون خفيّون"، كما يكون في بعض الأحيان، بالنّسبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة والمسنّين.

المقطع الثّاني من الرّسالة العامّة Fratelli tutti الّذي أقترحه عليكم هو العدد ١٤١. وأقرؤه بالكامل: "إنَت الجودة الحقيقيّة لمختلف بلدان العالم تقاس بهذه القدرة على التّفكير ليس فقط كبلد، وإنّما أيضًا كعائلة بشريّة، ويتجلّى ذلك بشكل خاصّ في المراحل الحرجة. إنَّ القوميّات المنغلقة تُظهر هذا العجز عن المجّانيّة، والقناعة الخاطئة بأنّه يمكننا أن نطوِّر أنفسنا على هامش خراب الآخرين، وأنّه من خلال الانغلاق على الآخرين سنكون محميّين بشكل أفضل. فيُنظر إلى المهاجر على أنّه مغتصب لا يقدّم شيئًا. وهكذا نصل إلى الاعتقاد بسذاجة أنّ الفقراء هم خطرون أو لا فائدة منهم وأنّ الأقوياء هم محسنون أسخياء. وحدها ثقافة اجتماعيّة وسياسيّة تتضمّن الاستقبال المجّانيّ يمكن أن يكون لها مستقبل". نحن في الفصل الرّابع الّذي يحمل عنوان قلب منفتح على العالم كلّه، والّذي نتحدّث فيه عن "المجّانيّة الّتي تستقبل". إنّ جانب المجّانيّة هو ضروريّ لتوليد الأخوَّة والصّداقة الاجتماعيّة. وبالنّسبة لكنَّ، أريد أن أُسلّط الضّوء على الجملة الأخيرة: "وحدها ثقافة اجتماعيّة وسياسيّة تتضمّن الاستقبال المجّانيّ يمكن أن يكون لها مستقبل". الإستقبال المجّانيّ. غالبًا ما نتحدّث عن المساهمة الّتي يقدّمها المهاجرون أو يمكنهم أن يقدّموها للجماعات الّتي تستقبلهم. هذا الأمر صحيح ومهمّ. لكنَّ المعيار الأساسيّ لا يكمن في نفعيّة الشّخص، وإنّما في القيمة الّتي يمثّلها في حدّ ذاته. فالآخر يستحقّ الاستقبال لا لما لديه، أو لما يمكنه أن يقدّمه، وإنّما لما هو عليه.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أترك لكم نقاط التّأمّل هذه، وأشجّعكم على مواصلة مسيرتكم في التّنشئة، لكي تتمكّنوا من أن تعيشوا الاستقبال بشكل أفضل وتعزّزوا ثقافة الضّيافة. لترافقكم مريم العذراء. أبارككم من كلّ قلبي، وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي".