الفاتيكان
30 كانون الثاني 2023, 07:30

البابا فرنسيس يدعو للصّلاة من أجل زيارته الرّسوليّة إلى الكونغو الدّيمقراطيّة وجنوب السّودان

تيلي لوميار/ نورسات
عشيّة زيارته الرّسوليّة إلى جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة وجمهوريّة جنوب السّودان، توجّه البابا فرنسيس، في ختام صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، بالشّكر إلى السّلطات المدنيّة والأساقفة المحلّيّين على الدّعوات والاستعدادات لهاتين الزّيارتين، محيّيًا بحرارة هؤلاء سكّان البلدين، قائلاً: "منذ فترة طويلة كنت أرغب في زيارة هذين البلدين اللّذين أحملهما في قلبي بطريقة مُميّزة واللّذين أعتزم الذّهاب إليهما كحاجّ للسّلام والمصالحة. تلك الأراضي الواقعة في وسط القارّة الإفريقيّة الكبرى والّتي تعذّبها صراعات طويلة: تعاني جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة، لاسيّما في شرق البلاد، بسبب الاشتباكات المسلّحة والاستغلال. في حين أنّ جنوب السّودان، الّذي مزّقته سنوات من الحرب، يتطلَّع إلى انتهاء العنف المستمرّ الّذي يجبر الكثير من النّاس على العيش مشرّدين وفي ظروف صعبة. سأصل إلى جنوب السّودان برفقة رئيس أساقفة كانتربري ومنسِّق الجمعيّة العامّة لكنيسة اسكتلندا: سنعيش معًا، كأخوة، مسيرة حجّ مسكونيّ للسّلام، لكي نطلب من الله ومن البشر نهاية الأعمال العدائيّة والمصالحة. أسأل الجميع من فضلكم أن ترافقوا هذه الزّيارة بالصّلاة".

وكان البابا فرنسيس، قبيل الصّلاة، قد ألقى كلمة روحيّة توقّف فيه عند الجانب النّموذجيّ لفقراء الرّوح: "عدم الهدر"، فقال بحسب "فاتيكان نيوز": "في اللّيتورجيا اليوم، تُعلَن التّطويبات بحسب إنجيل القدّيس متّى، والطّوبى الأولى والأساسيّة: "طوبى لِفُقَراءِ الرّوح، فَإِنَّ لَهُم مَلَكوتَ السَّمَوات".

من هم "فقراء الرّوح"؟ إنّهم الّذين يعرفون أنّهم لا يكفون أنفسهم، وأنّهم لا يتمتّعون بالاكتفاء الذاتيّ، ويعيشون كـ"متسوّلين لله": يشعرون بالحاجة إلى الله ويعترفون أنّ الخير يأتي منه، كعطيّة، وكنعمة. إنَّ فقير الرّوح يغتني بما يناله؛ لذلك يتمنّى ألّا تُهدر وتضيع أيّة عطيّة. أودّ اليوم أن أتوقّف عند هذا الجانب النّموذجيّ لفقراء الرّوح: عدم الهدر. يُظهر لنا يسوع أهمّيّة عدم الهدر، على سبيل المثال بعد أن كثّر الخبز والسّمك، عندما طلب من تلاميذه أن يجمعوا ما فضل من الكسر لئلّا يضيع شيء منه. يسمح لنا عدم الهدر بأن نُقدِّر قيمة أنفسنا والأشخاص والأشياء. ولكنّه لسوء الحظّ، مبدأ غالبًا ما يتمّ تجاهله، لاسيّما في المجتمعات الأكثر ثراءً، حيث تهيمن ثقافة الهدر والتّهميش. لذلك أودّ أن أقترح عليكم ثلاثة تحدّيات ضدّ ذهنيّة الهدر.

التّحدّي الأوّل: عدم هدر العطيّة الّتي نحن عليها. كلّ واحد منّا هو خير، بغضِّ النّظر عن المواهب الّتي لديه. كلُّ شخص هو غنيّ ليس فقط بالمواهب، وإنّما بالكرامة أيضًا، إنّه محبوب من الله، وذاتُ قيمة وثمين. يذكّرنا يسوع أنّنا ننال الطّوبى لا لما لدينا وإنّما لما نحن عليه. لنكافح، بمساعدة الله، ضدَّ تجربة أن نعتبر أنفسنا غير مؤهَّلين، وغير مناسبين ونتحسَّر على أنفسنا.

ثمّ التّحدّي الثّاني: عدم هدر العطايا الّتي لدينا. يتَّضح أنّ حوالي ثلث إجماليّ إنتاج الغذاء يُهدر كلّ عام في العالم. وهذا بينما يموت الكثيرون من الجوع! لا يمكننا أن نستخدم موارد الخليقة على هذا النّحو؛ وإنّما علينا أن نحفظ الخيور ونشاركها، لكي لا يفتقر أحد إلى ما هو ضروريّ. لا نهدرنَّ ما لدينا، وإنّما لننشر إيكولوجيا عدالة ومحبّة! وأخيرًا التّحدّي الثّالث: عدم تهميش الأشخاص. تقول ثقافة الهدر: أنا أستخدمك ما دُمتُ بحاجةٍ إليك؛ وعندما أفقدُ اهتمامي بكَ أو تصبحَ عائقًا في طريقي، أرميك بعيدًا. هكذا تتمُّ معاملة الأشخاص الأشدَّ ضعفًا: الأطفال الّذين لم يولدوا بعد، والمسنّون، والمعوزون والفقراء. لكن لا يمكن التّخلّص من الأشخاص أبدًا! كلّ فرد هو عطيّة مقدّسة وفريدة من نوعها، في كلّ عمرٍ وفي كلِّ وضع. لنحترم الحياة ونُعزّزها على الدّوام!

أضاف الأب الأقدس يقول أيّها الإخوة والأخوات الأعزاء، لنسأل أنفسنا بعض الأسئلة. أوّلاً  كيف أعيش فقر الرّوح؟ هل أعرف كيف أفسح المجال لله، هل أؤمن أنّه خيري وثروتي الحقيقيّة العظيمة؟ هل أؤمن أنّه يحبّني أم أنّني أستسلم للحزن متناسيًا أنّني عطيّة؟ ومن ثمَّ: هل أنا متنبِّه لكي لا أهدر، هل أنا مسؤول في استخدام الأشياء والخيور؟ وهل أنا مستعدٌّ على مشاركتها مع الآخرين؟ وأخيرًا: هل أعتبر الأشخاص الأكثر هشاشة عطايا ثمينة يطلب منّي الله أن أحافظ عليها؟ هل أتذكّر الفقراء والّذين قد حُرِموا من الضّروريّ؟

لتساعدنا العذراء مريم، امرأة التّطويبات، لكي نشهد لفرح بأنّ الحياة هي عطيّة ولجمال أن نجعل من أنفسنا عطايا للآخرين".

وبعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، بلغتني بألم شديد الأخبار القادمة من الأراضي المقدّسة، ولاسيّما خبر مقتل عشرة فلسطينيّين، بينهم امرأة، خلال العمليّات العسكريّة الإسرائيليّة لمكافحة الإرهاب في فلسطين؛ وما حدث بالقرب من القدس مساء الجمعة عندما قُتل سبعة يهود إسرائيليّين برصاص فلسطينيّ وجُرح ثلاثة اثناء مغادرتهم الكنيس. إنّ دوّامة الموت الّتي تتزايد يومًا بعد يوم لا تفعل شيئًا سوى إطفاء بصيص الثّقة الموجودة بين الشّعبين. منذ بداية العام، قُتل عشرات الفلسطينيّين في معارك مع الجيش الإسرائيليّ. أناشد الحكومتين والجماعة الدّوليّة لكي يجدوا، على الفور وبدون تأخير، مسارات أخرى تشمل الحوار والبحث الصّادق عن السّلام. لنُصلِّ من أجل هذا أيها الإخوة والأخوات.

أجدد من ثمَّ ندائي بخصوص الوضع الإنسانيّ الخطير في ممرّ لاتشين في جنوب القوقاز. أنا قريب من جميع الّذين يضطرون، في منتصف الشّتاء، إلى مواجهة هذه الظّروف اللّاإنسانيّة. من الضّروريّ أن يُصار إلى بذل جميع الجهود على صعيد دوليّ من أجل إيجاد حلول سلميّة لصالح الأشخاص.

يُصادف اليوم، اليوم العالميّ السّبعين لمرضى البرَص. لسوء الحظّ، لا تزال وصمة العار المرتبطة بهذا المرض تؤدّي إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في أنحاء مختلفة من العالم. أعبّر عن قربي من جميع الّذين يتألَّمون وأشجّع على الالتزام من أجل الإدماج الكامل لإخوتنا وأخواتنا هؤلاء."