الفاتيكان
08 أيار 2023, 05:55

البابا فرنسيس: يسوع نفسه هو الطّريق الذي علينا اتّباعه لكي نعيش في الحقيقة

تيلي لوميار/ نورسات
قبل تلاوة البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة إفرحي يا ملكة السّماء مع المؤمنين في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان، ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"إنّ الإنجيل الذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا اليوم هو مأخوذ من الخطاب الأخير ليسوع قبل موته. إنّ قلوب التّلاميذ مضطربة، لكن الرّبّ يوجّه لهم كلمات مطمئنة، ويدعوهم لكي لا يخافوا: في الواقع، هو لا يتخلّى عنهم، ولكنّه ذاهب لكي يُعدَّ لهم مكانًا ولكي يقودهم نحو هذا الهدف. وهكذا، يشير الرّبّ اليوم لنا جميعًا إلى المكان الرّائع الذي يجب علينا أن نذهب إليه، وفي الوقت عينه، يقول لنا كيف نذهب إلى هناك، ويُظهر لنا الدرب الذي يجب علينا أن نسلكه. هو يقول لنا إلى أين علينا أن نذهب وكيف نذهب إلى هناك.

أوّلاً إلى أين علينا أن نذهب. يرى يسوع اضطراب التّلاميذ وخوفهم من أن يتمَّ التخلي عنهم، تمامًا كما يحدث لنا عندما نُضطر للانفصال عن شخص نحبّه. فيقول: "إِنِّي ذاهِبٌ لأُعِدَّ لَكُم مُقامًا... لِتَكونوا أَنتُم أَيضًا حَيثُ أَنا أَكون". يستخدم يسوع الصّورة المألوفة للبيت، ومكان العلاقات والألفة. في بيت الآب - يقول لأصدقائه ولكلّ فرد منّا - هناك مكان لك، وأنتَ على الرُحب والسّعة، وسيتمّ استقبالك على الدّوام بدفء العناق، وأنا في السّماء لكي أُعدَّ لك مكانًا!

أيّها الإخوة والأخوات، هذه الكلمة هي مصدر تعزية ورجاء. إنَّ يسوع لم ينفصل عنا، بل فتح لنا الطّريق، واستبق هدفنا النّهائيّ: اللّقاء مع الله الآب، الذي يوجد في قلبه مكان لكلّ واحد منّا. وبالتّالي، عندما نختبر التّعب والضّياع وحتّى الفشل، لنتذكّر إلى أين تتجّه حياتنا. لا يجب أن نغفل أبدًا عن الهدف، حتّى لو كنا نخاطر اليوم بنسيانه، ونسيان الأسئلة الأخيرة، والأسئلة المهمّة: إلى أين نحن ذاهبون؟ إلى أين نسير؟ ما الذي يستحق أن نعيش من أجله؟ بدون هذه الأسئلة، نسحق الحياة في الحاضر فقط، ونعتقد أنّه علينا أن نستمتع بها قدر الإمكان وينتهي بنا الأمر بأن نعيش كل يوم بمفرده، بدون هدف وبدون مَرام. أمّا نحن فموطننا في السّموات، فلا ننسينَّ إذًا عظمة وجمال هذه الوجهة!

وبمجرّد أن نكون قد اكتشفنا الوجهة، لنسأل أنفسنا أيضًا، على مثال الرّسول توما في إنجيل اليوم: فكَيفَ نَعرِفُ الطَّريق؟ في بعض الأحيان، ولاسيّما عندما تكون هناك مشاكل كبيرة علينا مواجهتها ويكون هناك شعور بأنّ الشّرّ هو أقوى، قد نتساءل: ماذا يجب عليَّ أن أفعل، أيّ طريق يجب عليَّ أن أتبعه؟ لنصغِ إلى جواب يسوع: "أَنا الطَّريقُ والحَقُّ والحَياة". يسوع نفسه هو الطّريق الذي علينا اتّباعه لكي نعيش في الحقيقة وتفيض فينا الحياة. هو الطّريق وبالتّالي فالإيمان به ليس "مجموعة أفكار" علينا أن نؤمن بها، ولكنّه الدرب الذي علينا أن نسلكه، والرّحلة التي علينا أن نقوم بها في مسيرة معه. إنّه اتّباع يسوع، لأنّه الطّريق الذي يقود إلى السّعادة التي لا تغيب. إتباع يسوع والاقتداء به، لاسيّما في تصرفات القرب والرّحمة تجاه الآخرين. هذه هي البوصلة لكي نصل إلى السّماء: أن نحبَّ يسوع، الطريق، ونُصبح علامات لمحبّته على الأرض.

أيّها الإخوة والأخوات، لنعش الحاضر ولكن لا نسمحنَّ له بأن يسحقنا؛ ولننظر إلى علوّ إلى السّماء، ولنتذكّر هدفنا، ونفكّر أنّنا مدعوّون إلى الأبديّة، إلى اللّقاء مع الله. ومن السّماء إلى قلوبنا، لنجدد اليوم اختيارنا ليسوع، خيار أن نحبّه ونسير خلفه. لتعضد رجائنا العذراء مريم، التي باتّباعها ليسوع قد وصلت إلى الهدف".