البطريرك ساكو: لنحافظ من التّقليد على الشّعلة وليس الرّماد
"ينبغي أن نقرّ بأن جيلاً جديدًا من الشّباب تشكّل على إثر سوشال ميديا social media وجائحة كورونا، وظهرت ثقافة مختلفة وعالم افتراضيّ مخيف.
راح هذا الجيل يرفع معظم الحواجز، ويتآلف بشكل سريع وعجيب مع شباب العالم، عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ بكل أشكاله من: "الفيديو كليب" وابلٌ، وتطبيق Tok Tik للفيديوهات الصّغيرة. وجعلت هذه الوسائل كلّ شيء سهل المنال والمحاكاة وفي لحظات.
حول هؤلاء الشّباب سجن الحجر البيتيّ، بسبب جائحة كورونا، إلى ساحة مفتوحة أمامهم، ومن دون اعتبارٍ أدبيّ أو عائليّ أو دينيّ. وخلقوا قرية رقميّة بينهم، وعالمًا لم نتعوّد عليه نحن الكبار.
ينصبّ اهتمامهم بشكل شبه حصريّ على الثّقافة العامّة، والمعرفة والعلاقة، والفنّ والموسيقى والصّحّة والاقتصاد، والانتقاد، ولا يبالون بالأدبيّات المألوفة، ولا يرون جدوى من السّجالات المذهبيّة والطّائفيّة، وقد قرّفهم الإرهاب والعنف باسم الدّين!".
وحثّ ساكو على اعتماد التّجديد لمعالجة الواقع المقلق، فأضاف: "هذا الواقع بحاجة إلى مراجعة جذريّة، إذ من الخطورة بمكان، ترك الأمور تنقلب إلى فوضى أخلاقيّة واجتماعيّة ودينيّة مغايرة للتّاريخ. وهنا أؤكّد أنّ للمرجعيّات الدّينيّة دورًا محوريًّا.
لا أعتقد أنّنا سوف نعود إلى كنائسنا مثلما كنّا، وسنتكلّم بنفس اللّغة، لأنّ الجيل الجديد لن يصغي إلينا. نحن اليوم نعيش في عالم مختلف عن العالم الّذي نشأنا فيه وكبرنا. علينا أن نعرف كيف نقدر أن نبيّن لهم أنّنا نحبّهم، ونريد أن نخدمهم بكلّ سخاء وبشكل صحيح.
هذا يتطلّب منّا أن نعيد النّظر في ثقافتنا وطرق خدمتنا الماضية وننفتح عليهم ونتفهمّهم، ونقدّم له منظومة تنشئة إنسانيّة وإيمانيّة سليمة ومثمرة، فنزرع فيهم الأمل والسّلام والأمان والحبّ والاحترام والفرح.
علينا أن نلعب دورًا أساسيًّا في خلق توازن روحيّ وأخلاقيّ جذّاب في حياة المجتمع الحاليّ.
وهذه بعض أفكار:
1. علينا أن نصيغ إيماننا في لغة معاصرة واضحة ومفهومة وجذّابة كما فعل آباء الكنيسة ولاهوتيّوها في زمانهم، والّتي باتت اليوم صعبة الفهم. علينا أن نحافظ من التّقليد على الشّعلة وليس الرّماد! أيّ نحافظ على الرّوح وليس الحرف.
2. علينا أن نشهد بكلّ محبّة وتواضع وشفافيّة وصدق لتعليم المسيح (فرح الإنجيل)، وأن نخدمهم بسخاء وتجرّد حتّى يأتي تعليمنا شهادة.
3. هذا التّأوين ينبغي أن يكون في متناول الجميع بكلّ صدق وصفاء واحترام، لأنّ الكنيسة هي للكلّ وليست فقط للمسيحيّين.
4. تعزيز قيم الأخوّة البشريّة والتّضامن، وأن نكون صوتًا قويًّا ومدافعًا عن كلّ إنسان مظلوم ومنكوب ومعذّب على أرضنا، ومن دون استثناء.
5. تنظيم برنامج نفسيّ وروحيّ مناسب لمساعدتهم للتّخلّص من تداعيات جائحة كورونا والضّغوطات الّتي سبّبتها."
