العراق
29 كانون الثاني 2020, 11:25

ساكو: الدّعوة هي ثمرة نداء خاصّ وجواب شخصيّ حرّ

تيلي لوميار/ نورسات
نشر موقع بطريركيّة بابل للكلدان ما كتبه البطريرك مار لويس روفائيل ساكو عن الدّعوة والزّواج والبتوليّة الكهنوتيّة، وجاء في نصّه:

"الدّعوة شعور عميق عند الإنسان، يدفعه إلى تكريس حياته لها، فتصبح قضيّته الأولى، ويبرمج حياته عليها. نجد في الكتاب المقدّس رجالاً ونساء مدعوّين للقيام برسالة خاصّة، ويمنحهم الله النّعمة الكافية للقيام بها. الدّعوة هي ثمرة نداء خاصّ وجواب شخصيّ حرّ. وكلّ واحد، يختار وفق أطره وظروف حياته النّمط الّذي به يحقّق دعوته ورسالته. وهذا يتمّ من خلال التّفكير والصّلاة والإرشاد. الدّعوة هي إمّا للتّكريس في سرِّ الزّواج المقدّس للشّركة وتكوين عائلة، أو في نوع آخر من التّكريس الكامل للخدمة الكهنوتيّة، أو الحياة الرّهبانيّة. ومن واجب الكنيسة أن تهتمّ بتمييز الدّعوات، وتنشئة المدعوّين تنشئة انسانيّة، واجتماعيّة سليمة، ولاهوتيّة وروحيّة وراعويّة، فضلاً عن مرافقتهم ومساعدتهم على تحقيقها. إنّ قضيّة الدّعوة الكهنوتيّة قضيّة دقيقة وحسّاسة، لذا أشدّد على أهمّيّة التّنشئة، والتّنشئة المستدامة حتّى بعد التّكريس.

والزّواج دعوة لتأسيس أسرة، وليس كلّ واحد قادر على ذلك، بالرّغم من أنّ الزّواج "سُنَّة الحياة"، أيّ هو من صلب الطّبيعة البشريّة. الزّواج يعني أنّ الرّجل والمرأة، خلق كلّ منهما من أجل الآخر، ليكونا سعيدين بوجودهما معًا ويؤسّسا عائلة سعيدة. الزّواج أمر رائع بطبيعته، والعزوف عنه هو أمر يتخطّى الحالة الطّبيعيّة إلى حالة فوق الطّبيعيّة، بهدف التّفرّغ الكامل لخدمة غير مجزّأة، كما في الكهنوت المتبتّل. وهنا على المدعوّ أن يعرف كيف يتعامل مع هذا الواقع اليوميّ، وكيف يوجّه نشاطه كلّه نحو دعوته– القضيّة.

أمّا البتوليّة الكهنوتيّة فهي نظام وتشريع كنسيّdiscipline وليس عقيدة dogma. نجد في الكنيسة الأولى كهنة متبتّلين وكهنة متزوّجين. واليوم، لا يزال العديد من كهنة الخورناتParishes في الكنائس الشّرقيّة الكاثوليكيّة متزوّجين، وهكذا في الكنائس الأرثوذكسيّة. والكنيسة الكاثوليكيّة اللّاتينيّة قبِلَت مؤخّرًا أشخاصًا من إكليروس الكنيسة الأنكليكانيّة، كانوا متزوّجين ورسمتهم كهنة.

من المؤكّد أنّ مفهوم الزّواج و"العلاقة الحميمة" بين الزّوجين تطوّر عمّا كان في الأدبيّات القديمة. وعلى الكنيسة أن تقرأ الواقع بنظرة جديدة وعلى ضوء الحاجات الحاليّة ومتطلبّات المؤمنين. الزّواج مقدّس، والكاهن المتزوّج يقدّم شهادة أسرة مسيحيّة... والبتوليّة الكهنوتيّة تجد جذورها في سرّ المسيح والكنيسة. ثمّة من هو مدعوّ إلى الكهنوت عبر الزّواج، وآخر إلى كهنوت التّبتّل، ولا يوجد انتقاص بين الحالتين ولا تفاضل، ولا يوجد كهنوت درجة أولى وكهنوت درجة ثانية. الكاهن المتبتّل والكاهن المتزوّج مدعوّان إلى عيش دعوتهما الكهنوتيّة بأمانة وفرح. إنّهما طريقان للخدمة الكهنوتيّة يتقاطعان ويتكاملان. أنا شخصيًّا عندما كنت مديرًا للمعهد الكهنوتيّ، كنت أطلب من الإكليريكيّين الرّاغبين في الكهنوت، الاختيار بين الكهنوت المتبتّل أو الكهنوت عبر الزّواج، وعندما صرت أسقفًا بقيت أرعى الدّعوتين. الحياة عندما نعبّر عنها بقناعة وبساطة في الحبّ والعطاء والخدمة والاعتماد على العناية الإلهيّة، تتحوّل إلى ينبوع عطاء وفرح، وأمامنا نموذج المسيح- القدوة."