العراق
31 آب 2020, 07:50

ساكو في رسامة أسقف زاخو الجديد: الكهنوت خدمة وليس مصلحة أو زعامة

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو مساءً، قدّاس رسامة أسقف زاخو الجديد فيليكس الشّابي، في كاتدرائيّة مار يوسف- الكرّادة- بغداد، بحضور رئيس أساقفة دياربكر وعموم تركيا رمزي كرمو، والمعاون البطريركيّ الفخريّ المطران شليمون وردوني، ورئيس أساقفة الموصل وعقرة ميخائيل نجيب ميخائيل، ولفيف من كهنة بغداد وبعض الرّاهبات وعدد قليل من المؤمنين بسبب كورونا الذّي تغيّب بسببه الأسقفان المعاونان باسيليوس يلدو وروبرت جرجيس لإصابتهما به، وعدد من الأساقفة بسبب الحظر الصّحّيّ.

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى ساكو كلمة توجّه في سطورها إلى الأسقف الجديد، فقال نقلاً عن موقع البطريركيّة الرّسميّ:

"سيّدنا فيليكس،

من القلب أهنّئكم  شخصيًّا، أنا وإخوتك الأساقفة فرحون أن تكون معنا في المصاف الأسقفيّ، وتعمل من أجل الكنيسة الكلدانيّة والكنيسة الجامعة وجميع النّاس. صلاتي لنجاحك في خدمة أبرشيّة زاخو العريقة.

كما يسعدني أن أُبارك بنات وأبناء الأبرشيّة بأسقفهم الجديد. وأطلب منهم الالتفاف حوله، والتّعاون معه لنهضة أبرشيّتهم .

بهذه المناسبة أشكر سيادة المطران ربّان القسّ الّذي خدم هذه الأبرشيّة بتجرُّد، والشّكر الموصول للمطران بشّار وردة الّذي خدمها من قَبلِهِ كمدبّر رسوليّ. ولا أنسى أبرشيّة الموصل الّتي خدمت فيها وأبرشيّة سان دييغو. كما أشكر المطران رمزي الّذي قدِمَ من تركيا  للاشتراك في هذه الرّسامة وكذلك المطران ميخائيل نجيب الّذي قدِم هذا الصّباح من كرمليس وقطع كلّ هذا الطّريق الشّاقّ. شكرًا.

يؤلمني أن يحرمنا وباء كورونا اللّعين من الاحتفال التّقليديّ البهيج والحضور الكثيف. ويحزُّ في نفسي أن يغيب المطرانان المعاونان  باسيليوس وروبرت بسبب إصابتهما بفايروس كورونا، نصلّي من أجل شفائهما وشفاء الأخوات الرّاهبات وكلّ المصابين. لنصلِّ  لانتهاء الجائحة، الّتي بسببها لم يتمكّن المطارنة الآخرون وأهلك من الحضور. ويحزنني ألّا يكون معك  في هذه الرّسامة مطرانان رشَّحناهما  لطهران وأُورميا، لكنّهما سحبا ترشيحهما، اُعبِّر لهما عن فائق احترامي لقرارهما المسؤول .

سيّدنا فيليكس،

أنت أمام صعوبات وتحدّيات جمّة، منها جائحة كورونا، والقرى الصّغيرة المبعثرة هنا وهناك، ونزيف الهجرة، وقلّة الكهنة، والبطالة والمشاكل الاجتماعيّة والمادّيّة.

أسأل الله أن يمنحك الحكمة والنّعمة لإدارة حسنة، فتثبت أنّك حقًّا خادم المسيح، وخادم الشّركة، وخادم الجميع، خصوصًا الفقراء. لي ثقة بأنّك على قدر المسؤوليّة، وأنّك ستوظّف كلّ ما عندك لنهضة الأبرشيّة والكنيسة وازدهارها. يقينًا، إنّك تحتاج إلى علاقات طيّبة مع الحكومة المحلّيّة، ومع الوجهاء ورجال الدّين المسلمين. فالأسقف ليس فقط للمسيحيّين، بل هو للكلّ، يزرع الفرح والسّلام والأمان والحبّ والاحترام. لا نقدر أن نكبر من دون محبّة الجميع والتّعاون معهم.

في الأبرشيّة أنماط وتقاليد عميقة ومتجذّرة من الصّعب تغيّرها، لكن ينبغي أن تأخذ في نظر الاعتبار الجيل الجديد والثّقافة الحاليّة الّتي تختلف عمّا كنّا نعيشه في قرانا أيّام زمان. التّحديث- التّجديد عمليّة شاملة لا يمكن اختيار جزء منها وترك البقيّة، وخصوصًا أنّ العالم بعد كورونا لن يكون مثلما كان قبلها!

لذا يستوجب توجيه الكهنة للقيام بالإرشاد وإلقاء محاضرات وتقديم خدمات بروحيّة الإنجيل، وبمحبّة وتجرُّد، ممّا يُحتّم ضرورة التّنشئة المستدامة، والمتابعة الشّخصيّة من قِبَلك، كأب وأخ وصديق. إنّ حلّ المشاكل يتمّ بالمحبّة والحكمة وباتّخاذ القرار الصّائب.

علينا أن نعيش ما نعِظ به، ليصبح تعليمنا شهادة. ولا يمكن أن يكرز كاهن بكلام يسوع ولا يعيشه. هذه العلاقة الوجدانيّة مع يسوع ينبغي أن تأخذ كلّ مساحة  كيان الكاهن، وفكره وذاكرته وقلبه ومشاعره. يعبَّر عنها بالصّلاة والاتّباع في تفاصيل الحياة اليوميّة وبثقة مطلقة، حتّى يغدو المسيح وكلامه نهج حياة، واستشهاد يوميّ.

الأساقفة والكهنة مدعوّون لكي يكونوا مثال المسيح على الأرض، متميّزين بخدمتهم الشّاملة، وعنايتهم الرّاعويّة الأبويّة وحكمتهم القياديّة وبساطتهم الإنسانيّة وفرحهم الإنجيليّ، ومجسِّدين صورته في الصّلاة وخصوصًا القدّاس- الإفخارستيّا والتّواري ليظهر "هو أيّ المسيح" وليس هم.  يجب ألّا ننسى أنّ الكهنوت خدمة وليس مصلحة أو زعامة.

إن شاء الله تكون راعيًا متميّزًا."