الفاتيكان
27 نيسان 2021, 12:30

في ذكرى الإبادة الأرمنيّة صلاة مسكونيّة في روما على نيّة السّلام في العالم

تيلي لوميار/ نورسات
أحيت بازيليك القدّيس برتلماوس في روما ذكرى شهداء الإبادة الأرمنيّة، في صلاة مسكونيّة ترأّسها رئيس المجلس البابويّ لوحدة المسيحيّين الكاردينال كورت كوخ، رُفعت خلالها الصّلاة على نيّة السّلام في العالم.

شارك في الصّلاة رئيس مجمع الكنائس الشّرقيّة الكاردينال ساندري وممثّلون عن الكنائس الأنغليكانيّة، الرّومانيّة الأرثوذكسيّة، اللّوثرية والميتوديّة، وجماعات مسيحيّة أخرى في روما.

تخلّلت الاحتفال عظة للكاردينال كوخ توقّف في مستهلّها عند الكلمات الّتي قالها الرّبّ يسوع لتلاميذه أيّ أنّه توجد في بيت الآب منازل كثيرة، وهذه العبارات تعكس هدف حياتنا البشريّة، أيّ أنّ مسيرة حجّنا الأرضيّ ستصل إلى وجهتها وتمامها عندما سنمكث لدى الله، ونعيش بشركة معه إلى أبد الآبدين. وقال بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّنا كمسيحيّين نُؤمن بأنّ هذا الوعد تمّ بالنّسبة لمن تبعوا يسوع بشكل مثابر وقاسموه مصيره. وأتحدّث هنا عن الشّهداء. لقد حوّل الرّبّ يسوع العنف الّذي تعرّض له إلى حبّ، ووهب حياته على الصّليب فداء للبشر. فصليبه هو الحبّ بأقصى حدوده. ويسوع هو بالنّسبة لنا الشّهيد الأوّل. كما أنّنا نستطيع أن نشارك في هذا السّرّ الفحصيّ أيّ في آلامه وموته وقيامته، وهذا ما تبيّن من خلال القدّيس إسطفانوس أوّل الشّهداء المسيحيّين. فقد اقتدى هذا القدّيس بالمسيح، حتّى أنّه غفر لمن قتلوه، فسأل الله ألّا يحسب عليهم هذه الخطيّة، تمامًا كما طلب يسوع من الآب أن يغفر لمن صلبوه لأنّهم لا يدرون ماذا يفعلون.

إنّ الشّهيد المسيحيّ لا يبحث عن الاستشهاد بحدّ ذاته، بل إنّه يأتي نتيجة لأمانته وإيمانه بيسوع المسيح. فالإستشهاد المسيحيّ يتميّز بالمحبّة، لأنّ الشّهيد المسيحيّ يمارس انتصار الحبّ على الحقد والموت، ويعبّر عن محبّته تجاه الله والأخوة والأخوات، كما يقول المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني الّذي يتحدّث عن التّعبير الأسمى عن المحبّة، ليس فقط لدى الشّهداء المسيحيّين في الكنيسة الكاثوليكيّة إنّما أيضًا لدى باقي الكنائس والجماعات الكنسيّة المسيحيّة. وقد نما هذا الاستشهاد وسط المسيحيّين لاسيّما في مطلع القرن المنصرم، عندما كان التّاريخ شاهدًا على الدّماء الّتي ذرفها الشّهداء المسيحيّون الأرمن خلال عمليّات الإبادة، والّذين يتذكّرهم العالم اليوم. منذ ذلك التّاريخ صارت المسيحيّة عبارة عن كنيسة شهداء بشكل لم يسبق له مثيل إذ أنّ عدد الشّهداء المسيحيّين اليوم يتخطّى عدد شهداء القرون الأولى. فثمانون بالمائة من المضطهدين بسبب إيمانهم هم مسيحيّون. والإيمان المسيحيّ هو الأكثر اضطهادًا في عالم اليوم.

إنّ المسيحيّين لا يُضطهدون اليوم لأنّهم كاثوليك أو أرثوذكس أو بروتستنت. إنّهم يُضطهدون لأنّهم مسيحيّون. فالاستشهاد اليوم هو مسكونيّ، لذا ينبغي أن نتحدّث عن مسكونيّة الاستشهاد. وكان البابا يوحنّا بولس الثّاني قد تحدّث عن الاستشهاد المشترك في رسالته العامّة حول المسكونيّة "ليكونوا واحدًا". في مسكونيّة الشّهداء المسيحيّين يمكن أن نرى وحدة بيننا كمسيحيّين، ونأمل بأن يساعدنا الشّهداء المسيحيّون على إيجاد الشّركة التّامّة فيما بيننا.

إنّ الشّهداء الأرمن فتحوا أعيننا على هذا النّظرة العميقة، مع بداية قرنٍ طبعته حربان عالميّتان. وذكّرنا هؤلاء الشّهداء بأنّ الاستشهاد ليس ظاهرة هامشيّة في المسيحيّة بل هو في صلب الكنيسة. كما ينبغي أن يدرك كلّ مسيحيّ أنّ اتّباع الرّبّ يسوع قد يتطلّب الاستشهاد، الّذي هو تعبير أسمى عن المحبّة تجاه المسيح.  

إنّ الشّهداء الأرمن شهدوا لهذا البعد المسيحانيّ، وكأبناء أوّل بلد مسيحيّ في التّاريخ، ظلّوا أمناء لإيمانهم الرّسوليّ وقدّموا حياتهم من أجل المسيح. وإنّنا لواثقون أنّ هؤلاء وجدوا مسكنًا لهم لدى الله، ونحن نتوجّه إليهم ونطلب شفاعتهم كي يرافقونا في مسيرة حجّنا الأرضيّة، ويعزّزوا رجاءنا بأنّ الرّبّ يسوع يُعد لنا أيضًا منازل في بيت الآب."