العراق
16 تشرين الثاني 2023, 08:50

ماذا يقول البطريرك ساكو عن السّينوداليّة؟

تيلي لوميار/ نورسات
"من أجل كنيسة سينوداليّة: شركية ورسالة ومشاركة"، كان عنوان المحاضرة الّتي قدّمها مساءً بطريرك الكلدان مار لويس روفائيل ساكو في كلّيّة بابل للّاهوت ومعهد التّثقيف المسيحيّ في عنكاوا، توقّف فيها عند أهمّية السّينوداليّة لعيش الإيمان المسيحيّ في زمننا.

وفي هذا الإطار، قال ساكو نقلاً عن موقع البطريركيّة الرّسميّ:

"معنى مصطلح "سينودس"، موضوع الجمعيّة العامّة للسّينوداليّة، دور كلّ معمّد "من أجل كنيسة سينودسيّة".  

السّينوداليّة تعني السّير معًا كأخوة وأخوات على أساس المعموديّة، باحترام الأدوار والمسؤوليّات، بالعمل الجماعيّ وليس لعمل الانفراديّ. "السّير معًا" يُظهِر طبيعةَ الكنيسة كشعب الله الحاجّ والمبشّر بالإنجيل، والباحث عن خطوات عمليّة يدعوه الرّوح القدس إلى اتّخاذها لكي ينمو ككنيسة سينودُسيّة؟

العالم تغيّر والمجتمع تغيّر، والعقليّة تغيّرت والثّقافة، لذا يتعيّن على الكنيسة أن تراجع ذاتها ورسالتها ليتلاءم مع متطلّبات العصر ولا تعيش خارجًا عنه.

المرحلة الاولى للسّينوداليّة  

عقدت الدّورة الأولى للجمعيّة العامّة العاديّة السّادسة عشرة لسينودس الأساقفة في روما (1-29 تشرين الأوّل 2023) بمشاركة 364 كاردينالاً وبطريركًا واسقفًا وكاهنًا ومكرّسًا ومكرّسةً، وعلمانيّين نساء ورجالاً، يمثّلون الكنائس الكاثوليكيّة في العالم بمن فيهم مندوبو الكنائس والجماعات المسيحيّة واختصاصيّون. المرحلة الثّانية تكون في أكتوبر سنة 2024.

أراد البابا فرنسيس، في تحديد عنوان السّينودس: شركة ورسالة ومشاركة. ويدعو جميع المعمّدين (شعب الله) إلى السّير معًا لتجديد الكنيسة كما يريد الرّوح القدس، من خلال الإصغاء إليه، و التّفكير والتّحليل والحوار لتغدوالكنيسة أكثر سينوداليّة. رأينا خلال الإعداد للسّينودس وأثناءه، وجهات نظر مختلفة، منها محافظة ومنها تقدّميّة.  

قضينا شهرًا كاملاً في روما وكأنًنا طلًاب في المدرسة. نداوم صباحًا ومساءً بفرح وانشراح ورجاء. إختبرنا عمليًّا كيف نكون كنيسة سينودسيّة. وكيف نسير مًعا بالإصغاء والصّمت والحوار والتّمييز، والصّلاة والاهتداء. حضر البابا فرنسيس اللّقاءات العامّة.  

توزَّعنا على حلقات صغيرة بحسب اللّغات: الإيطاليّة والفرنسيّة والإنكليزيّة والإسبانيّة. كلّ حلقة فيها 11 أو 12 شخصًا، رجالاً ونساءً من كلّ القارّات، لتبادل الخبرات والآراء. وغيّرنا الحلقات بعد نهاية كلّ أسبوع، في سبيل التّعارف على عدد أكبر من المشاركين. كنّا إخوة وأخوات في عائلة واحدة هي الكنيسة، بالرّغم من تنوّع المسؤوليّات، وشاركنا الهموم والآمال. كلّنا جزء من الكنيسة الّتي عليها أن تستجيب للمتغيّرات بطريقة واضحة وعمليّة، مستثمرة المواهب لدى المعمّدين لبنائها، من دون حواجز، ولا طبقات، فالكنيسة هي للجميع وأبوابها مفتوحة للجميع، ولا يوجد أحد غريب.

المواضيع المهمّة الّتي ركّز عليها المشاركون هي:

1. على الكنيسة أن تقدّم تعليمها (إيمانها) بكلام بسيط، ومفردات مختارة مفهومة..

2. اللّيتورجيا والقوانين القديمة والبنى تحمل نواة للّيتورجيا جديدة وقوانين جديدة وتنظيمات جديدة تحافظ على وديعة الإيمان و تتلاءم مع متطلّبات الحاضر.

3. مراجعة ممارسة المسؤوليّة والسّلطة في الكنيسة، وهيكليّاتها، وإيجاد هيكليّات جديدة تجد جذورها في العهد الجديد والتّقليد الكنسيّ لتجنّب الممارسات المشوّهة.

طبيعيّ أنّ هذا الهدف المنشود يتطّلب نضوجًا ومسيرة طويلة، مسيرة اهتداء بقيادة الرّوح القدس، مسيرة فرح ورجاء، بالإصغاء إلى صوت الله، والصّمت والصّلاة، والحوار الصّادق، والتّمييز، في سبيل حمل رسالة المسيح إلى البشر أينما كانوا.

خلاصة الاجتماعات الّتي جاءت بأربعين صفحة:

أهمّيّة التّنشئة لكلّ شعب الله، أيّ جميع المعمّدين، خصوصًا في المدارس الإكليريكيّة والجامعات والمعاهد وأديرة المكرّسين والمكرّسات والأخويّات…..

– التّبادل الإيجابيّ بين الشّرق والغرب، خصوصًا بين الكنائس الشّرقيّة والكنائس الغربيّة. وجود الكنائس الشّرقيّة، كنائس الشّهداء، بشكل أوسع إلى حدّ ما، كان مهمًّا جدًّا.

– إحياء وتنشيط البنى الكنسيّة الموجودة على المستويات الرّعائيّة كافّة: الأبرشيّة والإقليميّة والقارّيّة، وتعزيز التّعاون في ما بينها.

القسم الثّاني من وثيقة العمل، ركّز على محاور: شركة ورسالة ومشاركة.  

– المحور الأوّل الشّركة communion تنبع من سرّ الثّالوث الأقدس ويحتفل بها في اللّيتورجيا، وهي عطيّة من الرّوح القدس.  

– خدمة المحبّة: حضور نبويّ، وتضامن مع الفقراء والمهمّشين بتواضع على مثال المسيح في غسل الأرجل.

– ضرورة تنشئة المعمّدين على التّمييز العلاقة المتبادلة بين المحبّة والحقيقة وتعميقها..  

– المحور الثّاني الرّسالة مسؤوليّة مشتركة: الجميع مسؤولون عن حمل رسالة الكنيسة (التّبشير).

– كهنوت الخدمة مرتبط أيضًا بكهنوت المعمّدين في الُبعد الإرساليّ. من هنا أهمّيّة تعميق المفاهيم اللّاهوتيّة والكنسيّة للخدمات المختلفة وتوضيحها.  

- خبرة الكنائس الشّرقيّة. خبرة خدمة الكهنة المتزوّجين يمكن أن تحلّ جانبًا من أزمة الدّعوات، لكن لا ينبغي أن تُلغي حقذ العزوبة الكهنوتيّة لمن يرغب والّتي سمين بحسب التّقليد "الاستشهاد الأبيض".

– على الأسقف أن يكون أكثر خدمًة وأقلّ إدارة، على صورة المسيح الخادم، وأن يكون أبًا وأخًا وصديقًا أكثر منه قاضيًا.  

الأسقف ليس إنسانًا خارق العادة، إنّه إنسان له هشاشته مثل بطرس، المهمّ أن يحبّ يسوع ويحبّ خاصّته ويبذل ذاته من أجلها. قدّم بعض الأساقفة شهادة عن عبء الإدارة والشّعور بالوحدانيّة في خدمتهم..

– تقدير مواهب الحياة المكرّسة في حياة الكنيسة وتوضيح الالتزام المطلوب من المكرّسين والمكرّسات في الخدمات الكنسيّة.  

- دور العائلة (الكنيسة المنزليّة) والأخويّات والحركات الشّبابيّة والمنظّمات الكنسيّة.

– ضرورة التّنشئة المؤمنين ومن ضمنهم الأساقفة والكهنة، على المشاركة في مسؤوليّة رسالة الكنيسة وعلاقتها مع المسيح، وأن تكون ملائمًة لواقع الكنيسة المحلّيّة.

– خدمات كثيرة يمكن أن يعهد بها إلى العلمانيّين تبعًا للمواهب المعطاة لهم من الرّوح القدس.

– حول وضع المرأة في الكنيسة ومشاركتها في حياة الكنيسة. إمكانيّة رسامة شمّاسات إنجيليّات كما كان في الكنيسة الأولى، لكن ينبغي العودة إلى الأسباب اللّاهوتيّة، وليس فقط إلى عقليّة التّمييز بين الجنسين.  

– أهمّيّة العالم الرّقميّ في رسالة الكنيسة.

المحور الثّالث حول "المشاركة والسّلطة في كنيسة سينودسيّة إرساليّة: الكلّ شريك في الكنيسة ومسؤول..

– إعتماد طريقة المحادثة بالرّوح القدس، وضع كلمة الله في الصّدارة، واتّخاذ الوقت اللّازم لسماعها، والتّأمّل بها والأقتسام الجماعيّ والصّلاة حولها، لكي تقودنا إلى الاهتداء.

– أولويّة الإصغاء. من يحمل مسؤوليّة أكبر عليه أن يكون المصغي الأكبر.

– هيكليّات وُبنى استشاريّة (المجالس على أنواعها حيث يجب أن تتمثّل كلّ المكّونات) لكي تكون مساحات تمييز ومشاركة.

– ضرورة التّدريب على التّمييز والمشاركة في المسؤوليّة.

– التّرابط بين السّينودسيّة والمجمعيّة وأوليّة خليفة بطرس في خدمة الوحدة في رسالة الكنيسة.

– السّلطة ليست امتيازًا، بل خدمة.. يجب محاربة روح الإكليروسيّة والبيروقراطيّة وممارسة المحاسبة والشّفافيّة.  

في الأسبوع الأخير تمّت مراجعة مسودّة خلاصة أعمال الدّورة الأولى للسّينودس، ومناقشتها واقتراح التّعديلات اللّازمة لإعادة الصّياغة."